قصة منتصف الليل: «سمر» صاحبة الراتب الضائع بين طفلتها و«الحشيش»
الإثنين، 04 مارس 2019 11:00 مإسراء بدر
اتكأت «سمر» على أريكتها ممسكة بهاتفها الصغير، تداعبه بأطراف أصابعها لتتأمل في صور تذكارية لصغيرتها، وفى كل صورة تراها لابتسامتها تتساقط دموعها ألما لفراقها، وبعدها تركت الهاتف وظل ذهنها يعيد إليها كعادته ما حدث لتبتعد صغيرتها عنها، فكانت الحياة الزوجية لـ «سمر» في البداية سعيدة للغاية يحكى ويتحاكى عنها الجميع رغم الصعوبات التي واجهتها ولكنها استطاعت احتوائها، كان أبرزها تعاطى زوجها المخدرات وحاولت كثيرا إبعاده عن هذه العادة ولكنها لم تتمكن من ذلك رغم وعود زوجها العديدة لها بالتخلص من هذه السموم.
ولكن بعد مرور عدة أشهر تدهورت الأمور وأصبحت سهرات زوجها وأصدقاءه تؤثر على وظيفته لعدم قدرته على الاستيقاظ مبكرا وهو ما تسبب في خصومات متكررة انتهت بالفصل من عمله، وتزايدت المسئولية على أكتاف «سمر» خاصة مع استقبال طفلتهما الأولى وسط الظروف المادية العصيبة فكان المنزل قائما على راتبها الشهري فقط أما زوجها فاكتفى بجلسته مع أصدقاءه فى المنزل يتسامرون على أدخنة الحشيش ويتلذذون بسموم المخدرات.
كل هذه الأمور عانت منها «سمر» ولم تشكو لأحد بل حاولت جاهدة أن توفر فرصة عمل لزوجها ولكن إهماله أطاح بجميع الفرص وقرر الجلوس فى المنزل لرعاية الطفلة على أن تخرج «سمر» للعمل ويستمتع براتبها وتوفير الأموال لشراء المخدرات، تحملت «سمر» كل هذا ولكن ذات ليلة من الليالى الأواخر فى الشهر ولم تملك «سمر» فى حقيبتها سوى مبلغ بسيط فى انتظار الراتب الشهرى، تعرضت طفلتها لإعياء شديد فأسرعت «سمر» لتخبر زوجها الجالس وسط الدخان، فلم تجد منه رد سوى «أنا عايز 200 جنيه ضرورى»
ولكن ما علاقة هذا الرد بخبر إعياء الطفلة هو ما لا تفهمه «سمر» من البداية ولكنها تفهمت الحقيقة وهى تستبدل ملابسها لاصطحاب الطفلة إلى الطبيب المختص، فاستوقفها زوجها وسألها عن كيفية توجهها إلى الطبيب وهى لا تملك أموال فى حقيبتها فأكدت له أنها ستتوجه بالطفلة على أقرب مستشفى فى حدود ما تستطيع دفعه، فسألها عن احتياجه لأموال للضرورة فصعقت «سمر» من طلبه فهو على علم بظروفها المادية وضرورة الذهاب للطبيب للاطمئنان على الطفلة ولكنه أعاد تأكيده عليها ولكن بأسلوب مختلف فقد وقف أمام الباب ومنعها من الخروج إلا بعد إعطاءه الأموال التى طلبها.
رفضت «سمر» طلبه بشدة وأصرت على الذهاب إلى الطبيب وفور عودتها وجدته يجلس والغضب يقفز من عينيه فتجاهلته فى بداية الأمر ولكنه من توجه لها ليخبرها بأنه سيتوجه لزيارة والديه ويريد الطفلة معه ليراعيها وقت انشغالها فى العمل، استنكرت «سمر» الحديث فى البداية ولكن وافقت لعلمها بأن والديه سيحافظان على الطفلة ولعل زوجها يحصل على الأموال التى يريدها من أبويه.
ولكن مر اليوم الأول ولم يأت الزوج للمنزل بالطفلة وظل على هذا الحال لعدة أيام فى كل ليلة يخرج بمبرر جديد لعدم عودته ولكن ذات يوم أخبرها بأنه سعيد بالإقامة فى منزل أهله فطلباته مجابة دون عناء والطفلة فى رعاية أبويه دون أن يتحمل مسئوليتها وأكد لها على قراره بعدم عودته والطفلة للمنزل إلا إذا وفرت له «سمر» الأموال الكافية للإنفاق على مصاريفه الشخصية والتى يكبرها مصاريف شراء المخدرات الخاصة به.
وقفت «سمر» عاجزة عن الرد ولكن فى هذه المرة قررت ألا تتنازل من أجل أنانية زوجها فقد أضاع أموالها على كيفه ولم يراع تعبها فى الحصول على هذه الأموال وحتى الطفلة حقوقها مهدورة لأن النسبة الأكبر من الراتب الشهرى الخاص بها تنفق على السموم وليس على رعاية الطفلة، فقررت ألا تنساق وراء حديثه وألا تستسلم لطلباته وهى على يقين على عدم قدرة أبويه لتحمل هذا الوضع طويلا وسيأتى اليوم الذى يشعرون فيه بالعبء وحينها لا يجد أمامه سوى خيارين فإما أن يتوقف عن تعاطى المخدرات أو أن يعود والطفلة إلى المنزل ليقدم لها الاعتذار، وقررت «سمر» أن تجلس وحيدة فى عش الزوجية وتتأمل يوميا فى صور طفلتها.