بعد واقعة طبيب أسنان قنا.. جرائم هتك العرض من «اللمس» لـ«الحبس»

«تحرير محضر ضد طبيب أسنان بقنا أجرى كشف نساء لزوجته مخالفا التخصص»..كان هذا الخبر الأبرز خلال الساعات الماضية والذى أثار حفيظة الرأى العام بعد أن حرر مواطن محضرا ضد طبيب أسنان بمركز فرشوط شمال محافظة قنا، يتهمه بتوقيع كشف نساء لزوجته التى توجهت لعيادته للكشف، فأوهمهم بأن أسباب الام الأسنان التى تعانى منها، وجود التهابات فى المبيض، وقام بإجراء الكشف عليها، وقُيد المحضر برقم 198 لسنة 2019.

بينما السؤال الذى طرح نفسه عقب تلك الواقعة ما العقوبة التى يواجهها ذلك الطبيب وما هو نوع الإتهام الذى من المفترض أن يواجهه، وهل القانون فى الأساس تصدى لمثل هذه الوقائع أم لا؟..خاصة وأن الطبيب «مصطفى.م.ع»، طبيب أسنان، قام بتوقيع كشف نساء لسيدة، ذهبت إليه لتعرضها لبعض آلام الأسنان، فخبرها أسباب الألم يرجع إلى التهاب في المبيض، وكشف عليها فى هذا الجانب، بالمخالفة للتخصص الذى يعمل فيه. 

 المستشار القانوني محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا، ورئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، يقول أننا بصدد جريمة هتك عرض أُنثي وهى من الجرائم التي لها آثر سيئ على نفسية المجنى عليه لما فيه من تعدى غير مبرر على حرمة جسده والتي قرر لها القانون حماية خاصة لا يجوز انتهاكها، ومن ثم فإن الأمر بواقعة البلاغ المقدم من الشاكية ضد الطبيب، وبعد انهاء التحقيقات بمعرفة سلطة التحقيق المختصة وما تركن اليه في تحقيق هذا البلاغ من أقوال الشاكية وأقوال المشكو في حقه.

وكذا سماع أقوال الواقعة – بحسب «البدوى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» - سواء شهود إثبات أو شهود نفي، وكذا ما يعزز أقوال الشاكية من دلائل مادية مثل تقرير طبي بوصف ما لحق بها من أصابت مثلا جراء عملية التعددي عليها، وكذا ما تركن اليه النيابة العامة من طلب تحريات جهة البحث حول صحة الواقعة من عدمه، هي جميعها العناصر التي من خلالها سيتم اتخاذ القرار بإحالة المتهم إلي محكمة الجنايات المختصة في حاله ثبوت صحة البلاغ، أو حفظ البلاغ في حالة عدم ثبوت واقعة الإتهام في حق المتهم، وهو ما يفتح أمامك ملاحقتها قضائيا بدعوى البلاغ الكاذب العمدى والتشهير بناء على ما تقدمت به من بلاغ كيدي كاذب ضدك، وهو ما سوف يتضح بناء على ما تجريه النيابة العامة من تحقيقات وما تتخذه من قرارات بشأن هذ البلاغ، ومن ثم فإننا بحاجة إلي إلقاء مساحة أكبر من الضوء على جريمة هتك العرض، وحتى يتسنى لنا معرفة ما هي جريمة هتك العرض بشكل أكثر وضوح . 

النص القانوني لجناية هتك العرض : 

المادة 268 من قانون العقوبات .

كل من هتك عرض أنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين الى سبع، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز ابلاغ مدة العقوبة الى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معاَ يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة .

أركان الجريمة :

جريمة هتك العرض من الجرائم المعاقب عليا كجناية و تتطلب ركنان هما الركن المادي والقصد الجنائي بعنصرية العلم والإرادة .

الركن المادى لجريمة هتك العرض :

والركن المادي لتلك الجناية له عنصران هما :

الأول: فعل الجاني وهو المتمثل فى هتك عرض المجنى عليه .

