الحكومة VS العشوائيات.. خطة الخمس سنوات للقضاء على المناطق غير الآمنة
الأحد، 13 يناير 2019 08:00 صأعد الملف: ماجد تمراز
في 6 فبراير 2016، وقف الرئيس عبدالفتاح السيسى، مخاطبا الحكومة بقوله: «لا يمكن أن نسمح أبدا إن يكون عندنا عشوائيات زي دي تاني»، ووجه الحكومة بسرعة العمل للقضاء على هذه الظاهرة التى لا تتناسب مطلقا مع مصر، ومن وقتها تحركت الدولة في سبيل القضاء على العشوائيات، وبدأت في تحويل المناطق الخطرة إلى تجمعات سكنية بها كل مقومات الحياة.
مع مرور الأيام والشهور، آتت خطة الدولة ثمارها في عدد من التجمعات السكنية البديلة للمناطق الخطرة، رأينا الأسمرات 1 و2 و3، وغيط العنب، وغيرها من المناطق التى تحولت من مناطق عشوائية خطرة إلى تجمعات حضرية بها كل المرافق التي يحتاجها ساكنو هذه التجمعات، ووصلنا إلى إعلان محافظة بورسعيد كأول محافظة خالية من العشوائيات، وعلى نفس الخط تسير القاهرة التي تضم بين جنباتها عدة مناطق خطرة جرى الانتهاء من معظمها، وكذا في محافظة الإسكندرية ومحافظات أخرى كثيرة.
«ليس لنا خيار آخر أمام مواجهة العشوائيات لو اقتضى الأمر أننا ما ناكلش.. ولا يمكن نسمح بيها.. ولو هنقسم اللقمة والله.. وما يبقاش حد عايش وسطينا كده»، تلك الكلمات التي قالها الرئيس، تحولت إلى واقع على الأرض، فملف العشوائيات والقضاء عليها هو الملف الذي يحظى بدعم ومتابعة رئاسية على مدار اليوم، وهو ما دفعنا لفتح الملف، لنضع أيدينا على ما حدث به، وإلى أين وصلنا، وما هي خطة الدولة للوصول إلى الإعلان النهائي، مصر بلا عشوائيات.
والعشوائيات فى مصر، أحد أهم التحديات والحروب التي خاضتها الدولة خلال الخمس سنوات الأخيرة، فرغم صعوبة إيجاد تمويل مناسب للتخلص من كل المناطق العشوائية التي تُمثل خطورة داهمة على حياة قاطنيها، فإن الحكومة تمكنت من إيجاد التمويل المناسب، وبالفعل تحول الحلم الذي راود القيادة السياسية على مدار عصور مضت إلى حقيقة خلال السنوات القليلة الماضية، وكان لصندوق تطوير المناطق العشوائية دور مهم في تحقيق سلسلة من الإنجازات بمختلف محافظات الجمهورية.
وضع صندوق تطوير العشوائيات خطة مُحكمة وتصنيفا جديدا للعشوائيات بكل محافظة لتسهيل أمر تطويرها، وتعتمد استراتيجية عمل الصندوق على 3 أنواع من الخطط، أولها خطط قصيرة المدى، وتستهدف أن تكون مصر بلا مناطق عشوائية غير آمنة، وأخرى متوسطة المدى، وتستهدف تطوير المناطق غير المخططة، أما الأخيرة فهي الخطط طويلة المدى، وتعتمد على التنمية العمرانية الشاملة لوقف الهجرة من الريف إلى المدن ومنع ظهور مناطق عشوائية جديدة، والهدف الأساسي من تلك الخطط هو تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والتأكيد على توفير مسكن آمن للجميع على حدٍ سواء.
