جرائم الموظف العام: الإضرار غير العمدي بالأموال والمصالح (7)
الأحد، 16 ديسمبر 2018 02:00 ص
يخلط الكثيرون بين مختلف جرائم العدوان على المال العام، التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام «موظف الحكومة» كجريمة الاختلاس والاستيلاء والغدر والتربح من الوظيفة، والإضرار العمدي وغير العمدي بالأموال، وغيرها من الجرائم.
وفي سلسلة تقدمها صوت الأمة استنادًا إلى الدراسة البحثية، التي أعدها المستشار الدكتور فؤاد محمود عوض، نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية، توضح الفرق بين تلك الجرائم التي حددتها القوانين ومن بينها قانون العقوبات.
أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: اختلاس المال العام (1)
وقبل الخوض في الجرائم التي من الممكن أن يرتكبها الموظف العام، نعرف في البداية الموظف العام وهم القائمون بأعباء السلطات العامة والعاملون في الدولة، ووحدات الإدارة المحلية، ورؤساء وأعضاء المجالس والوحدات والتنظيمات الشعبية وغيرها ممن لهم صفة نيابية عامة سواء كانوا منتخبين أو معينين، بالإضافة لأفراد القوات المسلحة، وكل من فوضته إحدى السلطات العامة في القيام بعمل معين وذلك في حدود العمل المفوض فيه، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالًا عامة.
ويقصد بالموظف العام كذلك، كل من يقوم بأداء عمل يتصل بالخدمة العامة بناءً على تكليف صادر إليه بمقتضى القوانين أو من موظف عام في حكم الفقرات السابقة متى كان يملك هذا التكليف بمقتضى القوانين أو النظم المقررة، وذلك بالنسبة للعمل الذي يتم التكليف به.
أقرأ أيضًا: يلزمها توافر ثلاثة أركان.. جرائم الموظف العام في الاستيلاء على المال العام (2)
الجريمة السابعة: جريمة الإضرار غير العمدى بالأموال والمصالح:-
وقد نصت على هذه الجريمة المادة 116 مكرر ( أ ) التي تقر أن "كل موظف عام تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة، بأن كان ذلك ناشئاً عن إهمال في أداء وظيفته أو عن إخلال بواجباتها أو عن إساءة استعمال السلطة يعاقب بالحبس وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ست سنوات وغرامة لا تتجاوز ألف جنيه إذا ترتب على الجريمة إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها".
وهذه الجريمة تعتبر جنحة عقوبتها الحبس أو الغرامة وتشدد العقوبة إذا ترتب على الفعل إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها وأساس التجريم هو حرص المشرع على صيانة المال العام والمصلحة العامة بأن يمنع الموظف من الأفعال التي من شأنها المساس بهذا المال على نحو يضر بالدولة سواء كان ذلك بفعل إيجابي بشكل خطأ أو بفعل سلبي يتمثل في الإهمال في صيانة هذه الأحوال.
أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: الغدر (3)
ولابد من توافر الصفة الخاصة لمرتكب هذه الجريمة وهى أن يكون من الموظفين العموميين وفقاً لمادة 119 عقوبات.
الركن المادي:
يتحقق الركن المادي لجريمة التسبب خطأ في إلحاق الضرر بالأموال والمصالح بإتيان الموظف سلوكاً ينتج عنه الإضرار بالأموال العامة والمصالح التي وردت بالنص، ولابد أن تكون هذه المصالح مادية فيخرج عن نطاق التأثيم المصالح الاعتبارية المحضة ويشكل هذا السلوك إهمالاً من جانب للموظف أدى إلى الضرر وهذا الإهمال ينطوي في الغالب على مخالفات لواجبات الوظيفة التي يشغلها الموظف إذا لم ينسب إليه أي إهمال لا يجوز مساءلته عن أية أضرار تحدث بأموال الجهة ومصالحها، كما يجب أن يثبت أن سلوكه ما هو إلا إهمال أما إذا ثبت أن إرادته قد اتجهت إلى إحداث النتيجة غير المشروعة فإن سلوكه يخضع في هذه الأحوال للمادة 116 مكرر (أ).
أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: التربح من أعمال الوظيفة (4)
وعرفت محكمة النقض الإهمال بأنه "صورة من صور الخطأ الفاحش ينبئ عن انحراف مرتكبه عن السلوك المألوف والمعقول للموظف العادي في مثل ظروفه وقوامه تصرف إرادي خاطئ يؤدى إلى نتيجة ضارة توقعها الفاعل أو كان عليه أن يتوقعها ولكنه لم يقصد إحداثها ولم يقبل وقوعها".
وقد حدد المشرع صور الخطأ غير العمدي وهى:
الإهمال في أداء الوظيفة ومعناها الخروج على ما توجبه الوظيفة على شاغلها من واجبات كما لو امتنع الموظف عن مزاولة الأعمال المنوطة به أو التأخير في مباشرة العمل في المواعيد المقررة أو رفضه تنفيذ ما يؤمن به شريطة أن يؤدى ذلك إلى إحداث الضرر بصورة أو بأخرى كالتأخير في حضور وردية تشغيل معدات المصنع.إساءة استعمال السلطة ومعناها استعمال الموظف سلطته لتحقيق أغراض أخرى تختلف عن الأهداف التي حددتها الإدارة في إسناد هذه السلطة إليه.الإخلال بواجبات الوظيفة وينصرف ذلك إلى كل صور الاستهانة والتفريط فى العمل الوظيفي شريطة أن يؤدى تلك إلى ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة ويجب أن تبين المحكمة الأدلة التي استندت إليها فى إثبات جسامة الضرر حتى تستطيع محكمة النقض أن تراقبها فى مدى استخلاص الجسامة من الأدلة الثابتة .
أقرأ أيضًا: جرائم الموظف العام: الإخلال بنظام توزيع السلع (5)
الركن المعنوى:
جريمة التسبب في إلحاق ضرر جسيم بالأموال والمصالح جريمة غير عمديه وذلك يتخذ ركنها المعنوي صورة الخطأ على النحو الذي أشرنا إليه حالاً ولا يشترط أن يكون الخطأ جسيماً حيث عدل المشرع عن هذا الشرط فى الخطأ بالقانون رقم 63 / 1975، حيث اكتفى بمجرد الخطأ دون اشتراط أن يكون جسيماً على أساس تعذر إثبات جسامة الخطأ وقد انتقد الفقه ذلك بالقول أن الاكتفاء بأي قدر من الخطأ من شأنه أن يقوم الموظف في التصرف ويقضى على روح المبادرة والإقدام خشية الوقوع في الخطأ.
جرائم الموظف العام: الإضرار العمدي بالأموال والمصالح (6)