جرائم الموظف العام: التعدي على العقارات العامة (8)
الإثنين، 17 ديسمبر 2018 07:00 م
يخلط الكثيرون بين مختلف جرائم العدوان على المال العام، التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام «موظف الحكومة» كجريمة الاختلاس والاستيلاء والغدر والتربح من الوظيفة، والإضرار العمدي وغير العمدي بالأموال، وغيرها من الجرائم.
وفي سلسلة تقدمها صوت الأمة استنادًا إلى الدراسة البحثية، التي أعدها المستشار الدكتور فؤاد محمود عوض، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، توضح الفرق بين تلك الجرائم التي حددتها القوانين ومن بينها قانون العقوبات.
أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: اختلاس المال العام (1)
وقبل الخوض في الجرائم التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام، نعرف في البداية الموظف العام وهم القائمون بأعباء السلطات العامة والعاملون في الدولة، ووحدات الإدارة المحلية، ورؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، بالإضافة لأفراد القوات المسلحة، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالًا عامة.
ويقصد بالموظف العام كذلك، كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به.
أقرأ أيضًا: يلزمها توافر ثلاثة أركان.. جرائم الموظف العام في الاستيلاء على المال العام (2)
الجريمة الثامنة: التعدي على العقارات العامة:
وهذه الجريمة نصت عليها المادة 115 مكرر عقوبات، حيث تعاقب هذه المادة الموظف العام الذي يتعدى على أرض زراعية أو أرض فضاء أو مبان مملوكة كوقف خيري أو لإحدى الجهات المبنية بالمادة 119 سواء كان بزراعتها أو غرسها أو إقامة إنشاءات بها أو انتفع بها بآية صورة أو سهل ذلك لغيره متى كان العقار يتبع الجهة التي يعمل بها أو جهة يتصل بها بحكم عمله.
والعقوبة المقررة هنا هي السجن ولكنها تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة إذا ارتبطت الجريمة بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
وما جعل المشرع يضيف هذه المادة إلى جرائم الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات أن الموظف العام وهو المنوط به الحفاظ على مصالح الدولة ورعاية أموالها يزيد جرمه عن آحاد الناس إذا اعتدى على عقارات تملكها الجهة التي يعمل بها أو التي يتصل بها بحكم عمله فضلاً عن مخالفته واجب الأمانة الذي يتطلبه حسن سير مرافق الدولة وإضراره بمصالحها الاقتصادية.
وهذه الجريمة تتطلب صفة خاصة في الجاني وهو كونه موظفاً عاماً أما إذا كان من آحاد الناس أو يستخدم في مشروع خاص فلا تتوافر الجريمة، ويجب أن تكون له صفة الموظف العام عند ارتكاب الجريمة وأن يكون العقار المتعدى عليه تابع للجهة التي يتصل بها عمل الموظف بمعنى أن الوظيفة هي التي سهلت تعدى الموظف على العقار، ولذلك يعتبر معتديا على العقار ناظر الوقف الذي يتعدى على أرض مملوكة للوقف الخيري، وكذلك محصل الضرائب العقارية الذي يتعدى على أرض زراعية تابعة لإحدى الشركات الزراعية التي يتصل بها يحكم عمله بصفة منتظمة لتحصيل الضرائب.
الركن المادي:
فى هذه الجريمة يتمثل في فعل التعدي على أرض زراعية أو فضاء أو مبان من جانب الموظف أو تسهيل ذلك للغير والاستيلاء على العقار بصورة من التعدي تكون بغرض الانتفاع سواء بزراعة الأرض أو غرسها أو إقامة منشآت بها أو بشغل العقار إن كان من المباني أو بأي صورة أخرى من صور الانتفاع حال كون الموظف ليس له حق في هذا الانتفاع سواء بعدم جواز انتفاعه به أصلاً أو لأنه كان يجوز له الانتفاع ثم امتنع بعد انتهاء حقه في الانتفاع عن إخلاء العقار.
والقصد الجنائي:
في هذه الجريمة يقوم على علم الموظف بصفة كموظف عام وعلمه بأن محل التعدي عقار تابع لجهة عمله فإذا كان يجهل ذلك بأن اعتقد أن العقار مملوك لفرد عادى لا تقع الجريمة كما ينبغي أن ينصرف علمه إلى عدم أحقيته في شغل العقار أو الانتفاع به، فإذا اعتقد أن وظيفته تخوله شغل مسكن من مساكن الجهة التي يعمل بها جهلاً بقواعد توزيع المساكن لا تتوافر الجريمة ويلاحظ أن التعدي إذا كان مصحوباً بنية التملك كان استيلاء على المال العلم يخضع لمادة 113 عقوبات.