وتسعى الدولة في خططها التي أعدتها للتغلب على العشوائيات والأماكن غير الآمنة، إلى توطين سكان المناطق العشوائية بنفس المواقع أو بأقرب مناطق مجاورة وتطوير تلك المناطق مع المحافظات في إطار اللامركزية، بالإضافة إلى تطبيق مبادئ الشراكة مع الأهالي في مشروعات تطوير المناطق العشوائية، وضمان الحفاظ على الأحوال المعيشية والاقتصادية لسكان هذه المناطق، بالإضافة إلى دعم الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتفعيل الشراكة مع الجهات المانحة لتنفيذ أولويات الدولة لتطوير المناطق غير الآمنة.
وحتى عام 2014، وصل عدد المناطق العشوائية بكل محافظات الجمهوية إلى 351 منطقة غير آمنة، يسكنها ما يقرب من مليون مواطن، وهذه المناطق لا تمثل كل المناطق العشوائية الموجودة فى مصر، وتلك المناطق هى التى تقع تحت أبراج كهرباء الضغط العالى أو بجوار السكك الحديدية، أو عبارة عن عشش لا تصلح للحياة الآدمية، وقد رصدت الدولة منذ 4 أعوام ما يقرب من 14 مليار جنيه لتنفيذ خطتها الطموحة للقضاء على المناطق العشوائية، من خلال سياسة واضحة تستهدف توفير سكن ملائم مكتمل المرافق والتشطيبات لأهالي المناطق العشوائية.
أما عن مساحة العشوائيات فى مصر، فهناك 160.8 ألف فدان هي إجمالى مساحة المناطق العشوائية بالجمهورية، حيث تمثل نسبة العشوائيات نحو 39% من إجمالى الكتلة العمرانية للجمهورية وتنتشر في 226 مدينة، وهناك 8 مدن فقط خالية من المناطق العشوائية، موزعة على النحو التالى: مدينتان بمحافظة السويس، ومدينتان بمحافظة الشرقية، و3 مدن بكفر الشيخ، ومدينة واحدة بمحافظة الجيزة، وتمثل مساحات المناطق العشوائية بمحافظات سوهاج، والشرقية، وبنى سويف الأعلى على مستوى محافظات الجمهورية بنسبة بلغت 71.1%، 69.5%، و65.3% على التوالي.
أما عن ترتيب المحافظات من حيث مساحة العشوائيات قبل إنشاء المساكن الآمنة لسكانها، فجاءت محافظة الإسكندرية في المركز الأول من حيث انتشار المناطق العشوائية وغير الآمنة، حيث بلغت مساحة المناطق العشوائية بها 20.1 ألف فدان بنسبة 12.5% من إجمالى المساحة، وفي المركز الثاني تأتي محافظة القاهرة بمساحة 19.4 ألف فدان بنسبة 12%، تليها محافظة الجيزة بـ 15.5 ألف فدن، وبنسبة 9.6% من إجمالي مساحة المناطق العشوائية، فيما تبلغ نسبة مساحة المناطق العشوائية غير الآمنة بمحافظتى القاهرة والإسماعيلية 40.7% من إجمالي مساحة المناطق غير الآمنة على مستوى الجمهورية.
أما عن تقسيمة المناطق الخطرة من حيث الدرجات وفقا لآخر إحصائية أعدت عن العشوائيات في مصر، فإن المناطق العشوائية غير الآمنة ذات درجة الخطورة الثانية فى المرتبة الأولى بلغ عددها 251 منطقة، وتليها المناطق ذات درجة الخطورة الثالثة بنسبة 16.8%، وتمثل مناطق درجتى الخطورة الأولى والرابعة 11.7% من إجمالى المناطق العشوائية غير الآمنة، وتمكنت الحكومة خلال آخر 4 أعوام فقط من تعديل تلك الأرقام، بإنشاء عدد من المشروعات السكنية وتطوير بعض المناطق، مثل منطقتى عزبة جرجس والعسال بحى شبرا، بعد أن تكفل صندوق تحيا مصر بتطويرهما.
