حوار المستقبل في وزارة التعليم..
«صوت الأمة» في مواجهة الوزير طارق شوقي وقيادات الوزارة حول نظام التعليم الجديد (2-2)
الأحد، 02 ديسمبر 2018 05:00 م
الدكتور طارق شوقي لـ"صوت الأمة":
- بعض المدرسين يثيرون الرعب فى نفوس الطلاب من النظام الجديد ويروجون للآكاذيب خوفاً على أموال الدروس الخصوصية
- تلقينا دعوة من حكومة دبى للمشاركة فى فعاليات قمة المعرفة لعرض خطة تطوير التعليم التى تستهدف النشء والحديث عن بنك المعرفة
- لسنا ضد البيزنس أو أن يربح أحد لكن ليس على حساب الطلاب والأهالى وتدمير فلسفة النظام الجديد
- نسّقنا مع التعليم العالى لتطبيق النظام الجديد بالجامعات فى 2021
- نُفكّر استراتيجيًّا ونحتاج لتغيير القوانين القديمة ولإيمان مجتمعي بالمشروع لأن التطوير ليس قضية التربية والتعليم وحدها
- حبيبة عز مستشار الوزير لشؤون التعليم الفني: لدينا نظام تعليم مزدوج جديد أسميناه "التكنولوجيا التطبيقية" ليحصل الخريج على شهادة تُمكّنه من العمل والمنافسة محليًّا وخارجيًّا ووقّعنا شراكة مع شركة "سيمنس" الألمانية لتدريب الطلاب فى 16 مدرسة وتأهيلهم ومنحهم شهادات دولية معتمدة
- الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام: فكرة المناهج الجديدة قائمة على الأنشطة لتنمية مهارات الطالب
- الدكتور محمد عمر نائب الوزير لشؤون المعلمين: امتحانات الثانوية العامة تُكلّفنا سنويًّا مليارًا و700 مليون جنيه وستنخفض بعد 7 سنوات إلى 200 مليون جنيه فقط وهناك أدوات لتقييم أداء المُعلّمين.. ونعمل على مشروع منح رخص مزاولة مهنة للمعلمين لتكون أساس الترقية أو الإيقاف عن العمل
في الجزء الثاني من المواجهة التي أجرتها "صوت الأمة" مع الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، وقيادات الوزارة المسؤولين عن منظومة التعليم الجديدة، كان التركيز على العنصر الأهم في المنظومة التعليمية، وهو المعلم.
في هذا الجزء تحدّث الدكتور طارق شوقي ومعاونوه عن آليات تطوير عمل وأداء المعلمين، ليتمكّنوا من استيعاب المنظومة الجديدة، كما تحدّثوا عن الفريضة الغائبة، وهي التواصل مع أولياء الأمور عبر وسائل الإعلام المختلفة.
صوت الأمة: الجزء المهم في المنظومة التعليمية هو المعلم، فهل ستكون لديه القدرة على التعامل مع الطلاب من خلال التابلت؟
الدكتور طارق شوقي: المعلمون أيضا سيحصلون على «تابلت» مزود بمحتوى مختلف عن نظيره الذى يملكه الطلاب، ونفس الشىء بالنسبة لنظار المدارس ومديرى المديريات التعليمية، فنحن نريد أن نخلق شبكة تواصل إلكترونية معهم، والجديد فى الأمر أيضا أننا سنخصص شبكة يمكن من خلالها رؤية ما يحدث داخل الفصول فى مختلف المحافظات، فمن مكتبى سأتواصل مع مدير المديرية عن طريق التكنولوجيا، ولن نكون فى حاجة لإرسال خطابات، وسأكتب رسالة لأبنائى الطلاب تظهر لهم على اجهزتهم فى وقت واحد، ويمكن أن أفعل الشىء نفسه مع المعلمين، وهذا سيساعدنا فى السيطرة على المنظومة بأكملها. ويمكننى أيضا أن أرى ما يحدث داخل مخازن الكتب، وإن كان هناك تأخر فى توزيعها، وهذا سيتم تطبيقه فى يناير المقبل، فى النهاية نريد أن ندير بالتكنولوجيا، وكل هذا تحقق فى أقل من عام ونصف فقط، وهذا إنجاز رهيب، لكن لم يره الناس بعد، وكل هذا يحدث بنفس الاستثمار ولن تحمل تكلفة إضافية، فنحن نستثمر مرة واحدة فقط.