والثاني: استعمال القوة أو التهديد فى سبيل تحقق مقصدة بهتك عرض المجنى عليه .

العنصر الأول : الفعل .

يتطلب الركن المادي في جريمة هتك العرض حدوث فعل من الجاني، وهذا الفعل منه يصل به الى المجنى عليها، فإن كان فعل الجاني لم يصل إلى المجنى عليها بل توقف على كونه فعل من جهته هو، بهذا لا يعد منه هتك عرض، ومثال ذلك كشف الجاني لعورته هو أو النظر بشهوة أو التلويح بيده بأي مظهر، أو أن يكره الجاني المجنى عليها أن تشاهده وهو يمارس الجنس مع طرف آخر فهذا لا يعد من قبيل هتك العرض لأن فعله لم يصل إلى المجنى عليها . – هكذا يقول «البدوى». 

إذا نخلص من هذا إلى أن جريمة هتك العرض تتطلب أن يكون قد حدث فعل من الجاني قد طال آثره إلى المجنى عليه وكان هذا الفعل بالمساس الجسيم بعورته، مما يخل بالحياء العرضي للمجنى عليه، وحيث أن هناك حد وخيط رفيع بين ما هو من قبيل هتك العرض وبين الفعل الفاضح فقد تبنت محكمة النقض معيار العورة الذى تبنت فيه: «أنه لابد وأن يستطيل فعل الجاني إلى المساس بجسم المجنى ويقع على عورته ويخدش عاطفة الحياء عنده».

ويقصد بالعورة اجزاء الجسم الداخلة فى خلقة الأنسان وكيانه والتي يحرص الفرد على صونها وحجبها عن الأنظار وقد كان اساس تحديد ما هو من العورات العرف السائد فى مكان وبيئة ارتكاب الواقعة لكون العورة تختلف باختلاف البيئات لكون لكل بيئة حضارة وثقافة تختلف عن حضارة بيئة أخرى .

معيار العورة الذى تبنته محكمة النقض كان هتك العرض يقوم بحالات ثلاث هي :

1-بمجرد كشف عورة المجنى علية ولم يكن قد حدث من الجاني مساس لها .

2-أو قيام المجنى علية بمساس عورة المجنى علية ولو لم يتم كشفها .

3-أو قيام الجاني بكشف عورة المجنى عليه والمساس بها .

ولكون هذا المعيار الذى تبنته محكمة النقض وهو معيار العورة قد أدى إلى أنه قد لا يكون من قبيل هتك العرض أفعال أخرى قد يأتيها الجاني لذا فقد قررت المحكمة أن معيار العورة لا يورد حصر الحالات التي تعد من قبيل هتك العرض ولكن جعلت تقدير ما يعد من قبيل هتك العرض من أفعال ماسة بالحياء العرض للمجنى عليه هو من سلطة محكمة الموضوع: 

ملاحظات فى الركن المادي للجريمة :

-هتك العرض لا عبرة فيه لجنس الجاني أو المجنى علية فاتحادهما فى الجنس أو اختلافهما لا يؤثر فى قيام الركن المادي لجريمة هتك العرض، فقد يكون كلاهما ذكورا أو أناثا أو أياَ منهم أنثى والأخر ذكر.

-لا يشترط حدوث اتصال جنسي تام فحصول ايلاج جزئي أو كلى في جريمة هتك العرض، لكون امكانية حصول الجريمة بين شخصين من جنس واحد سواء أنثى مع انثى أو ذكر مع ذكر، حتى لو كان بين أنثى وذكر فلا يشترط حدوث ايلاج .

