ربما كان مازوخي.. لماذا ينبطح تميم أمام أردوغان؟
الأحد، 13 يناير 2019 02:00 م
في الفترة الأخيرة أصبحت الدوحة معسكرا للجنود الأتراك الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لحماية عرش تميم بن حمد منذ اندلاع الأزمة القطرية مع الدول العربية، إلا أن أردوغان لم يكتف بذلك بل أرسل مسؤوليين أتراك مهمتهم تشكيل السياسة القطرية لمعاداة جيرانها العرب.
لم يكن ما سبق هو إحدى الأخبار التي تؤكد، نبطاح الأمير الذليل- تميم- أمام الديكتاتور العثماني- رجب طيب أردوغان- فبنهاية عام 2018 برهن تميم خلال محطات عدة على تحوله إلى دمية تحركها يد العلج التركي، فذهب إلى أنقرة أربع مرات خلال هذه السنة لتقديم فروض الولاء والطاعة و التنازل على ثروات الدوحة وأراضي القطريين كغنيمة لسلطان الأوهام.
تميم الذي خاف من هبة شعبية تقترب عقب انبطاحه المذل تحت أقدام سيده التركي، هرول إلى أردوغان ليطالبه بالحماية، فأرسل العلج ما يقرب من 200 حارس شخصي مسؤوليتهم تأمين تابعه المخلص، كما استقبلت الدوحة ما يقرب من 12 ألف جندي تركي مقسمين إلى دفعات منحتهم قطر دورات تدريبية على اللغة العربية تمهيدًا لتجنيسهم.
ويبدو أن الاتفاق العسكري السري بين أنقرة والدوحة، والذي بموجبه تنتشر قوات من الجيش التركي على الأراضي القطرية منذ منتصف العام 2017، يحوي مزيدا من تفاصيل الخنوع، حيث تبين أن الاتفاق يُلزم قطر بتقديم قائمة طويلة جداً من الخدمات المجانية للجنود الأتراك، إلى جانب عدم قدرة الدوحة على محاسبة أي جندي تركي بها.
وتبين من المراجعة أن الاتفاقية تفرض على قطر قائمة طويلة من الخدمات التي يتوجب أن تقدمها مجاناً للجيش التركي ابتداء من تأمين السيارات والوقود والصيانة ووصولاً إلى إلزام القطريين بتنظيف المنازل والمباني التي يقيم فيها الأتراك وجمع أكياس القمامة التي يخلفونها وراءهم في شوارع الدوحة.
وتنص المادة السادسة بكل وضوح على ما أسمته الاتفاقية "الخدمات اللوجستية"، حيث تفرض الفقرة الأولى من المادة المشار إليها على الجانب القطري أن يُقدم "كافة الخدمات اللازمة التي يحتاجها الجيش التركي خلال تواجده على الأراضي القطرية بما في ذلك أعمال الإنشاءات والنقل والإمدادات وعقود الصيانة".
وتوضح الفقرة ذاتها الخدمات التي يلتزم بها الجانب القطري بالقول إن تشمل "صيانة وإصلاح المركبات، تنظيف الأبنية، تسييج المناطق المستخدمة، عمليات التشجير والتعشيب، وتزويد الأتراك بالغاز الطبيعي والماء والكهرباء والتبريد وخدمات الانارة، جمع أكياس القمامة والتخلص منها، جمع المخلفات الطبية، التخلص من عوادم المنتجات النفطية ومخلفاتها، مكافحة الحشرات، تقديم الخدمات اللازمة للمباني التي يقيم فيها الجنود الأتراك، غسيل وكوي ملابسهم".
كما تنص المادة على عدم سداد أية فواتير مستحقة على الجيش التركي لصالح الشركات القطرية، إلا بموافقة الجانب التركي وبموجب تقارير خاصة مكتوبة توضح ماهية هذه الفواتير.
كما أن الأخطر في هذا المجال هو ما أوردته الفقرة الثانية من المادة السادسة من الاتفاقية، والتي تفرض على الجانب القطري أن يتكفل بتكاليف العقود التي يبرمها الأتراك مع أي طرف أو شركة من أجل الحصول على الخدمات التي لا تستطيع الحكومة القطرية أن تقدمها بشكل مباشر، وهو ما يعني أن الجيش التركي قد يبرم عقوداً بملايين الدولارات مع شركات محلية أو أجنبية أو ربما تركية ومن ثم تقوم الحكومة القطرية بسداد هذه الأموال من خزينتها، بموجب هذه الاتفاقية.
وتتكفل الحكومة القطرية أيضاً بموجب هذه المادة بكافة الخدمات الطبية والعلاجية التي يحتاجها الجيش التركي خلال تواجده على الأراضي القطرية، ودون أي مقابل مالي، ما يعني أن آلاف الجنود الأتراك أصبحوا مؤمَّنين صحياً في قطر وعلى نفقة الحكومة بشكل كامل.
علاوة على ذلك، تضمنت الاتفاقية السرية العسكرية الموقعة بين قطر وتركيا بنوداً تمس السيادة على الأرض، حيث تبين أن أحد بنود هذه الاتفاقية التركية لا يُجيز ملاحقة أي جندي تركي متواجد في قطر ولا محاكمته في حال ارتكابه أي انتهاكات قانونية.
