صناعة المسلات الأثرية في مصر الفرعونية.. كيف كانت؟
الإثنين، 21 يناير 2019 02:00 م
دقة متناهية تميزت بها العمارة الفرعونية، والقطع المعمارية التي قامت عليها حضارتها، وأصبحت واحدة من أعظم المعالم الأثرية عالميا، وتعد منطقة المسلة الناقصة بمحافظة أسوان من أهم الشواهد التى تعكس عظمة القدماء المصريين فى فن العمارة والبناء والنحت.
مسلة أسوان الناقصة كانت رمز من رموز المعبود رع إله الشمس لدى قدماء المصريين، حسبما أوضح الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام أثار أسوان والنوبة، مشيرا إلى أن القمة المدببة بالمسلة والتى يطلق عليها «بن بن»، كانت بمثابة المقعد الذى كان يجلس عليه المعبود رع، وكانت تصنع بخليط من الذهب والفضة فعندما ينعكس عليها ضوء الشمس أو القمر ليلا كان تنير المعبد بأكمله، مضيفا أن المسلات الفرعونية ظهرت فى عصر الدولة القديمة، إلا أنها انتشرت فى عصر الدولة الحديثة وكان عصر الملكة حتشبسوت هو العصر الذهبى لها.
وعن الأهمية التاريخية لمسلة أسوان، قال مدير أثار أسوان والنوبة، إنها ترجع إلى كونها كشفت عن كيفية قطع وصقل المسلة، حيث كان يتم عمل قنوات محيطة بها من خلال حجر الديوريت، ويتم اشعال النيران فوق سطحها ثم اسكاب الماء عليها حتى يتم صقلها ويتمكن المصرى القديم من الكتابة على جدرانها، مشيرا أنه كان يتم شق قنوات من مجرى النيل لتصل إلى المسلة لنقلها إلى المعابد الأخرى، مشيرا إلى أن وزنها يبلغ نحو 1164 طن وارتفاعها 14 مترا، مشيرا أنها لم يكتمل بنائها نظرا لأن حدث بها شروخا فتعذر نقلها، إلا أنها رمزا هاما على طريقة بناء المسلات الفرعونية التى تنتشر حول بلدان العالم.
وحول خطة تطوير منطقة المسلة الناقصة، أشار إلى أن وزارة الآثار انتهت بالفعل من إزالة كافة شجار الهيش التى كانت تحجب الرؤية عن المسلة، وتم وضع مشروع لإقامة ماكيت مصغر عن المنطقة بجانب لوحات إرشادية توضح معلومات عن المسلة وكيفية صنعها، من أجل تزويد الزائر بالمعلومات المختلفة عنها.
وتعد مصر من أكثر الدول التى تملك مسلات فرعونية يتجاوز عمرها آلاف السنين، وبرغم أن العديد من المسلات الأثرية لملوك مصر الفرعونية تعرض فى عدد من الدول الأوربية مثل فرنسا وإيطاليا وإنجلترا، إلا أن منطقة المسلة بأسوان خير دليل على أن المصرى القديم هو الوحيد الذى يملك مهارة فائقة قى بناء هذا الفن المعمارى الفريد، وأشار أقدم حارس بالمنطقة، إلى أنه بهذه المنطقة صنع تابوت الملكة حتشبسوت الذى يعد من أكبر التوابيت المصنوعة، حيث صنع من مادة الجرانيت، وكان حجمه كبيرا للغاية، وتم نقله بعد ذلك إلى معبد الملكة حتشبسوت بمحافظة الأقصر.
ويحرص السائحين من مختلف دول العالم على وضع زيارة مسلة أسوان على رأس اجندة المقاصد السياحية التي يرغبون في زيارتها، كونها أكبر مسلات العالم، وكان من المقرر أن تعد من أهم المسلات الفرعونية التى تم بناؤها ولكن خلال عملية البناء فى عهد الملكة حتشبسوت حدث شرخا فى الجزء العلوي منها أعاب بنائها واستقرت من وقتها المسلة آلاف السنين فى مكانها لتصبح أهم مزارا أثريا بأسوان.
كما أن المنطقة التي يوجد بها مسلة أسوان الناقصة كانت مجمعا لتصنيع المسلات الفرعونية من الجرانيت ونقلها إلى مختلف المعابد المصرية، ومن ضمن المسلات المنحوتة بالمنطقة توجد مسلة تركها المصرى القديم لنتعلم كيف كان يتم بنائها بهذه الأحجام وكيفية نقلها عبر مجرى النيل الذى مازالت أثاره باقية حتى الوقت الراهن، حيث كان يقوم المصرى القديم بنحت قطع الجرانيت لصناعة المسلة من خلال اقتطاعها من الأحجار، وكان يستخدم حجر الديوريت كأداة لقطع الأحجار وفصلها عن بعضها لبعض، ثم يستخدم الحجر ذاته أيضا فى تنعيم المسلة حتى يتمكنوا من الكتابة والتوثيق عليها، ثم تأتى أهم مرحلة وهى فصل المسلة عن الكتلة الحجرية المرتبطة بها، موضحا أنه كان يستخدم من أجل ذلك شجر الجميز، الذى يوضع بين المسلة والحائط الملتصق بها من خلال فتحة طولية وكان يترك لمدة يومين فى الماء فعندما يمتد حجمه يتمكن من فصل المسلة.