حلم «مجرى العيون» يتحقق: اللمسات الأخيرة لإحياء الأثر الـ 78
الثلاثاء، 15 يناير 2019 12:00 مإبراهيم الديب
أثر حمل الرقم (78) يعكس مدى عبقرية المصريين في توفير احتياجاتهم اليومية، وعبقريتهم الهندسية التي استخدموها لتشييد حضارتهم لتظل شاهدة على العديد من الأحداث الهامة في واحدة من أهم الحقب التاريخية المارة على أرض النيل، نال منه الإهمال على مر العصور نتيجة للعشوائية التي طالت بعضا من مظاهر الحضارة المصرية، بعدما ارتفعت نسب الزيادة السكانية وماترتب عليها من تآكل مساحات شاسعة من الأراضي على يد غول التعديات بشكل عشوائي والتي طالت الأراضي الزراعية والصحراوية والتاريخية وأصبحت الغوغائية عنوانا لهذا المشهد العبثي لفترات طويلة. .
ظل الأثر يئن آلام الإهمال والتخريب على مر سنوات عديدة حتى بدأت الحكومة في عام 2006 في وضع مخطط لتطوير منقطة «مجرى العيون»، إلا أنه تم تأجيل التنفيذ لأسباب عدة، وفي عام 2012 وتنفيذا لمبادرة تحسين النظافة العامة التي عملت في تلك الفترة على رفع تراكمات القمامة من الشوارع واستغلال تلك المساحات لوضع «أكشاك» للشباب العاطل عن العمل، بدأت وزارة البيئة في تطهير محيط السور من المخلفات والقمامة، وإنشاء سياج حديد حوله لضمان عدم عودتها مرة أخرى، إلا أنه ومع الوقت تحول هذا السياج إلى «مربط للدواب» التي يستخدمها أهالي المنطقة في نقل جلود المدابغ، وتحول إلى مقلب عمومي لفضلات الأحصنة ومرعى للأغنام بالإضافة إلى تراكمات القمامة.
إعادة منقطة مجرى العيون إلى رونقها الحضاري وإنقاذها من براثن الضياع، كان أحد أهداف المرحلة الثالثة من مشروع إحياء القاهرة التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى عصر السلطان صلاح الدين الأيوبي، مؤسس الدولة الأيوبية، والذي قام بإنشائها كأحد أهم الأجزاء المستخدمة في منظومة المنشأت المائية في مصر، لنقل المياه من نهر النيل بمنطقة رباط الآثار جنوبي الفسطاط، إلى قلعة الجبل «قلعة صلاح الدين الأيوبي»، -الموجودة بطريق صلاح سالم حاليا- باستخدام السور كمجرى للمياه وأطلق عليه «القناطر العتيقة».
وكان لنجاح مشروع إحياء القاهرة في تلك البقعة التاريخية ضرورة رفع وإزالة مدابغ الجلود التي احتلت تلك البقعة من أرض القاهرة، وهدم المباني العشوائية المحيطة بها ونقل سكانها إلى وحدات توفرها لهم الدولة، أوتعويضهم ماديا، بالإضافة إلى القضاء على ظاهرة المقاهي والباعة الجائلين المنتشرين في ربوعها بما يساهم في تحويلها إلى أحد المقاصد السياحية المصرية على خريطة زوار مصر من العرب والأجانب، في إطار خطة النهوض بقطاع السياحة كأحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، وتطوير المناطق الأثرية لخدمة هذا الغرض لتحقيق عائد مادي يساهم في تحسين مستوى المعيشة.
