سلامات يا بتوع الحريات
الأربعاء، 13 فبراير 2019 11:39 ص
قلب قانون الرقابة على الإنترنت في مصر الدنيا رأسا على عقب، عندما أقره مجلس النواب في يوليو من العام الماضي، يسمح للدولة بالإشراف على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ويعد أي حساب شخصي، أو أي مدونة، أو أي موقع على الإنترنت، يتابعه أكثر من 5000 شخص، منفذا إعلاميا يخضع لقانون الإعلام.
وفقا للقانون يمنح القانون الجديد جهات التحقيق المختصة حق حجب المواقع الإلكترونية إذا ما نشرت مواد تعد تهديدا "لأمن البلاد أو اقتصادها"، ويحظر القانون "نشر معلومات عن تحركات الجيش أو الشرطة، أو الترويج لأفكار التنظيمات الإرهابية، كما يكلف رؤساء المحاكم الجنائية بالبحث والتفتيش وضبط البيانات لإثبات ارتكاب جريمة تستلزم العقوبة، وأمر مقدمي الخدمة بتسليم ما لديهم من معلومات تتعلق بنظام معلوماتي أو جهاز تقني، موجودة تحت سيطرتهم أو مخزنة لديهم".
منذ إعلان القانون وإقراره اشتغلت "ملطمة" حقوق الإنسان والحريات، أفردت قنوات الإخوان وصفحاتهم على السوشيال ميديا ساعات في مهاجمة البلد، فيديوهات وبكائيات أُلفت بصياغة تخاطب المتشدقين بالحريات في الخارج من المنابر التركية التي هي في الأساس مقابر مفتوحة لكل المعارضين باعترافت الجهات الرسمية لأكبر نسبة اعتقالات في العالم وقمع للحريات.
وبالطبع لن تفوت منظمات حقوق الإنسان في الخارج هذه الفرصة الثمينة للكيل بمكيالين لمصر، فأخرجت القديم والجديد وراحت تنادي العالم بأن يغيثوا الشعب، بعيدا عن إغلاق المواقع التي كانت تبث مواد ظاهرها الرحمة ومن قبلها العذاب، ليس لها هدف سوى خلق بلبلة في الداخل وإثارة الفوضى، قبل أن ينبري مجلس النواب والمسؤولون في مصر للدفاع عن الخطوة التي طالما نادوا بها علها توقف سيل الحملات والهاشتاجات والتقارير مدفوعة الأجر بالملايين لتنفيذ الأجندة الإخوانية.
على طريقة أسد عليا وفي الحروب نعامة، كان هذا موقف المنظمات الأجنبية من قرار روسيا الأخير بتأييد من نواب روس لمشروع قانون يشدد القيود على الإنترنت لمواجهة التدخل الأجنبي، وجرت الموافقة على القراءة الأولى لمشروع القانون ضمن ثلاث قراءات في المجلس الأدنى من البرلمان المؤلف من 450 عضوا. وشبهت بعض وسائل الإعلام الروسية مشروع القانون بأنه "ستار حديدي" على الإنترنت.
ورغم أن الخطوة الروسية ضمنيا على المسار المصري نفسه مع تغيير في بعض الإجراءات للسيطرة الأكبر على نفوذ ونطاقات الإنترنت، إلا أن المتشدقين بالحرية اختفوا مع من اختفى داخل مؤسساتها، لأن المسألة ببساطة لا تندرج في أجندتهم مجرد التلويح بخطوة الدب الروسي وإلا كان هذا بمثابة اللعب في "عش الدبابير".
موسكو تعي جيدا خطورة الإنترنت وعدم السيطرة عليه على أمنها الوطني، والأمر بالنسبة لها صريح وواضح كبقية دول أوروبا "عندما تمس القضية أمنهم الوطني فلا عزاء للحرية".