"مهمة بناء معلم يكون قدوة حسن"
صوت الأمة: وهل تم الانتهاء من تأهيل المعلمين على المناهج الجديدة؟
الدكتور طارق شوقي: المعلم هو الحلقة الأهم خاصة فى المرحلة الابتدائية، وتم طرح دليل المعلم الخاص بمرحلة «كى جى 2» نشرح له كيفية تدريس المهارات الحياتية وخريطة التدريس، وقدمنا له إسكريبت «معالجة» كالأفلام، فالمناهج بالنسبة لنا مشروع حلم، وولى الأمر لا يرى كل هذا، هو فقط يلاحظ كتابا فى يد طفله ولا يعلم ما الذى يتم معه، فتلك الكتب تم إعدادها عن طريق خبراء فى أمريكا وإنجلترا بالتعاون مع مركز المناهج على أرقى مستوى ممكن.. العاملون فى الوزارة لا ينامون، ويعملون على كافة المستويات من تأليف وتدريب ومتابعة، وللأسف هذه الصورة لم تصل للأهالى ولا يدركون أهمية خطوة تأليف المناهج التى تتم لأول مرة على يد الوزارة، وهذا بمثابة استثمار كبير بعدما اعتادت الأخيرة خلال السنوات الماضية طرح مناقصات على مؤلفين، وهذا الأمر تغير تماما، حيث أصبحت عملية التأليف تتم فى هيئة سلاسل دون الحاجة لتغيير المؤلف كل عام، مع العلم أنه يتم الحصول على نسخة تفاعليه للمناهج وفقا للعقد المبرم مع كل مؤلف، وعندما تكون المدارس مؤهلة لن يحتاج الطالب لحمل قرابة 3 كيلو على ظهره، لأنه سيجد كل هذا فى جهاز صغير بين يديه يوفر له نسخا إلكترونية من المنهج.
الدكتور محمد عمر، نائب الوزير لشؤون المعلمين: نريد أن نبنى المعلم بشكل مختلف، يقوم على المبادئ الإنسانية فى الأساس ليكون قدوة حسنة ومثالا يحتذى به بالنسبة للأجيال القادمة، ونحاول تحقيق ذلك من خلال أساليب تقييم تعتمد على أدوات محددة مرتبطة بجزاءات للمقصرين فى أدائهم وحوافز ومكافآت بناء على الأداء الجيد، بالإضافة إلى أننا نعمل على مشروع منح رخص مزاولة مهنة للمعلمين والتى سيتم منحها بناء على المسميات الوظيفية المختلفة، ويتم فى إطارها عمليات الترقية والدرجات التصاعدية أو الإيقاف عن العمل فى حالة التقصير.
وسبق أن أعطينا مواصفات المعلم الذى نرغب أن يشاركنا فى منظومة التعليم الجديدة، لكليات التربية، حتى يتم تأهيل خريجيها لسوق العمل ومتطلبات المرحلة الجديدة، وبعيدا عن الموازنة الخاصة للدولة نستثمر مع كثير من القطاعات لتوفير عائد مادى يتم ضخه فى بند المعلمين، وهناك أطروحة تعمل عليها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع نظيرتها للتعليم الفنى، وهى أن يتم تحديد مسارات تعليمية مختلفة للطلبة النابغين والمتفوقين علميا.
نحن نؤمن أنه اذا لم يكن العنصر البشرى على نفس المستوى من الكفاءة والأداء «فكأن المشروع راح فى الهوى»، فنحن لدينا 160 نوعا من المدرسين فى القطاع العام والفنى، ولدينا تخصصات داخلية وفقا للمواد والمراحل الدراسية، وكل مرحلة ولها معلم خاص بها، مما يعنى أنه لدينا 160 مسمى وظيفيا، وهناك مشكلة أخرى أيضا ما بين القوانين وبعضها، وبالتالى فإن كم المشاكل الإدارية والاختلافات بين القوانين المطبقة مثل المحليات والتعليم والخدمة المدنية، وقوانين الاجتماعيين، كل ذلك بمثابة التحدى الحقيقى لنا، ونعمل عليه.
