علشان ما يتنصبش عليك.. دعوى صحة ونفاذ عقد البيع من الشروط إلى أحكام النقض
الثلاثاء، 22 يناير 2019 09:00 ص
«قمت بشراء قطعة أرض زراعية من أحد الأشخاص وتم تحرير عقد بيع ابتدائي بيننا تضمن شروط البيع وطريقة سداد قيمة الأرض علي أقساط شهرية، وبالفعل تم سداد كامل الثمن بانتظام وفقاً لشروط العقد، إلا أن البائع عقب سدادي كامل الثمن رفض الحضور معي لمكتب الشهر العقاري المختص للتوقيع على عقد البيع النهائي ونقل الملكية إلي بشكل نهائي»..بهذه الكلمات سردت السيدة «م.ن» معاناتها لـ«صوت الأمة».
وتابعت: «وأنا أخشى أن يقوم ببيع الأرض إلى شخص آخر، يا ترى ما حجية العقد الذى بحوزتي وهو عقد ابتدائي، وما هي كيفية تسجيل ملكيته بالشهر العقاري؟».
ويجيب علي تلك الأسئلة والاستفسارات المستشار القانوني محمود البدوي المحامي بالنقض والدستورية العليا، ورئيس الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، قائلاَ: «عقد البيع الابتدائي الذي بيدك هو حجة فيما بين طرفي التعاقد، ومن ثم لا يحق له التصرف بذات الأرض بالبيع مرة أخرى وإلا سيتعرض لتهمة النصب لقيامه ببيع شيء تم بيعه لشخص آخر».
وفي ظل ما تم – بحسب «البدوى»- من من الوفاء سالف الذكر بالالتزامات التعاقدية، ومنها سداد كامل الثمن وبرأة ذمتك منه، ومن ثم يجب عليها هنا اللجوء إلي دعوى صحة ونفاذ عقد البيع في مواجهة البائع الذي رفض نقل الملكية اليك بشكل ودي عن طريق التوقيع على عقد البيع النهائي بمصلحة الشهر العقاري، ومن ثم فإنه بلجوئها إلى تلك الدعوى ستحفظ حقها في أسبقية الملكية عن طريق هذه الدعوى، التي من شأنها نقل الملكية إليها عن طريق حكم يصدر ضد البائع الممتنع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية إليها».
وفى الحقيقة أننا فى هذا السؤال، بصدد الحديث عن دعوي صحة ونفاذ عقد البيع وهى من الدعاوي التي تقوم علي بحث الملكية وتسلسلها لنقل الملكية من البائع للمشتري، وهو ما سنقوم بإيضاحه من خلال السطور القادمة.
ما هي دعوى صحة ونفاذ عقد البيع: دعوى صحة التعاقد تعد وسيلة لإجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل الملكية تنفيذاً عينياً، يحصل بموجبها المشتري على حكم يقوم مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فإذا امتنع البائع عن تنفيذ التزامه بنقل الملكية والقيام بالأعمال اللازمة لذلك، جاز للمشتري إجباره على تنفيذ هذا الالتزام عيناً وذلك عن طريق الدعوى سالفة الذكر.
- هذا وقد ألقت المادة 466 من القانون المدني على عاتق البائع عبئ القيام بكل ما هو ضروري لنقل الملكية إلى المشتري.
- كما نصت المادة 71 من القانون المدني على أنه إذا أخل أحد طرفي العقد الابتدائي بالتزامه بإبرام العقد النهائي كان للطرف الآخر إذا لم يكن مخلاً بالتزاماته أن يطلب الحكم في مواجهته بصحة العقد الابتدائي ونفاذة ويقوم العقد بصحة ونفاذ عقد العقد الابتدائي مقام العقد النهائي.
- تنطبق هذه الدعوى على كافة العقود بما فيها البيع العقاري، يرفعها المشتري في مواجهة البائع أو ورثته فإذا امتنع الأخير عن القيام بالأعمال الضرورية لتسجيل العقار المبيع، وذلك بغرض إجباره على القيام بهذه الأعمال وليس ثمة ما يمنع أن يرفعها البائع على المشتري أيضاً.
