دولة النور. دولة العدل. دولة الاستقرار
الأربعاء، 23 يناير 2019 03:31 م
كانت مصر مُهددة بالتقسيم إبان حكم الجماعة، بل بدأ تقسيم الغنائم بالفعل في أرض سيناء التي تطالعنا اليوم القوات المسلحة من أرضها ببيانات النصر، كان المُقدر لأهلها الفصل وتقسيم أبناء الشعب وأبناء الدين الواحد، وقبل ذلك بعقود كان التقسيم نهجًا أيضًا في مصر، لا يمارس بمعناه الملموس، ولكن كانت حزمة من السياسات المختلفة ولكل شريحة أو فصيل من الشعب سياسة خاصة للتعامل معه مختلفة عن غيره، تُطبق عليه ويحتكم بها، وكأنها عُرف، فالمواطنون لم يكنوا سواء، ولأننا تجرعنا التقسيم بكل أشكاله ومعانيه، أصبح الأم مختلفًا اليوم.
فلم يعد الأمر هكذا، لأن القيادة المصرية تبنت السياسة الموحدة، نبذت التفضيل والتفرقة والتعامل مع كل شريحة بسياسة مختلفة وقانون مختلف، تبنت المهنية في كل مواقفها في الشأن الداخلي والخارجي؛ وعلى ما يبدو أن تلك السياسة المهنية التي ترتكز على الحق والقانون ومصلحة الدولة في المقام الأول هي سر غياب الصدام العنيف بين سلطات الدولة التنفيذية والمواطنين في أحداث إخلاء الكثير من الأماكن - مؤخرًا- مثل نزلة السمان وكبائن المنتزه.
وعلى الرغم من اختلاف فئات المجتمع وطبقاته الاجتماعية، المقتدر والبسيط، فقد بات في وعي الجميع أن الكل سواء، واستطاعوا استيعاب سياسة الدولة التي تعمل بصيغة الجمع لا المفرد مما امتص كثيرًا من الغضب الشعبي الذي كان من الممكن أن يحدث في عقود سابقة إذا اتخذت القيادة آنذاك مثل تلك القرارات الجريئة، التي - حتمًا- كانت ستُقابل برد فعل عنيف.
فاتخاذ مثل تلك القرارات التي تتسم بالجرأة، لايعنى فقط أن الشعب بات يدرك أن الدولة تعمل لصالحه دون تعسف أو ظلم، ولكن تعنى أن يد الدولة لم تعد مرتعشة، لا تستجيب لضغط الرأي العام إذا مال لرأى غير سديد ذات مرة، فهي صاحبة حق وصاحب الحق لا يخشى ولا يرتعش.
بالفعل تأخرت تلك القرارات والإخلاءات واسترداد حق الدولة في الشواطئ والممتلكات والآثار والمناطق الأثرية، تأخرت لعقود، ولكن مع بداية العهد الجديد وضعت تلك الأولويات في خارطة طريق الدولة المصرية وبدأت تتسلسل زمنيًا والآن تؤتي ثمارها.
كان هذا التسلسل الزمني تمهيدًا استطاع أن يتسلل لوعى كل مواطن مصري ويجهزه لتفهم كل ما سوف تقوم به الدولة من تغيير كامل، ففي البداية أفصحت الدولة عن نيتها في التغيير والاستفادة من كل شبر في أرض مصر، أفصحت عن طموحها الجامح ورغبتها في التفوق على ذاتها، وإقامة المشاريع القومية العملاقة، ثم بدأت بالتخلص من العشوائيات منطقة تلو الأخرى حتى أدرك المواطن الفارق بين العشوائيات والمساكن الجديدة، ثم اتجهت للأماكن السياحية مثل تطوير منطقة الأهرامات والمنتزه وغيرها.
أن الدولة المرتعشة التي لا تنتهج الحق هي التي تخشى أي رد فعل شعبي، هي التي تتراجع وتتراخى سريعًا وتتخاذل عن حقها، هي التي تتخلى عن قرارات ضخمة من أجل ستر ضعفها وخوفها ولا تستطيع توحيد سياساتها ومعاملتها مع الشعب، هي التي تترك حق الدولة مستباح من أجل المقايضة على بقاء نظامها.
فالنور انتشر في ربوع الدولة المصرية بعد سنوات مظلمة، فأرسى العدل وفى طريقنا إلي الاستقرار المنشود.