الدكتور طارق شوقي: نحن نفكر استراتيجيا ونحتاج لتغيير القوانين كليا، لدينا مئات القرارات الوزارية المعمول بها وتشريعات يعود تاريخها لستينيات القرن الماضى، وهذه مسألة عصيبة نحتاج أن ننسف كل تلك القوانين.
الدكتور محمد عمر نائب الوزير لشؤون المعلمين: فلسفة التعليم الجديدة لا تعتمد على الكتاب أو المنهج الملموس فى يد الطالب، فهذا ليس المعيار ولكن أهمية دليل المعلم الذى أصبح بمثابة المحرك الأساسى فى عملية التطوير، وحتى العام الماضى كانت الوزارة تطبع دليلا واحدا لكل مدرسة يتم وضعه فى المكتبة يطلع عليه المعلمون سريعا، ولمعالجه هذا الأمر قررنا طباعة الدليل بعدد كل المعلمين لشرح كيفية تدريس المنهج دون أن نمثل أى عبء إضافى على الدولة.
صوت الأمة: هل نحن مستعدون له من ناحية الإنفاق والصيانة والأعمار الافتراضية مثلا للسيرفرات؟
الدكتور محمد عمر، نائب الوزير لشؤون المعلمين: هناك ميزة يتيحها العمل بهذه الطريقة المؤسسية، وهى أنها نابعة من خطة الدولة نفسها خلال الأربع سنوات المقبلة 2022 اقتطعناها من استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وسواء كانت الحكومة الحالية موجودة أو غير موجودة فهذه الخطة مستمرة، وهذا مرتبط بتغيير تشريعى فى قوانين كثيرة جدا لتحقيق الخطة بهذا الشكل.
وأثناء وضعنا للبرنامج وضعنا كل التكلفة المتوقعة خلال العام الجارى والأعوام المقبلة، ووضعنا فى اعتبارنا الأعمار الافتراضية لتلك التقنيات أيضا، وبعقد مقارنة سريعة فى حجم الإنفاق بين فترة ما قبل تطبيق الخطة وما سيحدث بعد تطبيقها، نجد مثلا فيما يتعلق بمسألة امتحانات الثانوية، أن الامتحان القومى الواحد تكلف هذا العام مليارًا و700 مليون جنيه ممثلة فى تكاليف نقل وطائرات وأماكن تخزين للأوراق وتعيين عاملين عليها، والعام الماضى مليار و300 مليون، والعام المقبل من المتوقع أن تصل التكلفة إلى مليارين، لكن بعد سبع سنوات من الآن سنصل إلى تكلفة 200 مليون جنيه فقط، وستكون تلك التكلفة ناجمة مثلا عن المعاملات القادمة من السيرفر الرئيسى فى القاهرة للمديريات وهكذا.
ولكن هل فكرنا يوما أين يذهب ورق الإجابات؟.. الإجابة أنه يظل قرابة 15 عاما دون أن يقترب منه أحد، ويتم تخزين الملايين منه فى مساحات شاسعة، وبالتالى كان الورق فى حد ذاته بمثابة كارثة فى عملية التخزين وما تتطلبه من توفير عمالة وأبنية، وهى عمليات مكلفة للغاية، وبالتالى إن كان هذا الاستثمار الذى نجريه الآن مكلفا إلا أن العائد منه مضمون وينبغى ألا ننظر للأمر فقط كإنفاق ولكن كعملية توفير فى الموازنة العامة للدولة خلال السنوات المقبلة.
"العائد الاستثمارى للمنظومة كبير"
صوت الأمة: وهل تم تطبيق نظام "اختبارات التابلت" على كل المراحل الدراسية؟
الدكتور طارق شوقي: هذا النظام يتم تطبيقه فى أولى ثانوى فقط، لكن يتم استغلاله فى بقية الأعوام بعد ذلك، وإذا تحدثنا عن عائد الاستثمار فسنجد أننا استرددنا أموالنا فى فترة تقل عن 3 سنين، وبعد ذلك سنحقق مكسبا، لأنه سيتم استخدامه فى الجامعات أيضا، وبناء عليه سيتم منح رخص مزاولة المهنة للمعلمين، فهناك بنوك أسئلة خاصة للمهندسين وأساتذة الجامعات، وهذا استثمار قومى لا يعنى وزارة التربية والتعليم وحدها بدليل أن الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، نفسها حريصة على توفير برامج تأهيل طبية خاصة بالطلاب من خلال النافذة نفسها.