ويُشكل هذا البند انتهاكاً واضحاً للسيادة القطرية، كما أنه يعيد إلى الأذهان فترة الاستعمار الأجنبي للمنطقة العربية عندما كان الجنود الأجانب يتمتعون بحماية بلدانهم على أراضي المستعمرات التي يحتلونها ولا تستطيع السلطات المحلية ملاحقتهم أو محاكمتهم على الجرائم والمخالفات التي يرتكبونها.
كما لا تجيز هذه الاتفاقية أيضاً أن يتم اللجوء إلى أي طرف ثالث، سواء كان دولة أو منظمة دولية، من أجل فض المنازعات أو الخلافات التي يمكن أن تنشأ عنها.
وتبين من المراجعة لنص الاتفاقية، أن كافة الجنود الأتراك المتواجدين على الأراضي القطرية لا يمكن أن يخضعوا للقانون القطري ولا للجهاز القضائي هناك، وإنه في حال ارتكب أي منهم مخالفة أو جريمة فإن "القضاء التركي هو الذي يختص بالنظر فيها".
وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية في فقرتها الثانية على أن "الجمهورية التركية هي صاحبة الاختصاص القضائي فيما يتعلق بمواطنيها في الحالات التالية: أية جريمة ضد الأمن أو الممتلكات أو الأشخاص التابعين لتركية- أية جرائم تتسبب بها الأعمال التي تتم لتنفيذ المهام الرسمية للأتراك، أو أخطاء، أو فشل قد يحدث عند إنجاز المهام الرسمية- أية شهادات أو وثائق تتعلق بالمهام يتوجب أن تصدر بعد التواصل بين الجهات القانونية في البلدين، ويتوجب توقيعها من جنرالات أتراك وقطريين معاً.
وتشير الفقرة الثالثة من المادة الخامسة أيضاً على أن "كل طرف من الطرفين يحتفظ بحق المطالبة نتيجة أية أضرار أو خسائر أو تدمير للممتلكات، كما يحتفظ بحق المطالبة بالتعويض عن الإصابات بجراح أو الوفيات التي يمكن أن تحدث من قبل عناصر القوات المسلحة"، لكن على الرغم من ذلك فإن الفقرة استدركت مسألة التعويض بالقول: "مع الأخذ بعين الاعتبار الاستثناءات المتفق عليها".
كما دعت المادة الخامسة عناصر الجيش التركي المنتشر على الأراضي القطرية إلى "احترام القوانين والجمارك والعادات والتقاليد في دولة قطر"، لكنها في الوقت ذاته منحت الحماية للجنود الأتراك من أية مساءلة في حال انتهاك هذه الأشياء، ومنعت السلطات القطرية من اعتقال أي جندي تركي ينتهك القوانين، كما منعت محاكمته داخل قطر أو إخضاعه للقانون القطري.
وكانت الاتفاقية العسكرية السرية قد أبرمت بين البلدين يوم 28 أبريل 2016، إلا أنه تم توسيعها في منتصف العام 2017 ومررها البرلمان التركي حينها، وبموجبها وصل آلاف الجنود الأتراك إلى قطر، إلا أن الاتفاقية التي تحمل اسم (اتفاقية التنفيذ بين الجمهورية التركية وحكومة دولة قطر لنشر القوات التركية على الأراضي القطرية) ظلت طي الكتمان الى أن تمكن الموقع السويدي "نورديك مونيتور" من الحصول على نسخة منها.
ويبدو أن التعاون العسكري بين قطر وتركيا لم يقتصر فقط على إرسال الجنود لحماية تميم ، بل حولت أنقرة أرض الدوحة إلى حقل تجارب لاختبار منظومة عسكرية جديدة، لتتبع ذلك بالسيطرة على اقتصاد دويلة الشر مما يمكنها من ضمان الاحتلال الكامل.
الذليل أمر أذنابه في تنظيم الحمدين بتوقيع أكثر من 45 اتفاقية مشتركة بين البلدين من أجل تقنين سرقة تركيا لمقدرات القطريين ونهب خيرات دويلتهم، كما عزز من السيطرة التركية على السوق القطري المحلي بتقنين أوضاع 330 شركة تركية في مجالات البنية التحتية والمقاولات والصناعة والتجارة.
تجرد الأمير الصغير الكامل من الكرامة دفعه إلى التنازل على طائرة لقبت بـ"القصر الطائر" وبلغ ثمنها ما يقرب من نص مليار دولار من أجل أن ينال رضاء سيده أردوغان، كما أجبره العلج التركي على دفع فاتورة العقوبات الأمريكية التي فرض عليه لإنقاذ عملة دولته من الانهيار، فتنازل الذليل عن 15 مليار دولار لصالح اسطنبول.
لم يكتفى السيد العثماني بما قدمه تابعه ، بل أراد استغلال انبطاحه المهين في تحقيق كامل الاستنزاف لسلطنة الإرهاب التركية، وأصدر أوامره إلى تميم بشراء قصور تقع على مضيق البوسفور وبعض الشركات المفلسة في تركيا.