وفي العام الأول من الإعلان عن مواجهة العشوائيات بإنشاء سلسلة من المشروعات، أعلن اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية الأسبق، عن الانتهاء من تطوير 57 منطقة غير آمنة بتكلفة 1.5 مليار جنيه فى 17 محافظة وهى بورسعيد وأسوان وأسيوط والإسكندرية والإسماعيلية والأقصر والبحيرة والجيزة والفيوم والقاهرة والقليوبية وجنوب سيناء ودمياط والدقهلية وقنا وكفر الشيخ ومطروح، وهى مناطق بعضها آمن والبعض الآخر غير مخطط ويحتاج إلى تدخل من الدولة.
وتختلف آلية الدولة فى التعامل مع المناطق غير المُخططة، فهى لا تُمثل خطورة على حياة قاطنيها، وإنما تحتاج إلى إعادة التخطيط بشكل حضارى، ولعل أبرز المناطق غير المخططة بمحافظة القاهرة هى شارع البترول بالمرج، منطقة عين شمس الجنوبية وعين شمس الشمالية، منطقة الإباجية بالخليفة، ومنطقة أبوليلة ومتفرعات أحمد خليل بالزاوية الحمراء، وسوق الوحايد ومناطق متفرقة بحى منشأة ناصر، ومنطقة كوتسيكا بحى طرة ودار السلام بحى دار السلام، ومنطقة وعزبة نافع بالمعادى، ومنطقة العسال بشبرا والتى تم تطويرها بتمويل من صندوق تحيا مصر، وأسواق النيل وأسبيكو وتقسيم مكة بحى السلام أول.
وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، أنفقت الدولة ما يقرب من 21 مليار جنيه فى تنفيذ مشروعات إسكان لتسكين القاطنين بالمناطق الخطرة، بالإضافة إلى تطوير عدد كبير من المناطق بمختلف المحافظات، وتطوير هذه المناطق تطلب إنشاء نحو 200 ألف وحدة سكنية، إلا أنه تم الانتهاء من تنفيذ أكثر من 96 ألف وحدة سكنية، حيث تم الانتهاء من تنفيذ 26 ألف وحدة سكنية، بالإضافة إلى 23 ألف وحدة سكنية تم الانتهاء منها بالتعاون مع الأهالي.
سلسلة كبيرة من المشروعات عمدت الدولة على تدشينها للتخلص من كل الأماكن العشوائية والتي تهدد حياة قاطنيها فى وقت قياسى، ما يمثل أحد التحديات الكبيرة التى دخلتها القيادة السياسية الحالية، ولترسيخ مبدأ مواجهة العشوائيات بكل المحافظات، تم التشديد على كل رؤساء الأحياء والمدن بكل محافظة من محافظات الجمهورية، بمواجهة أى محاولة للبناء المخالف، ووفقا لذلك تشن الحملات اليومية بمختلف الأحياء والمدن لمراجعة التراخيص وإزالة الأدوار والمبانى المخالفة فى المهد قبل تَفَحُلِها.
ولعل أهم الخطط التي وضعتها الحكومة للتخلص من العشوائيات، هي خطة إنشاء وتطوير الأسواق الحضارية الجديدة، حيث كان هناك 1100 سوق عشوائية بمختلف المحافظات تنتظر أعمال التطوير بها، ووصل عدد الأنشطة بتلك الأسواق إلى 305236 وحدة نشاط، وكان ضمن الخطة الموضوعة لتطوير تلك الأسواق إنشاء وحدات تكنولوجية فيها ضمن أعمال تطويرها، وستكون بداخلها بورصة للأسعار وإنترنت فائق السرعة، بحيث يستطيع التاجر أو المواطن معرفة سعر الخضراوات والفاكهة من خلال خدمة «sms»، التي سيتم إرسالها على الموبايلات، وستخدم الأسواق الجديدة نحو 4 ملايين نسمة بشكل مباشر ونحو 20 مليون نسمة بشكل غير مباشر.