مولانا العاشق في الفلانتين.. إليكم ما فعله الحب في شيوخ الإسلام

الخميس، 14 فبراير 2019 01:00 م
مولانا العاشق في الفلانتين.. إليكم ما فعله الحب في شيوخ الإسلام
أئمة عاشقون

مُلئت كتب التاريخ والأولين بقصص العشق، حكايات تروى عن رجال دين أصابتهم السهام، أفردوا لحالاتهم مدونات ومجلدات عن الهوى وأهله، وماذا فعلت بهم سهامه؟.
 
الشريف الرضي

واحد من هؤلاء الأسماء الشهيرة كان الشريف الرضي، نقيب الأشراف صاحب قصيدة «يا ظبية البان»، وهى قول فى الغزل والمحبة، حتى صار يضرب بها المثل، ويستشهد بها فى الاختيارات: «يا ظَبيَةَ البانِ تَرعى فى خَمائِلِهِ/ لِـيَهنَكِ الـيَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ/ الـمـاءُ عِـنـدَكِ مَـبـذولٌ لِـشارِبِهِ».

ابن عربى 
أما ابن عربي فحدث في العشق ولا حرج، يعرف الجميع الشيخ الصوفى الكبير، كثيرون يتناولون أقواله على محمل الرمز، ومن ذلك ديوانه الشهير ترجمان الأشواق، والذى لا يعرف البعض أنه كتبه فى مدح امرأة هى نظام بنت الشيخ أبى شجاع بن رستم الأصفهانى التى عرفها فى مكة سنة 598 هـ عندما قدم إليها لأول مرة قادمًا من المغرب.
 
يقول ابن عربى عن سبب تأليف الديوان «إنى لما نزلت مكة سنة خمسمائة وثمان وتسعين «1201 م»، ألفيت بها جماعة من الفضلاء، وعصابة من الأكابر الأدباء والصلحاء بين رجال ونساء، ولم أر فيهم مع فضلهم مشغولًا بنفسه، مشغوفًا فيما بين يومه وأمسه، مثل الشيخ العالم الإمام، بمقام إبراهيم، نزيل مكة البلد الأمين مكين الدين أبى شجاع زاهر بن رستم بن أبى الرجا الأصفهانى، تعالى، وأخته المسنة العالمة شيخة الحجاز فخر النساء بنت رستم».
 
ويضيف ابن عربى «وكان لهذا الشيخ، بنت عذراء، طفيلة هيفاء، تقيد النظر، وتزين المحّاضر، وتحير المناظر، تسمى بالنظام وتلقب بعين الشمس والبها، من العابدات العالمات السايحات الزاهدات شيخة الجرمين، وتربية البلد الأمين الأعظم بلا مّيْن، ساحرة الطرف، عراقية الظرف، إن أسهبت أتعبت، وإن أوجزت أعجزت، وإن أفصحت أوضحت. إن نطقت خرس قس بن ساعدة، وإن كرمت خنس معن بن زائدة، وإن وفت قصر السموأل خطاه، وأغرى بظهر الغرر وامتطاه. ولولا النفوس الضعيفة السريعة الأمراض، السيئة الأغراض، لأخذت فى شرح ما أودع الله تعالى فى خلقها من الحسن، وفى خلقها الذى هو روضة المزن، شمس بين العلماء، بستان بين الأدباء، حقة مختومة واسطة عقد منظومة. يتيمة دهرها، كريمة عصرها، سابغة الكرم».

كتب ابن عربي «أَحَبُّ بِلَادِ الله لِى، بَعْدَ طَيْبَةٍ/ وَمَكَّةَ وَالْأَقْصَـى، مَدِينَةُ بَغْدَانِ/ وَمَا لِى لَا أَهْوَى السَّلَامَ، وَلِى بِهَا/ إِمَامُ هُدَى دِينِى وَعَقْدِى وَإِيمَانِي/ وَقَدْ سَكَنَتْهَا مِنْ بُنَيَّاتِ فَارِسٍ/ لَطِيفَةُ إِيمَاءٍ مَرِيضَةُ أَجْفَانِ/ تُحَيِّى فَتُحْيِى مَنْ أَمَاتَتْ بِلَحْظِهَا/ فَجَاءَتْ بِحُسْنَى بَعْدَ حُسْنٍ وَإِحْسَانِ»