-لا يشترط أن يترك فعل الجاني آثر في المجنى عليه على سبيل المثال لا يشترط أن تكون هناك سحجات أو آثار ضرب أو عنف أو سواء كان على المجنى عليه آثر لمنوى من عدمه أو كان المجنى عليه متعدد الاستعمال أو سواء كانت المجنى عليها أنثى ولم يفض غشاء بكارتها، فكل تلك امور ودلالات إن انتفت فلا يعنى ذلك عدم قيام الجريمة فلا مجال للدفع بذلك في انتفاء جريمة هتك العرض. 

-لا يشترط قيام الجريمة علانية فالعلانية والسر سواء في جريمة انتهاك العرض .

العنصر الثانى : القوة أو التهديد .

اشترط المشرع لقيام جريمة هتك العرض أن يكون الفعل المخل بالحياء العرضي للمجنى عليه مقترن بفعل القوة والتهديد .

والغاية التي عناها المشرع في اشتراط القوة والتهديد هي الاشتمال على كافة صور الجبر والعنف في الجريمة فلا يكون هناك مجال للتحدي بالفرار من الجريمة، فالقوة وأن كانت قوة تحدث ماديا باستعمال الضرب أو استخدام سلاح أو استخدام عدد من الأشخاص أو اى شكل من أشكال القوة فتلك أنواع على سبيل المثال التي تقع بها جريمة هتك العرض .

وحرصا من المشرع فقد ازاد على ذلك باستخدام التهديد حتى تشمل الجريمة ما ينطوي على الإكراه المعنوي فقد يستخدم الجاني اسلوب التهديد المعنوي أو الإكراه الأدبي أو المباغتة أو استعمال الحيلة «ومن قبيل استعمال الحيلة أن يوهم شخص المجنى علية بانة طبيب ويستطال بذلك موضع العفة منة»، مع المجنى عليه فى سبيل انتهاك عرضة .  

وفى العموم كل ما ينفى الرضا عند المجنى عليه يعد من قبيل العنف وحتى لو كان المجنى علية غير مدرك لتصرفاته أو في حالة غيبوبة فإن فعل الجاني إن استطال اخلال بالحياء العرضي للمجنى عليه فإنه يعد جريمة انتهاك عرض . 

القصد الجنائي في الجريمة :

اشترط المشرع توافر القصد الجنائي بعنصرية العلم والارادة فيتحقق القصد الجنائي متى كان الجاني على علم بحقيقة فعلة وأنه يقوم به بغرض الإخلال بالحياء العرض للمجنى عليه بدون رضاة فبذلك تنصرف إرادته الى الفعل واحداث النتيجة .

الشروع فى جريمة هتك العرض :

لكون العقوبة فى الشروع في جريمة هتك العرض هى نفسها ذات العقوبة في قيام جريمة هتك العرض بركنيها فان التصدي للشروع هنا لا جدوى منه الا للخروج من ان فعل الجاني لا يعد الا بكونه من قبيل جنحة الفعل الفاضح وليست جناية هتك العرض وهنا لابد من البحث عن القصد الجنائي للجاني لبيان ماذا كان فعله كان بقصد أن يتوغل به إلى الفحش بغرض الأخلال العرضي بحياء المجنى عليه من عدمه أم كان بغرض الوقوف عن هذا الحد من لمس العورة أو نزع السروال مثلا فإن أمكن ذلك تحولت الواقعة من جناية هتك عرض إلى جنحة فعل فاضح . 

العقوبة في جرائم هتك العرض :

نص المشرع على أن قيام جريمة هتك العرض أن وقعت تامة بركنيها المادي والمعنوي فإن الجاني يعاقب بجناية هتك العرض ويعاقب بالسجن لمدة من 3 إلى 7 سنوات، كما أن المشرع قد قرر العقوبة ذاتها إذا كانت الجريمة قد وقفت عند حد الشروع فيها .

الظرف المشدد للجريمة .

جريمة هتك العرض من الجنايات التي حدد لها المشرع ظروف مشددة لتشديد العقوبة والظروف المشدة لتلك الجناية ظرفان هما .

اولاً: اذا لم يبلغ المجنى علية سن 16 سنة ميلادية كاملة .