صوت الأمة: وما القيمة التي سنجنيها من تطبيق هذه المنظومة؟
الدكتور طارق شوقي: تلقيت دعوة بصحبة الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، للسفر إلى دبى وعرض خطة تطوير التعليم التى تستهدف النشء، والحديث عن بنك المعرفة فى إطار فعاليات قمة المعرفة التى تحل مصر ضيفة شرف لها هذا العام، وبالتالى هذا دليل على اهتمام دولة مثل الإمارات بالاطلاع على خطة مصر لتطوير التعليم، مما يفتح المجال أمام الحصول على دعم مادى ومعنوى للمشروع لتطبيق الخطة الجديدة، ويمكن أيضا أن تتم إتاحة محتوى بنك المعرفة لمثل تلك الدول بمقابل، وهذا مورد آخر.
وبعيدا عن الدول العربية سيتم عقد مؤتمر أفريقيا فى مصر قريبا بحضور وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى سحر نصر لعرض المشروع أيضا، وهذا معناه أننا نستثمر فى شىء محلى ثم أقليمى ثم دولى، وهذا فكر أعلى بكثير. أستطيع القول إن بنك المعرفة استثمار كبير جدا، عملية التسويق التى نتبعها فى المحافل الدولية ستجلب لنا موارد بعد ذلك، وبخلاف هذا لدينا مشروع آخر نستثمر فيه وهو العنصر البشرى الذى سيساهم فى إنجاح تلك المنظومة عن طريق تدريبه وتأهيله.
صوت الأمة: ما دور الوزارة في إيقاف عمليات تدريس مناهج المستوى الرفيع القديمة في بعض المدارس الخاصة؟
الدكتور محمد عمر نائب الوزير لشؤون المعلمين: نحن لا نراقب بشكل كامل، وهذه مشكلة ليست فى التعليم وحده، لكن فى مختلف القطاعات ليس لدينا هذه القوى البشرية، لكن الاستثمارات والتكنولوجيا التى نطبقها الآن ستمكننا من الوصول لأصغر فصل فى مصر ومعرفة ما يحدث فيه، وهذا ما لم نستطع فعله فى السنوات الماضية عبر البشر، ولكن ستفعله التكنولوجيا.
"التعايش مع فكرة الغشّ"
صوت الأمة: كيف نُحصِّن هذا المشروع الإنساني من محاولات البعض لتعطيله؟
الدكتور محمد عمر نائب الوزير لشؤون المعلمين: القانون وضع آليات كثيرة جدا لتحديد هل المشتكى مُتضرر فعلا أم لا، وله صفة ووجاهة قانونية أم لا، لأن البرنامج الذى نتحدث عنه هو برنامج دولة بالكامل ملتزمة به وتم عرضه على مجلس النواب والأخير وافق عليه، وبالتالى نحن ننفذ ما التزمت به الدولة ووعدت به، على سبيل المثال رئيس مجلس النواب يسأل الحكومة كل 6 أشهر، ما الذى قدمته وزاراتها من بينهم وزارة التربية والتعليم، وحتى الآن نحن نذاكر ونحضر بيانات تُرسل لرئيس الوزراء ليتم إرسالها للبرلمان ليطلع عليها.
فالبرلمان وافق وأعطى الثقة للحكومة بأن تعمل وفقا لبرنامج تعليمى مكون من 40 صفحة تم فيها شرح هذا المشروع فى برنامج الحكومة، ونحن أدينا قسمًا أمام الشعب المصرى أن نحافظ على سيادة هذه الدولة، والسيادة ليست الأرض فقط، وإنما جزء منها يتعلق بالفكر وعقليه الناس وثقافتهم، وهذا جزء من السيادة واستقرار البلد.