- وتعد دعوى صحة ونفاذ عقد البيع دعوى شخصية يستند فيها إلى حقه الشخصي المتولد عن عقد البيع غير المسجل، فهو لا يطالب بتثبيت ملكيته فهو ليس مالكاً بالعقد المسجل كما تتميز بأنها دعوى عقارية الهدف منها الحصول على حق عيني على عقار لذا تختص بها المحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو محكمة مواطن المدعى عليه.
من يحق له رفع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع ؟
المدعي في دعوى صحة التعاقد هو المشتري أصلاً كما رأينا، ولكن يجوز للبائع أن يكون مدعياً طالباً الحكم بصحة ونفاذ التعاقد عن عقد البيع الصادر منه إلى المشتري لكن بشرط أن يكون له مصلحة في رفع الدعوى.
- كما أجازت المادة 308/1 مدني لدائني المشتري رفع دعوى صحة التعاقد باسم مدينهم على أساس الدعوى غير المباشرة إذا سكت عن استعمال حقه في رفع الدعوى وتوافرت الشرائط الأخرى.
- كما أن دعوى صحة التعاقد دعوى موضوعية تتناول حقيقة التعاقد ومداه ونفاذه، والحكم الصادر فيها مقرراً لا منشئاً يبحث أساس ملكية البائع للعقار وشروط صحة العقد وأركانه وما يتعلق بالثمن والصورية وخلافه.
- إذا كان البيع باطلاً أو قابل للإبطال ورفع البائع دعوى فرعية طالباً إبطاله فإذا حكم القاضي بالبطلان سيقضي حتماً برفض دعوى صحة التعاقد ، وكذلك إذا طلب البائع فسخ العقد وحكمت المحكمة بذلك تقضي أيضاً برفض دعوى صحة التعاقد.
- وإذا كان البيع صورياً صورية مطلقة معنى ذلك أن العقد لا وجود له قانوناً فتحول دون الحكم بصحته ونفاذه.
- وإذا باع المشتري الأول قبل التسجيل العقار لمشتري ثاني لم يسجل وجب على المشتري أن يختصم في دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه وإلا كانت دعواه غير مقبولة.
- وفي حالة وفاة المشتري يجوز لورثته رفع دعوى صحة التعاقد على البائع أو ورثته في حالة وفاته وقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية بأنه يصح البيع بالنسبة لمن يقربه من الورثة ولا يصح بالنسبة لمن يطعن منهم فيه.
- وفي الواقع العملي نجد ثمة بيع يقوم فيه البائع ببيع العقار إلى مشتري أول وقبل أن يقوم المشتري بتسجيل العقد يقوم البائع بالبيع إلى مشتري ثانٍ فهل يجوز للأخير رفع دعوى مباشرة على البائع له المشتري الأول أم برفعها على البائع الأصلي؟
- يبدو لأول وهلة أن لا يمكن للمشتري الثاني رفع دعوى صحة التعاقد على البائع الأصلي لعدم وجود علاقة تعاقدية بينهما، إلا أن المادة 308 من القانون المدني أجازت له استعمال حق المشتري الأول (البائع له) في مطالبة البائع الأصلي بتنفيذ التزامه قبل المشتري الأول وباسم المشتري الأول، وذلك عن طريق الدعوى غير المباشرة، ولا فائدة من رفع المشتري الثاني دعوى مباشرة على البائع له (المشتري الأول) طالما أنه لم يسجل سند ملكه فإذا امتنع البائع الأصلي عن القيام بإجراءات التسجيل فلا يمكن للأخير إجباره على تنفيذ الالتزام عن طريق دعوى صحة التعاقد إذا تبين أن البيع الصادر منه إلى البائع له غير صحيح أو غير واجب النفاذ.
- كما أن البائع يعفى من التنفيذ العيني للالتزام بنقل الملكية إذا أصبح التنفيذ مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد للبائع فيه.