ثانيا: أن يكون المجنى عليه ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المدادة 267 وهم :

-أن يكون الجاني من أصول المجنى عليها وهم الجد والأب .

- أن يكون الجاني من المتولين تربية المجنى عليها سواء بحكم القانون مثل الوصي أو القيم أو بحكم الواقع مثل زوج الأم العم الأخ زوج الأخت أو الخال زوج العمة أو الخالة .

- أن يكون الجاني ممن لهم سلطة على المجنى عليها سواء كانت سلطة قانونية أو غير قانونية مثل سلطة رب العمل على العاملات او رئيس العمل على مرؤسيه من الإناث أو المخدوم على خادمته على مخدومة أو سلطة غير قانونية كمن يفرض الإتاوات على الغير أو من يرهب اناث له عليهم سلطان تنفيذ أوامره كالشحاذات أو المتسولات .

- أن يكون الجانى خادم بأجر سواء عند المجنى عليها أو عند اصولها أو المتولين تربيتها .

العقوبة فى توافر الظرف المشدد :

نص المشرع على ظرفين مشددين فى جريمة هتك العرض فاذا ما تتحقق آيا منهم دون الظرف الأخر كان الحكم بعقوبة الأشغال الشاقة الموقتة 15 سنة ولكن هذين الشرطين هما جوازيين لقاضى الموضوع إما أن يأخذ بهما أو يلتفت عنهما وهما . 

واذا ما اجتمع الظرفان المشددان في جريمة هتك العرض فان المشرع جعل العقوبة وجوبية بغير سلطة من قاضى الموضوع في ذلك وهى الأشغال الشاقة المؤبدة .

ملاحظات :

صدر المرأة ونهديها كلاهما تعبير لمفهوم واحد يعد من العورات تحرص دائما على عدم المساس به ، فإمساكه رغم عنها وبدون ارادتها بقصد الاعتداء علي عرضها هو ما يخدش حيائها ويمس عرضها ويعتبر هتك عرض

(الطعن رقم 11107 لسنة 61 ق جلسة 10/2/2000)

صور من جريمة هتك العرض من واقع أحكام محكمة النقض :

-إلقاء حمض الكبريتيك من قطارة بيد المجنى عليها على جيبة المجنى عليها مما يؤدى الى احتراق الجيبة وكشف جزء من اعلى الفخذ يعد هتك عرض .

-متى جثم الجاني على المجنى عليها ونزع عن جلبابها وادخل قصيبة من فتحة لباسها واخذ يحكه فى فرجها حتى امنى عليها فاستغاثت بوالدتها فهذا يشكل جناية هتك عرض.

-رضا من لم يبلغ السابعة من عمرة لا يعتد به .

-توافر الرضا عند المجنى علية ينفى وقوع جريمة هتك العرض وتكون مسائلة المتهم عنها ليس لها ادنى مبرر ولا مسوغ إلا أن الفعل أن كان علانيا وقد شاهدة الغير فانه يعد جنحة فعل فاضح .

-لا فرق أن يكون الفعل الذى يأتيه الجاني استطال جسم المجنى عليه عاريا كان أو مستورا بملابسة .

-كون المجنى عليه متكرر الاستعمال لا يمنع أن يقع عليه جناية هتك عرض .

-سكر المجنى عليه كافي لإثبات توافر ركن القوة .

-سكوت المجنى عليه لا يفيد كدليل رضاة على هتك عرضه .

-الفعل الذى يأتيه الجاني قد يكون لأرضاء شهوة أو انتقام .

-ملامسة الجاني بعضوة التناسلي بدبر المجنى عليها يعد هتك عرض.

-احتضان الجاني للمجنى عليها وطرحها أرضا دون خلع ملابسها يعد هتك عرض .

-احتضان الجاني للمجنى عليها وطرحها أرضا دون خلع ملابسها يعد هتك عرض .

-لمس الجاني لفخذ المجنى عليها وقرصها يعد هتك عرض .