الدكتور طارق شوقي: للأسف الشديد نحن تعايشنا مع فكرة الغش، وهذه ليست مشكلة محدودة، وإنما مرتبطة بحجم الإنفاق المتمثل فى المليار و700 تكلفة الامتحان الواحد، مقابل تأمين ووسائل نقل وحرب كبيرة تخوضها مؤسسات الدولة ضد الغش، ويبقى بداخلى رغبة فى معرفة لماذا يسعى الطالب للحصول على درجات مضللة لا تعبر عن مجهوده الحقيقى، فى عملية ينتج عنها إخراج مواطنين غشاشين، لكن إن كنا نملك بالفعل قيما ومُثلا وقمنا بغرسها فى الأطفال لوفرنا كل هذه الأموال، لكن للأسف نبدو وكأننا نفترض أن الغش هو الأساس وأن غير العادى هو عدم الغش، وهذه ظاهرة.
وتعقيبًا على الكلام السابق، نحن لا نستطيع متابعة 60 ألف مدرسة على مدار اليوم، لأنه من المفترض أن يكون المعلم نفسه يشعر بالمسؤولية تجاه عمله وتجاه الطلاب، وبالتالى نحن فى حاجة لاستعادة بعض القيم وغرسها فى الأطفال الجدد، هذا بالإضافة لدور الدراما والسينما فى نقل صورة إيجابية لا تتنافى مع تلك القيم.
صوت الأمة: هل هناك لجنة مُشكّلة لتوضيح هذا الأمر وشرحه للناس أم لا؟
الدكتور طارق شوقي: النقل عن الوزارات الأخرى قد يكون أسهل بكثير من التعامل مع قضايا التربية والتعليم، فهى تحتاج لعمق وليس خبرية الواقع، ونحن لدينا مشكلة هى أننا نخاطب فئات مختلفة وطبقات اجتماعية مختلفة معنية بالأمر، وبالتالى نحتاج للغة خطاب متنوعة لإظهار الدور الحقيقى الذى يؤديه هذا الفريق فى مهمة إعداد المناهج للمرحلة الابتدائية على سبيل المثال، وشرح قصة التابلت والتقنيات التكنولوجية المستخدمة ومحتوى بنك المعرفة وتفاصيل كثيرة، وبالتالى نريد مساعدة الإعلام معنا.. نريد أن نكون شركاء بعيدًا عن فكرة الثقافة الخبرية فقط.. نريد مناقشة ومعالجة عميقة لكثير من القضايا ونقلها من موقعها وليس بناء على أحاديث أشخاص، لا نريد إعلاما يشكر فى الوزير ولا فى القائمين على المشروع، لكن التركيز على جوهر المشروع فعلا لتخريج أجيال نفخر بها فى المستقبل، ولا مانع من ذكر السلبيات مثل الإيجابيات، فالمهم هو أن يكتمل المشروع حتى وإن تغير الوزير والقائمون عليه، وهذا هو النجاح بالنسبة لنا. نحتاج لإيمان مجتمعى بأن هذه ليست قضية التربية والتعليم وحدها ولكنها قضيتكم.. نحن مستمرون، كل هذا المجهود كان لتيرم واحد فقط فى الصف الأول الابتدائى سننتقل بعدها للصف الثانى والثالث والرابع وهكذا، ومعنا حوالى 17 شريكا فى تأليف المحتوى، وبالتالى هذه الملحمة تحتاج لنقل صورتها بشكل حقيقى.
"المنظومة تحتاج إلى دعم إعلامي"
صوت الأمة: لماذا قصّرت وزارة التربية والتعليم في تصدير رسالة إعلامية قوية ومحترمة تليق بمشروع كبير مثل مشروع الوزارة حاليًا؟
الدكتورة دينا البرعي، مستشار الوزير للتقويم والامتحانات: ما نحتاجه الآن هو تعاون الإعلام معنا لإنجاز هذه المهمة على أكمل وجه، خاصة ومن واقع عملى داخل وزارة التربية والتعليم لمدة 25 عاما لدى قناعة أن هذا المشروع سينجح لأنه يقدم جانبا مختلفا تماما، وفى النهاية نحن على دراية بالمشاكل الموجودة على أرض الواقع والتى يشكو منها البعض ونسعى لحلها، لكن يجب أيضا التركيز على هذا المشروع الجديد وإعطاؤه حقه إعلاميا.