وتقترب محافظة القاهرة خلال أيام من الإعلان عن الانتهاء من هدم مدابغ سور مجرى العيون بالكامل، والبدء فى مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون وأكشاك أبو السعود، معلنة عن وجود بدائل لتعويض سكان المنطقة بالكامل عن طريق عدة بدائل منها التعويضات المادية على غرار ما تم مع سكان مثلث ماسبيرو الذى يتم تطويره الآن، أو التعويض بوحدة بديلة أو العودة للمكان مرة أخرى، بالإضافة إلى تعويض أصحاب المدابغ إما بنقل المدبغة إلى مدينة الروبيكى الصناعية، أو التعويض النقدى، وتعمل المحافظة بالتنسيق مع عدة جهات آخرى على حصر سكان المنطقة بالكامل، تمهيدا لتوفير وحدات بديلة لهم، بالإضافة إلى البدائل الأخرى التى طرحتها المحافظة، ومن المقرر أن ينتهى حصر سكان المنطقة خلال أسبوع.
اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة، أكد أنه سيتم تعويض المستحقين وفق القواعد المعمول بها من خلال توفير وحدات سكنية بديلة أو تعويض نقدى على غرار ما تم مع سكان منطقة مثلث ماسبيرو، أما بالنسبة للمدابغ سيتم تعويض ملاكها إما بالتعويض المالي أو بالنقل لمنطقة الروبيكى وفق المعايير المحددة ، موضحا أنه تم فتح باب التقدم لملاك وشاغلى الأراضى والعقارات والمبانى الكائنة بمناطق أبو السعود وسور مجرى العيون لمن لم يسبق لهم التقدم بطلبات للحصول على التعويضات المقررة، أو الذين لم يستكملوا المستندات المطلوبة حتى موعد أقصاه 15 يناير الجارى، على أن يتقدم المواطن بمركز خدمة المواطنين بديوان عام المحافظة بكافة المستندات والأوراق الدالة على سند الملكية أو شغلهم للمكان فى الفترة من 10 صباحاً حتى الرابعة عصراً.
وقال المحافظ، إنه فى حالة عدم تقدم أحد على أى قطعة أو عقار بالمنطقة سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والتى من بينها الإخلاء والإزالة ونزع الملكية حتى يتسنى الانتهاء من تنفيذ مشروع التطوير بالمنطقة، وذلك فى ضوء قرار المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وقرار المحافظ باعتبار منطقة أبو السعود وسور مجرى العيون منطقة إعادة تخطيط.
من جانبه أكد المهندس خليل شعث مدير وحدة تطوير العشوائيات بالقاهرة، أن أعمال الهدم للمدابغ بمنطقة سور مجرى العيون تجرى على قدما وساق، ومن المقرر أن يتم الانتهاء من هدم المدابغ بالكامل خلال شهر، مشيرا إلى أنه جارى حصر سكان منطقة مدابغ سور مجرى العيون، تمهيدا لتعويضهم بوحدات بديلة، وسيتم الانتهاء من حصرهم خلال أسبوع، مشيرا إلى أنه من المقترح تسكينهم فى مدينة بدر وعدد من المشروعات الأخرى.
وبدوره أكد اللواء أحمد فؤاد نائب المحافظ للمنطقة الجنوبية، أنه جارى رفع وإزالة مخلفات البناء والقمامة الموجودة بمحيط سور مجرى العيون تزامنا مع هدم المدابغ وحصر السكان الموجودين بالمنطقة، وذلك فى إطار خطة تطوير السور بالكامل، لافتا إلى أنه تم تشكيل لجنتين لحصر كل من منطقتي أبو السعود وسور مجرى العيون، مشيرا إلى أن اللجنتين حصرت النشاط السكاني بالمنطقتين، وجارى حصر النشاط الصناعى والمقرر لها الانتهاء خلال أيام.
ويتضمن مخطط تطوير منطقة سور مجرى العيون، مسار حدائق وتجديد ميدان السلخانة وإقامة منطقة سكنية وملاعب ومراكز خدمات، بالإضافة إلى تصنيف المبانى إلى 3 فئات، وتحسين أداء شبكة المرافق والشوارع، وإنشاء تجمع عمرانى بأنشطة غير ملوثة للبيئة، ومحور ترفيهى موازى لحماية السور، بالإضافة إلى إعداد المنطقة للزائرين المصريين والأجانب، وإنشاء منطقة خضراء ومتحف تكنولوجى ومنطقة تجارية وعامة.