على طريقة أردوغان والأكراد.. هل يعلن نتنياهو الحرب على سوريا لتغطية فضائحه قبل الانتخابات؟
السبت، 19 يناير 2019 05:00 م
خاطب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إيران، قائلا "أقول لكم.. أخرجوا من سوريا بسرعة فنحن لن نوقف هجماتنا"، ما يكشف عن إشارة صريحة إلى نيته مواصلة الهجوم على الأراضى السورية فى المرحلة المقبلة، بعد الهجوم الأخير الذى شنه سلاح الجو الإسرائيلى مستودع للأسلحة الإيرانية فى 12 يناير الجارى، لاستهداف مواقع وجود القوات الإيرانية فى مختلف المناطق السورية، وهو ما ينذر بمعركة جديدة فى واحدة من أكثر الدول التى شهدت الكثير من المعارك فى السنوات الماضية، منذ إندلاع ما يسمى بـ"الربيع العربى"، قبل ثمانية سنوات.
وفق مراقبون فإن الدعاية الإسرائيلية تحمل فى طياتها عدة رسائل، ربما ينال الداخل الإسرائيلى الجانب الأكبر منها، فى ظل المأزق الذى يعانيه رئيس الوزراء الإسرائيلى داخليا فى المرحلة الراهنة، ليس فقط بسبب الخلافات التى ضرب الائتلاف الحاكم حول مشروع قانون التجنيد الإجبارى، والتى أسفرت عن إجراء انتخابات مبكرة، فى شهر أبريل المقبل، وإنما أيضا على خلفية الاتهامات التى تلاحق نتنياهو حول تورطه فى قضايا فساد، يخضع حاليا بسببها للتحقيقات، وهو ما يساهم بصورة كبيرة فى تقويض شعبيته قبل الانتخابات المقبلة، وبالتالى فيصبح مستقبله السياسى على المحك، كما أنها تمثل كذلك محاولة لتوريط واشنطن فى معركة جديدة بسوريا على غير إرادتها.
"فزاعة" الوجود الإيرانى فى سوريا تعد - وفق مراقبون- بمثابة الورقة الأخيرة التى يملكها رئيس الوزراء الإسرائيلى فى المرحلة الراهنة لصرف الانتباه فى الداخل عن قضايا الفساد، والتى ربما توجه أصوات الناخبين الإسرائيليين نحو دعم منافسيه فى انتخابات الكنيست القادمة، بالإضافة إلى كونها مدخلا مهما للدعاية الانتخابية التى سيطلقها نتنياهو فى الأسابيع المقبلة، والتى ستقوم على التركيز على التهديدات القادمة من طهران وضرورة التوحد تحت مظلة الحكومة لدحضها فى أقرب وقت ممكن.
ولعل التجربة الإسرائيلية فى قرع طبول الحروب لتحقيق مكاسب سياسية والإبقاء فى السلطة لأطول فترة ممكنة، ليس بالأمر الجديد تماما فى المشهد الإقليمى، خاصة فى السنوات الأخيرة، حيث سبقه فى ذلك الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والذى لجأ إلى إنهاء هدنته مع الأكراد، ليشن حربا ضروس ضدهم فى أعقاب فشله الانتخابى فى تحقيق الأغلبية المطلقة فى يونيو 2016، بعدما تمكن حزب الشعب الكردى من تحقيق عدد كبير من المقاعد فى البرلمان التركى، مما دفع أردوغان إلى الإعلان عن انتخابات مبكرة فى أكتوبر من نفس العام تزامنا مع حربه التى روج لها بأنها حربا ضد الإرهاب، بينما كانت فى الواقع وسيلة للاحتفاظ بسلطاته وتوسيعها بعد ذلك من خلال تعديل الدستور.
ويمثل التصعيد الإسرائيلى تجاه إيران امتدادا صريحا لحالة الضجة الإعلامية التى صاحبت قضية الكشف عن أنفاق حزب الله اللبنانى، والذى يعد أحد أهم أذرع نظام الملالى فى المنطقة، والتى وصلت إلى قيام نتنياهو نفسه بزيارة المنطقة الحدودية بين إسرائيل ولبنان بصحبة عدد من السفراء الأجانب، محاولة صريحة لمغازلة الداخل الإسرائيلى وإضفاء الإنطباع لدى المواطن الإسرائيلى حول يقظة الحكومة وقدرتها على مجابهة التهديدات المحيطة به، وهى نفس السياسة التى تبنتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتى قامت على استخدام فزاعة "العداء" من قبل جيرانها العرب، للحصول على المكاسب سواء للاحتفاظ بالسلطة فى الداخل من جانب، أو حتى الحصول على الدعم الأمريكى سواء العسكرى أو السياسى من جانب أخر.
أحزاب المعارضة الإسرائيلية نفسها = أدركت خطة نتنياهو منذ البداية، وهو ما بدا واضحا فى تصريحات زعيمة المعارضة تسيبى ليفنى، والتى كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية إبان الحرب بين إسرائيل وحزب الله فى عام 2006، حيث أكدت أن التصعيد الإعلامى الإسرائيلى للقضية يأتى لتحقيق مكاسب سياسية، موضحة أن ما حدث على الحدود الإسرائيلية اللبنانية ما هو إلا مجرد نشاط هندسى على منطقة تبقى تحت السيادة الإسرائيلية، وبالتالى فهناك حاجة ملحة لوضع العملية فى حجمها الحقيقى.