الدكتور طارق شوقي: نحن لسنا «بتوع» إعلام ولكل منا ملف، ولا نعرف سوى أن نحقق فى هذ الملفات خطوات إيجابية، لذلك مثلا لا نجد قيادات الوزارة ومسؤولى تلك القطاعات يظهرون للناس فى الإعلام لأنهم لم يأتوا لهذه المناصب من أجل الشهرة، لكن لتحقيق شىء مختلف بالفعل على أرض الواقع، وفى الوقت نفسه نحتاج لتبسيط المعلومة للناس ومخاطبة كل الفئات والمستويات مع التركيز على جوهر المشروع فعليا، وليس أى معارك أخرى هامشية وهذا دور الإعلام، ليس لدينا أجندة ونعمل ليل نهار، نتحدث هاتفيا فى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، لا نعرف الراحة فعليا فنحن نخوض معركة حقيقية.
صوت الأمة: لماذا لا نرى قوافل تجوب محافظات مصر لتوعية الناس بهذا المشروع القومي أو الظهور في التليفزيون أسبوعيًّا من خلال مؤتمر صحفي تنقله كل وسائل الإعلام؟
الدكتور طارق شوقي: أتفق معك تماما، لكن عددنا قليل للغاية، فالمجموعة المسؤولة عن التطوير فعليا قليلة لا تزيد على 25 فردا، وباقى الأفراد متعاونون معنا من الخارج، كما أن الوزارة نفسها معنية بالنظام القديم الذى مازال يتم العمل به حتى الآن، ونصارع الزمن من أجل تغييره، وبالتالى هؤلاء الناس ليس لديهم المساحة للخروج بشكل دورى والحديث.
شخصيا أتعامل بمفردى مع ما يقرب من 30 محطة تليفزيونية، ولدينا ضغط كبير، وأفكر جديا أن يكون هناك مراسل مقيم معنا فى الوزارة يطلع على كل شىء ويتحدث معنا باستمرار ليعرف تفاصيل الأمور وحقيقتها، وأريده أن يكون شريكى «فى المطبخ».
فى أمور أخرى نحارب من أجلها على سبيل المثال، الكتب الخارجية، أنتجنا كتبا حكومية على أعلى مستوى، ووفقا لآراء خبراء ومتخصصين أنتجنا مناهج يمكن تدريسها فى أمريكا نفسها، وفوجئنا بأن هناك صناعة كاملة تقوم على الكتب الخارجية وطلبوا منا إعطاءهم إطار المناهج، وبالطبع رفضنا لأن القائمين على تلك الصناعة يريدون إنتاج كتب تقوم على فكرة حل الأنشطة وليس الفهم والتفكير، وبالتالى بعدما قمنا بطباعة الكتاب المدرسى الحكومى فوجئنا بوجود ملخصات وكتب خارجية وكتب مقلدة، موجودة فى الأسواق، وحينما بحثنا وجدنا أنها فى مخازن فى الطرق الزراعية، وهى كتب مقلدة ومضروبة لا تحمل اسم مؤلف أو ناشر ولا رقم ترخيص ولا أى شىء، وثقافة واضعى هذه الكتب وناشريها تقوم على نقل الكتاب الأصلى وتزويده بتمارين وحلولها، وبالتالى تدمير ما نقوم بالإعداد له من فلسفة واستراتيجية، وللأسف الاهالى تستجيب وتقوم بشراء تلك الكتب.
إذًا نحن أمام مشهدين، الأول أشخاص يجتهدون لتأليف منهج على أعلى مستوى وقدر من الجودة وعلى يد خبراء دوليين ومتخصصين، وآخرون يقومون بتقليد نسخة منها وتشويهها وعرضها فى الأسواق لأولياء الأمور دون مراجعة أو ترخيص، ورغم تحذيرنا للأهالى بأن هذه الكتب مضروبة فإنهم لم يستوعبوا هذا.