كيف يتم الحصول على حكم بصحة ونفاذ البيع؟
- بدايةً يجب أن تكون دعوى صحة ونفاذ عقد البيع مقبولة ولا تكون الدعوى مقبولة إلا إذا توافر فيها ثلاث شروط :
الشرط الأول: أن يكون التسجيل الناقل للملكية ممكناً
لا يمكن إجبار المدين على تنفيذ الالتزام عيناً إلا إذا كان ممكناً ، فلا يحكم للمشتري بصحة ونفاذ البيع إلا إذا كان انتقال الملكية اليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين ، وبالتالي لا يجوز الحكم بصحة التعاقد إذا كان البائع غير مالك للعقار لأن الملكية لا تنتقل إلى المشتري إلا أن كان البائع مالكاً.
- ولا يجوز للمحكمة في حالة توالي البيوع أن تحكم بصحة تعاقد المشتري الأول إذا سبق المشتري الثاني في التسجيل.
الشرط الثاني: الوفاء بكامل الثمن
البيع عقد ملزم للجانبين لا يجوز فيه للمشتري إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل الملكية برفع دعوى صحة ونفاذ البيع مالم يكن المشتري نفسه قد أوفى بالتزاماته وأهمها دفع الثمن، وإلا جاز للبائع أن يدفع بعدم قيام المشتري بتنفيذ التزاماته، كما أنه إذا صدر حكم نهائي في دعوى صحة التعاقد دون الفصل في أمر الباقي من الثمن، فإن ذلك لا يمنع البائع من المطالبة به، أو طلب فسخ العقد بدعوى جديدة لاختلاف دعوى صحة التعاقد عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً.
الشرط الثالث: وجوب تسجيل صحيفة الدعوى.
إن الحكم بصحة ونفاذ العقد يقوم مقام تسجيل العقد من حيث انتقال ملكية العقار إلى المشتري إذا قام المشتري بتسجيل الحكم بالصحة والنفاذ.
ولما كان نظر الدعوى والحكم فيها يستغرق عادةً وقتاً يمكن فيه للبائع التصرف مرة أخرى في العقار بالبيع أو الرهن أو غير ذلك، في مواجهة المشتري وحماية للمشتري من هذه التصرفات، أوجب المشرع بالمادة 11 من قانون التسجيل العقاري شهر دعوى صحة التعاقد بتسجيل صحيفتها بعد إعلانها وقيدها بجدول المحكمة، وبذلك يصبح المشتري في مأمن من تصرفات البائع، وعند حصول المشتري على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع يأُشر بمنطوق الحكم النهائي على هامش تسجيل الصحيفة، وعندها يكون الحكم حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الصحيفة وليس تاريخ الحكم.
- وعلى ذلك فإن حماية المشتري عملياً لا تنشأ إلا من الوقت الذي يقوم فيه بتسجيل صحيفة الدعوى على النحو السابق.
وعليه فإن كل من بيده عقد بيع وخاصة عقود البيع العقارية إذا وفى بالتزاماته وتعنت الطرف الآخر في تسجيل البيع، فإن لكل طرف الحق في إلزام الطرف الآخر بتسجيل البيع واستصدار حكم من المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع من خلال دعوى صحة التعاقد وفقاً للقواعد السابق شرحها.
كيفية رفع دعوى الصحة والنفاذ:
أولاً : شهر صحيفة دعوى صحة ونفاذ:
• يتم تقديم طلب للشهر العقاري متضمنا بيانات القطعة او العقار موضوع عقد البيع برقم طلب.
• يرسل الطلب بعد تقديم طلب الشهر العقاري الى هيئة المساحة لبحثة.
• عقب سداد رسم كشف التحديد المساحي، يقوم مهندس من المساحة بمعاينة العقار أو قطعة الارض موضوع الطلب المقدم.
• يقوم المهندس بتحرير بيان مساحي للقطعة او العقار موضوع الطلب.
• يرسل الطلب بعد تحرير البيان المساحي الى الشهر العقاري.
ثانياً : رفع الدعوى:
• يتم استلام البيان المساحي المحرر من الشهر العقاري.
• يتم كتابة دعوى صحة ونفاذ «مع مراعاة تفادى الخطأ الشائع بتحديد اختصاص المحكمة التي ترفع فيها الدعوى على أساس الثمن المكتوب في عقد البيع ويتم تحديد المحكمة التى ترفع فيها الدعوى كالآتي:
أولاً: يجب احضار كشف عوائد للعقار أو قطعة الأرض.
