الكتاب والمعادلة الصعبة
الأحد، 27 يناير 2019 03:01 م
يحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب باليوبيل الذهبي وبالرغم من الاقبال النسبي علي اجنحته وفعالياته الا ان ازمة القراءة والكتاب تظل من اهم ازمات الواقع الثقافي ليس في مصر ولكن في العالم العربي باسره فامة اقرا لا تقرا وان اردنا ان نقيس وعي وتقدم اي امة لا بد من القاء نظرة علي واقعهم الثقافي فتقدم الامم يقاس بقدر ما تحمله عقول الشعوب من وعى ورغبه فى المعرفه والعلم.
وازمة القراءة هي انعكاس لأزمة الثقافة في الوطن العربي ورغم احتلال مصر المرتبة الخامسة في ساعات القراءة أسبوعياً الا انه يظل العرب وفق احصائيات منظمة اليونسكو أقل أمة تقرأ حيث بلغ معدل ما يقرأه الفرد في العالم العربي سنويا ربع صفحة فقط.
فالقراءة آخر اهتمامات المواطن العربي حيث احتل الكتاب مرتبة متاخرة جدا من بين اهتماماتنا العربية في مؤشرات البحث بجوجل وكانت الموضوعات المتعلقة بالجنس والطبخ والفضائح علي راس ما يبحث عنه المواطن العربي ومقدار ما يتم تحميله من افلام واغاني يفوق بأضعاف مضاعفة ما يتم تحميله من كتب.
وأزمة الكتاب العربي ليست أزمة حرفة بل أزمة رسالة ووعي حضاري باهميتها فمع عصر الانفتاح الاقتصادي وطغيان قيم المادية والانتهازية التي حلت محل قيم التعلم والعمل في ظل انتشار التعليم الخاص الاجنبي وما ترتب عليه من ضعف مكانة اللغة العربية أغلق باب المعرفة ومفتاحه اقرأ وحالة من التراجع والتدهور الشديد للقراءة والمعرفة العامة.
ورغم ان الكتاب أهم أدوات الثقافة الا ان تحديات العصرهددت الكيان الثقافي بالهشاشة والاندثار واخطرها المنافسات الالكترونية الشرسة وتدني مستوي التعليم ويكفي أن72% من خريجي الجامعات لم يستعيروا كتابا واحدا من مكتبة الجامعة.
فشباب اليوم يري أن الكتاب اصبح تراثا من الماضي بسب ارتفاع أسعاره وهجوم التكنولوجيا عليه والأرقام مخجلة فالقراءة لم تعد عادة أصيلة كما كانت لأسباب عديدة منها عدم تأسيس الفرد تربويا ومدرسيا ومنهجيا على قيمة الكتاب. فالمدارس تكاد تخلو من المكتبات رغم دورها الهام لتاصيل تلك العادة وغياب دور الآباء كقدوة أولى لغرس بذور الاهتمام بالكتاب والقراءة.
والشريحة المهتمة بالقراءة الورقية تتقلص بعدما طغت القراءة الرقمية بشكل فوضوي وعشوائي وغير منضبط ومن تبقي منهم حريص علي تلك العادة اكتفي بتزيين رفوف مكتبته بها في ظل سيطرة الماديات وظروف الحياة الاجتماعية التي تستنزف الطاقة والوقت وكان الانفصال عن مجتمع المعرفة فالكتب حبيسة الرفوف وحيدة لاجليس لها هجرها محبيها ويبدو الجفاء واضحا حتى في قراءة الصحف الورقية وكاننا وقفنا موقف العداء لكل ما هو ورقي مما يؤكد أن القراءة تعيش وضعا بائسا.
فمجتمعات العالم الثالث مع ارتفاع اسعار الكتب تنازلت عنه مقابل الخبز نتيجة الحالة الاقتصادية حتي القادرين منهم لم يعد الكتاب ضمن الأولويات الكبرى للقوة الشرائية لهم ومن جانب اخر تخلي القادرين والمتعلمين المفترض أن يكونوا القاعدة الصلبة للقراءة ليصبحوا القاعدة العريضة للامية الثقافية العاجزة عن الإحساس بجدوى المعرفة الا من رحم ربي.
والسؤال ماذا فعلنا من أجل تصحيح وضعية الكتاب ومن أجل توسيع دائرة قرائه ومن أجل كتابه ومبدعيه فماعدا معارض الكتاب التي تقام ماهي مخططات اتساع مجالات المعرفة وتفعيل المشهد الثقافي والفكري لمواجهة عصر ثورة المعلومات وأسلحتها الموضوعية وما هي إستراتيجيتنا في جعل القراءة إلزامية لتلاميذ المدارس وطلاب المعاهد والجامعات.
ادرك تماما التحديات التي تواجه الدولة الا ان دعم الكتاب وتوفيره بأسعار مناسبة وبنسخات شعبية يجب ان يعود ضمن المشروعات القومية للنهوض بالمواطن المصري والعمل على ترسيخ ثقافة حب القراءة وألا يكون الكتاب المدرسي والجامعي المصدر الوحيد للمعرفة لأن تنوع مصادرها يضمن بناء مواطن متعدد الثقافات القادر على البناء متحصن ضد الافكار الهدامة وباعلان رئيس الدولة اهتمامه باعادة بناء الانسان من خلال ملفات عدة اهمها التعليم والصحة اتمني ان ينضم اليهما ملف الثقافة الذي يمثل قضية أمن قومي وحملة يجب ان يتبناها الاعلام لتثقيف الشعب المصري فاولي مراحل مواجهة التحديات هي تنمية الوعي العام.
وعندما كانت أمتنا تحمل مشعل الحضارة كان اجدادنا يقبلون على اقتناء الكتب وقراءتها على نور الشموع أما اليوم فقد أصبح الكتاب وحيدا لا جليس له فلنعيد فتح الكتاب من جديد ليدخل نور المعرفة إلى البيوت فيجلو العقول كما يدخل نور الشمس إليها فيجلو الأبصار.وللحديث باقية