إله السوشيال ميديا VS القانون.. هل تكتب بريطانيا نهاية فيسبوك؟
الإثنين، 18 فبراير 2019 09:00 م
عندما ظهر فيس بوك كوسيلة تواصل اجتماعي كان لطيفا خفيفا يحقق التواصل الاجتماعي بمعنى الكلمة وهو الغرض الذي خلق من أجله.. وبمرور الوقت تحول إلى ساحة صراع سياسي بين أبناء الوطن الواحد وبين أبناء الأوطان، ثم تطور إلى ساحة للتجسس بمعرفة توجهات ورؤى الشعوب.
كما تحول إلى ساحة للتلقيح وتبادل السباب والخيانات الزوجية، وتمادت خطورة الموقع الأشهر في العالم حتى وصلت إلى الإرهاب فاستخدمه المارقون في التحريض على ضرب اقتصاديات دول وزعزعة استقرار أوطان ووسيلة رخيصة وسهلة لنقل التوجيهات المتطرفة وتصنيع القنابل والمتفجرات.
استنادا إلى ذلك يمكن القول بأن فيس بوك بات على حافة الهاوية مهددا بالانهيار بسبب الفضائح والأزمات التي يعانيها، خاصة وأنه يواجه موجة تصعيد جديدة، ذلك لدوره في انتهاك خصوصية المستخدمين والمتاجرة ببياناتهم من جهة، وتأثير تلك المنصات على وسائل الإعلام، ودور النشر، لانتهاكها حقوق الملكية الفكرية، ونشر محتوى دون مقابل، فضلا عن اقتسام سوق الإعلانات الرقمية مع الصحف الإلكترونية على مستوى العالم.
المواجهة الجديدة قادها أعضاء في البرلمان البريطاني، مؤكدين أن «فيس بوك» ينتهك قوانين خصوصية البيانات والمنافسة، ذلك في تقرير عن تضليل الموقع قال أيضا إن رئيس مجلس إدارة عملاق «السوشيال ميديا»، مارك زوكربيرج، قد أظهر ازدراءً للبرلمان بعدم الظهور أمامهم للإدلاء بشهادته.
وقالت لجنة الثقافة والإعلام والرياضة بالبرلمان البريطاني في تقرير نشر (الاثنين)، إن مجموعة هائلة من إيميلات «فيسبوك»، الداخلية التي راجعتها أظهرت أن منصة التواصل الاجتماعي قد انتهكت عن عمد ومعرفة قوانين المنافسة وخصوصية البيانات.
وذكرت شبكة «سي.إن.إن»، الأمريكية أن مجموعة الوثائق التي راجعتها اللجنة، وبعضها يتضمن مراسلات بين «زوكربيرج» والمسئولين التنفيذيين بالشركة، تنبع من دعوى قضائية تم رفعها في كاليفورنيا ضد «فيس بوك». وحصلت اللجنة على الوثائق في وقت متأخر العام الماضي من شركة صغيرة لتطوير التطبيقات تدعى (Six4Three) كانت وراء هذه الدعوى القضائية.
ووفقا للجنة، فإن الوثائق أظهرت أن «فيس بوك» كان على استعداد لتجاوز إعدادات الخصوصية الخاصة بمستخدميه من أجل نقل البيانات إلى مطوري التطبيقات. كما قال المشرعون البريطانيون أن الوثائق أظهرت أن الشبكة الاجتماعية استطاعت تجويع بعض مطوري البيانات وإجبارهم على ترك العمل.
وقال التقرير إن الشركات مثل: «فيس بوك» لا ينبغي أن يسمح لها بالتصرف مثل العصابات الرقمية في العالم الإلكتروني، ويعتبروا أنفسهم فوق القانون
وردا على التقرير، قالت شركة «فيس بوك»، إنها لم تخترق قوانين حماية البيانات أو المنافسة. وقال كريم بلانت، مدير السياسة العامة لـ«فيس بوك»، في بريطانيا، في بيان له، إن الشركة تدعم وجود تشريع فعال يتعلق بالخصوصية ومنفتحة أيضا إزاء التنظيم الهادف.