ثانياً: يتم اعمال نص المادة 37 من قانون المرافعات والتي تنص على: «يراعى فى تقدير قيمة الدعوى الدعاوى التي يرجع فى تقدير قيمتها إلى قيمة عقار يكون تقدير هذه القيمة باعتبار 500 مثل من القيمة الضريبة الأصلية المربوطة».
• اذا كان العقار مبنى فإن كان من الأراضي يكون التقدير باعتبار اربعمائة مثل من قيمة الضريبة الأصلية فاذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة قدرت المحكمة قيمته» متضمنة البيان المساحي في نفس العريضة ومتضمنا رقم الطلب الخاص فى الشهر العقاري .
• يتم تقديم العريضة الى الشهر العقاري لمراجعتها وتأخذ ختم صالح للشهر «ختم اللوتس».
• بعد ذلك يتم تقديم العريضة الى مصلحة الشهر العقاري الرئيسي لتقدير الامانة القضائية وهو رسم يقدر على المبلغ المكتوب فى عقد البيع.
• يحرر ايصال بالمبلغ المفروض فقط دون فع لهذا المبلغ.
• نأخذ صحيفة الدعوى وايصال تقدير الامانة القضائية وترفع الدعوى فى المحكمة المختصة بالطرق العادية للرفع الدعوى من تقدير ورسم وخلافة مضافا اليها رسم الأمانة القضائية.
• يجب الاحتفاظ بإيصال دفع الامانة القضائية لأننا سنحتاج الى ارفاقه بالمشروع النهائي.
• بعد انهاء اجراءات رفع القضية بالطرق العادية وايداعها الجدول بعد تحديد جلسة لنظرها.
• يتم التقديم على صورة رسمية من الدعوى قبل الإعلان وتكتب على عقود خاصة بالشهر العقاري «العقد الأخضر المعتمد ويطلب من الشهر العقاري».
• يتم تقديم الصورة الرسمية المكتوبة على العقد المخصص لذلك الى مصلحة الشهر العقاري الرئيسية «التي قدرت فيها الامانة القضائية» مع ايصال دفع الامانة القضائية .
• بعد 10 أيام تقريباً يتم استلام العريضة المشهرة وتكون مغلفة.
ثالثاً : كيفية مباشرة الدعوى:
فى الجلسة المحددة لنظر الدعوى المرفوعة يتم تقديم العريضة المشهرة التي تم استلامها من الشهر العقاري.
مكلفة بالقطعة أو العقار موضوع البيع.
ملحوظة: لتفادى مصاريف الدعوى يتم الاتفاق مع البائع على حضور أول جلسة لتقديم محضر صلح فى القضية والحاقة بمحضر الجلسة وجعلة في قوة السند التنفيذي، وبذلك تنتهى الدعوى صلحا دون مصاريف على الخصوم.
أهم أحكام النقض المتعلقة بدعاوي صحة ونفاذ عقد البيع:
دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لا تسقط بالتقادم والبائع ملتزم بضمان عدم التعرض للمشترى وهو التزام أبدى لا يسقط بالتقادم ويتولد عن عقد البيع ولو لم بشهر، ولا يجوز للبائع أن يتملك المبيع بعد بيعه بعقد عرفي بوضع اليد المدة الطويلة.
- فى حكم حديث لمحكمة النقض بجلسة2-3-2015 قالت فيه أن التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه – وفقاً للمادة 439 من القانون المدني – التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان يحرم عليه التعرض، وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته فيمتنع عليهم مثله منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم أو لدى مورثهم بعد تاريخ البيع شروط وضع اليد على العين المبيعة المدة الطويلة المكسبة للملكية.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن مورثة المطعون ضدهم باعت لمورثه أطيان التداعي بموجب عقد البيع الابتدائي المؤرخ 14/11/1969 الذي قدمه أمام محكمة أول درجة واستند إليه الخبير في تقريره ولم يطعن عليه منهم بثمة مطعن وأنهم يلتزمون بضمان عدم التعرض له بوصفهم ورثة البائعة في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه فهو التزام أبدي يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر وينتقل من البائع إلى ورثته، وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم الابتدائي في قضائه بطرده من أطيان التداعي على سند من أن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل وعقد البيع العرفي لا ينقل الملكية وغير نافذ في مواجهتهم وأن وضع يده بلا سند من القانون وهو رد منه لا يواجه هذا الدفاع فضلاً على أن التزام مورثة المطعون ضدهم بالضمان المتولد عن عقد البيع سالف البيان يقتضي امتناعهم عن المطالبة بالطرد بما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع مما جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.