 
قصة أخرى تأخذنا إلى مولانا العاشق عبد الرحمن القس وسلامة مولدة من مولدات المدينة، أخذت الغناء عن معبدو ابن عائشة وجميلة ومالك بن أبى السمح وذويهم فمهرت، وإنما سميت سلامة القس لأن رجلًا يعرف بعبدالرحمن بن أبى عمار الجشمى من قراء أهل مكة، وكان يلقب بالقس لعبادته، شغف بها وشهر، فغلب عليها لقبه، واشتراها يزيد بن عبدالملك فى خلافة سليمان، وعاشت بعده.
 
والقس هو عبدالرحمن بن أبى عمار من بنى جشم بن معاوية، وكان منزله بمكة، وكان سبب افتتانه بها فيما حدثنى خلاد الأرقط قال سمعت من شيوخنا أهل مكة يقولون: كان القس من أعبدأهل مكة، وكان يشبه بعطاء بن أبى رباح، وأنه سمع غناء سلامة القس على غير تعمد منه لذلك. فبلغ غناؤها منه كل مبلغ، فرآه مولاها فقال له: هل لك أن أخرجها إليك أو تدخل فتسمع، فأبى. فقال مولاها: أنا أقعدها فى موضع تسمع غناءها ولا تراها فأبى، فلم يزل به حتى دخل فأسمعه غناءها فأعجبه. فقال له: هل لك فى أن أخرجها إليك؟ فأبى. فلم يزل به حتى أخرجها فأقعدها بين يديه، فتغنت فشغف بها وشغفت به، وعرف ذلك أهل مكة. فقالت له يومًا: أنا والله أحبك.
 
قال: وأنا والله أحبك.

عروة بن أذينة
أبو عامر عروة بن أذينة الليثى الكنانى، تابعى جليل، وشاعر غزل وفخر وشريف مقدم من شعراء المدينة المنورة وهو معدود فى الفقهاء والمحدثين وأحد ثقات أصحاب حديث رسول الله سمع من ابن عمر وروى عنه مالك بن أنس فى الموطأ وعبيد الله بن عمر العدوى.
 
«إنَّ التى زَعَمَتْ فُؤَادَكَ مَلَّها/ خلقت هواكَ كما خلقتَ هوىً لها/ فِيكَ الذى زعمتْ بِها وكلاكُما»

ابن حزم الأندلسى
الحب، أعزك الله، أوله هزل وآخره جد، دقت معانيه لجلالتها عن أن توصف، فلا تدرك حقيقتها إلا بالمعاناة»، لعل الكثير منا يفقد وصف الحب بالكلمات ويفقد الحروف أمام ذلك الشعور الروحانى البديع، لكن تبقى الكلمات السابقة، للعلامة الأندلسى ابن حزم، من أدق ما كتب العرب عن الحب والغرام.
 
والإمام ابن حزم الأندلسى، كان من أكبر علماء الأندلس وأكبر علماء الإسلام تصنيفًا وتأليفًا بعد الطبرى، وكان العلامة الراحل متكلمًا وأديبًا وشاعرًا وعالمًا بالحديث وناقدًا محللًا بل وصفه البعض بالفيلسوف، كما إنه فى الحب، شبه بالقديس فلانتين، فطالما بقيت رسائل «الأندلسى» فى كتابه الأشهر «طوق الحمامة»، واحدة من أكثر الكلمات التى تعبر عن الحب صدقًا وإحساسًا.
 
فى كتابه الأشهر «طوق الحمامة»، تناول الفقيه الأندلسى، مسائل عدة فى الحب، وحلل الرجل ما يدور فى قلوب المحبين، ونظرات العاشقين، وحدد ابن حزم، علامات الحب، حيث يقول: للحب علامات يقفوها الفطن، ويهتدى إليها الذكى، فأولها إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع، وهى المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها والمعربة عن بواطنها، فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب وينزوى بانزوائه، ويميل حيث مال كالحرباء مع الشمس.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق