حماية مجانية
الأمر تغير تماما، فبعدما كانت الإدارات الأمريكية السابقة تناصر حلفاؤها ومن لديهم قواعدها العسكرية في كل شيء، تغير تماما، ما يؤكد تغير الأجندة الأمريكية، أبرز الأمثلة على ذلك، كان التوتر الحاد الذى شهدته العلاقات بين واشنطن وأنقرة، والتى تستضيف قاعدة "أنجرليك" العسكرية، على خلفيات عدة، أهمها التقارب التركى الروسى، والتهديدات التركية المتواترة بالهجوم على الميليشيات الكردية الموالية لواشنطن على الأراضى السورية ودعمها للإرهاب، بل والأكثر من ذلك أن الرئيس ترامب لم يتوانى فى فرض عقوبات على أنقرة بسبب تعنتها، قبل عدة أشهر، فى الإفراج عن القس الأمريكى المحتجز لديها أندرو روبنسون، ليجبرها على الرضوخ بعد ذلك وإطلاق سراحه.
ويمثل التوجه الأمريكى الجديد نحو التخفيف من قواعدها العسكرية فى العديد من مناطق العالم، امتدادا للسياسة الأمريكية القائمة على ضرورة اعتماد الحلفاء على أنفسهم، وهو ما بدا واضحا فى تدشين سياسة التحالفات الدولية، والتى بدأت فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما، عبر تأسيس تحالف دولى لدحض تنظيم داعش الإرهابى فى سوريا والعراق، على أن يقتصر دوره على تقديم الغطاء الجوى لقوات محلية وميليشيات، على غرار ميليشيات الحشد الشعبى فى العراق، وقوات سوريا الديمقراطية على الأراضى السورية، والتى تقوم بدورها بالعمليات البرية، بينما تقدم واشنطن الأسلحة وكذلك التدريب لهم فى المقابل.
بديل واشنطن
بات التعامل الأمريكي مع الحلفاء الجدد في مناطق الصراع مقتصرا على تقديم الدعم اللوجيستي والأسلحة، لمجابهة التهديدات المشتركة، بالإضافة إلى الاحتفاظ بعدد من المستشارين العسكريين، لتقديم رؤيتهم لطبيعة المخاطر التى يواجهونها وكيفية مواجهتها، بعيدا عن وجود عسكرى كبير فى الخارج، وهو الأمر الذى يتوافق إلى حد كبير مع رؤية ترامب المتحفظة تجاه الالتزامات العسكرية لواشنطن خارج الحدود.
الأمر بدا جليا في النموذج الفيتنامي، حيث اتجهت واشنطن نحو التقارب معها، فى إطار رغبتها لتطويق الصين، وفى سبيل ذلك اتخذت إدارة أوباما فى عام 2016، قرارا بإلغاء حظر توريد الأسلحة الأمريكية الفتاكة إلى هانوى، بعدما استمر لأكثر من 50 عام على خلفية الحرب التاريخية بين البلدين، وهو ما يمثل انعكاسا لبداية التوجه الجديد، الذى يبتعد تدريجيا عن الوجود العسكرى الدائم فى أراضى الحلفاء.