وعلى الرغم من أن «فيس بوك»، كان محور التركيز الرئيس للتقرير، إلا أن اللجنة البرلمانية البريطانية قدمت عدة توصيات أخرى تتعلق بكيفية مكافحة الأخبار الكاذبة والتضليل. ومن بين هذه التوصيات ضرورة إخضاع منصات التواصل الاجتماعي الأخرى لميثاق شرف إجباري، وضرورة قيام جهة تنظيمية مستقلة بريطانية بمراقبة شركات التكنولوجيا على أن تكون قادرة على البدء في الإجراءات القانونية ضدها.
كما أوصى التقرير بضرورة إجراء جهات مكافحة الاحتكار البريطانية لمراجعة شاملة لسوق الإعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة قيام المنظمين في المملكة المتحدة بالتحقيق فيما إذا كان «فيس بوك» قد شارك في ممارسات مناهضة للمنافسة، إلى جانب توصية للحكومة بضرورة مراجعة الانتخابات الأخيرة للبحث عن أدلة على التلاعب بالناخبين.
وفي بداية الشهر الحالي، أوصت المفوضة البريطانية دام فرانسيس كيرنكروس، وهي اقتصادية رفيعة وصحفية من مراجعتها فإنها أوصت بضرورة منح المنتجات الإخبارية الرقمية نفس الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة التي تتمتع بها الصحف الورقية، لمواجهة التأثيرات السلبية التي تسبب فيها فيس بوك على دور النشر والمؤسسات الصحفية داخل بريطانيا، مشيرة إلى أن موقع التواصل خلق «سوق غامض» للإعلانات الرقمية.
كانت العام الماضي، شهد تعرض «فيس بوك»، لموجة غضب عاتية، وفي المقابل، زعم البعض قدرة «فيس بوك» على الصموت أمام الفضائح، بفضل مليارات من المستخدمين والمعلنين الذين يضخون أموالا ضخمة للموقع لكن ذلك مردود عليه بأن عوامل مصدر قوة فيس بوك يمكن أن تختفى لكثرة الأزمات التى تضر بسمعة الشركة بين حين وآخر.
على أى حال توقع خبراء نهاية أسطورة «فيس بوك» وهيمنته على السوشيال ميديا، مشيرين إلى أن هذا المصير يتوقعه فيس بوك نفسه. ويعانى «فيس بوك» حاليا عدة أزمات بسبب التدخل فى الانتخابات، وما يتضمنه من معلومات خاطئة، وانتهاك الخصوصية، واختراق المحتوى وما يتضمنه من حض على الكراهية، وكل هذا دفع الخبراء للتنبؤ بنهاية هيمنة فيس بوك، قريبا وإزاحته من قمة «السوشيال ميديا».
وتوقع «ديفيد كيركباتريك» الذى كتب فى 2010 عن تاريخ فيس بوك، انهيار الموقع، مشيرا إلى نتيجة التلاعب فى الانتخابات مرعبة للغاية وقد تجبر المعلنين على التراجع. ويعد «فيس بوك» حاليا مركزًا اجتماعيًا للإعلانات، إذ يمتلك (2.23) مليار مستخدم، وقد تصل أرباحه في (2018) إلى (55) مليار دولار لكن كل هذه الأرباح يتوقع انهيارها مع ابتعاد الموقع الشهر عن منظومة القيم الأخلاقية والسياسية والاجتماعية.
قلق من جانب المستثمرين وملاك الأسهم فى فيس بوك بدا واضحا وفقا لخبراء على مستقبل الشركة، ما دفع بعضهم للمطالبة بإقالة «مارك زوكربيرج» من رئاسة الشركة ليصبح فقط المدير التنفيذى، ذلك أن سيطرته على الموقع من وجهة نظرهم يهدده ويضعف موقفه فى بعض القضايا الحساسة، خاصة بعد فشله فى التغلب على أزمات لاحقته مؤخرا.