( النقض المدني - الطعن رقم 7529 - لسنة 74 قضائية - تاريخ الجلسة 25-3-2015)
- كما قضت محكمة النقض فى حكم اخر بان وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم المطعون فيه – المؤيد للحكم الابتدائي - قضى برفض دعواهم بإلزام المطعون ضدهم بريع أطيان التداعي وتسليمها إليهم على سند مما جاء بتقرير خبير الدعوى من أن البائع لمورثيهم يضع يده على الأرض محل النزاع من تاريخ البيع وأن عقد البيع المسجل برقم 1042 لسنة 1916 الأقصر لم ينفذ على الطبيعة وأن المطعون ضدهم استمر وضع يدهم عليها لأكثر من عشرين عاماً مستمرة وتصرفوا في جزء منها بالبيع لواضعي اليد ولا تعد يدهم بالتالي يدا غاصبة ولا يحق للطاعنين المطالبة بالريع وهي نتيجة لا تتفق وصحيح القانون والذي يلزم البائع وورثته من بعده بضمان عدم التعرض كما لا يجوز لهم الادعاء بتملك الأطيان المبيعة بالتقادم المكسب لتعارضه مع التزامهم السالف الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن من أحكام البيع المقررة بنص المادة 439 من القانون المدني التزام البائع بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه, وهو التزام أبدى يتولد عن عقد البيع ولو لم يشهر فيمتنع على البائع أبداً التعرض للمشتري لأن من وجب عليه الضمان امتنع عليه التعرض وينتقل هذا الالتزام من البائع إلى ورثته وعليهم مثله عدم منازعة المشتري فيما كسبه من حقوق بموجب عقد البيع إلا إذا توافرت لديهم بعد البيع شروط وضع اليد على العقار المبيع المدة الطويلة المكسبة للملكية، وبالتالي يمتنع عليهم الادعاء بالتقادم المكسب للملكية طالما لم يتم التنفيذ العيني لالتزامهم بنقل الملكية والتسليم لأن من يضمن نقل الملكية لغيره لا يجوز له أن يدعيها لنفسه ومن ثم فإن استمرار البائع في وضع يده على العقار المبيع مهما طالت مدته لا يصلح لأن يكون سبباً للادعاء في مواجهة المشتري بتملك المبيع بالتقادم المكسب ولا يعتد في حساب التقادم إلا بمدته التالية لذلك التنفيذ العيني بشقيه.
وكان الثابت من الأوراق وتقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن مورثي الطاعنين اشترى من مورثي المطعون ضدهم من الأول إلى الثامن أطيان التداعي بالعقد المسجل رقم 1042 لسنة 1916 الأقصر وأنه لم يتم التنفيذ العيني بنقل الملكية والتسليم إلى الآن وأن البائع وورثته يضعون يدهم على أطيان التداعي منذ تاريخ البيع, وكان الحكم المطعون فيه – المؤيد للحكم الابتدائي – قد رفض دعوى الطاعنين بإلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا لهم ريع أطيان التداعي وتسليمها لهم على سند مما جاء بتقرير الخبير – على ما سلف بيانه – في حين أن الذي استند إليه الحكم المطعون فيه يتعارض مع التزام البائع وورثته من بعده – بضمان عدم التعرض وفقاً لنص المادة 439 من القانون المدني فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث ما جاء بالوجه الثاني من السبب الأول من سببي الطعن.
(الطعن رقم 4535 - لسنة 74 قضائية - تاريخ الجلسة 16-2-2014)