نحن لسنا ضد أن يربح أحد لكن ليس على حساب الطلاب والأهالى، لذا دعونا الناشرين للتعاون معنا، لكن لم يستجب أحد سوى دور النشر الكبيرة، واتفقنا وقلت لهم نصا: «أنا مش عايزكم تقفلوا لكن متعملش كتاب تضربنى بيه زى زمان.. اعملوا كتاب الحكومة لكن بجودة عالية وليس كتابا آخر باسم مختلف، قدم لى كتابا مساعدا مطورا وليس آخر ضد الكتاب الحكومى الأصلى»، وفى النهاية اتفقنا على إخراج الكتب الرائعة الموجودة.
وفيما يتعلق بالتصدى لدور نشر بير السلم أبلغنا بالفعل الجهات الأمنية للقبض على المسؤولين عنها، واكتشفنا أنهم يخفون تلك الكتب مجهولة المصدر مثل المخدرات فى مناطق نائية.
"الدروس الخصوصية تهدم فلسفة التعليم"
الدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام: فكرة المناهج الجديدة قائمة على الأنشطة لتنمية مهارات الطالب، ولو ولى الأمر أو منتجو الكتب الخارجية المخالفة قدموا أسئلة وأجوبة فهذا يعنى أن مجهودنا يذهب هباء، لأن فلسفة المناهج الجديدة تقوم على كيفية التعلم، فأنا لا يمهنى الوصول لمعلومة صحيحة بنسبة 100٪ ولكن يهمنى كيفية الوصول للمعلومة سواء الطالب بمفرده أو مع زملائه.
الدكتور طارق شوقي: نحن لسنا ضد البيزنس، ولكن ضد تدمير الفلسفة التى نسعى لها والتى تصب فى النهاية فى مصلحة أولادنا، ولسنا ضد الدروس الخصوصية بهذا العنوان، ولكننا ضد الفكرة التى تحدث داخل السنتر وهى تلقين الطلاب، والهدف فى النهاية أن يكون ابنى فاهما ومتعلما، من الممكن أن يكون هناك بيزنس غير ضار يقدم تعليما صحيحا، ففكرة الدروس الخصوصية تقوم على أن هناك طلابا قد يحتاجون مزيدا من الوقت والشرح للاستيعاب، لكن المشكلة هنا والتى تجعلها مضرة هى أنه يتم تقديم مواد غير مفيدة يحصل من خلالها الطالب على درجات دون تعليم حقيقى.
الأهالى يريدون السير فى أقصر الطرق، لذلك نحن نعى أن هذه الحرب لن تنتهى بالكلام، وعندما قررنا أن تكون امتحانات الصف الأول الثانوى بدون درجات، فهذا يعنى أننا ضربنا الدروس الخصوصية فى مقتل ولم يعد الطالب بحاجة إليها.
وعندما يستخدم الطالب «التابلت» سيجد نفسه أمام جهاز يقدم له مادة علمية مسلية وشيقة تغنيه عن الآلاف التى يدفعها فى الدروس الخصوصية حتى لو تكلف ثمن شريحة الإنترنت 100 جنيه، هذا أفضل من 1000 جنيه يدفعها فى الدروس، وبالتالى لن يذهب لها ولن يشترى كتبا خارجية سيدرك تماما أن الأمر أصبح مرتبطا بالفهم والاستيعاب وليس التلقين، وهذا ما أحدث حالة من الهيستريا لمعلمى الدروس الخصوصية.
«التعليم الجامعي يسير على الدرب»
صوت الأمة: التعليم مرحلتان، جامعي وقبل الجامعي، فكيف يتم التنسيق بين مسؤولي المرحلتين ليكون هناك تسلسل تعليمي واحد؟
الدكتور طارق شوقي: سبق أن قمنا بالتنسيق مع الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى، خلال مؤتمر الشباب، من أجل إثبات أننا نعمل سويا عبر خطة واضحة، فأنا عضو دائم فى المجلس الأعلى للجامعات، وفى نفس الوقت هو عضو فى مجلس التعليم قبل الجامعى، وبالتالى هناك لجنة مشتركة ونظام الامتحانات الذى نستثمر فيه الآن سيتم تطبيقه بعد ذلك فى الجامعات فى 2021، وسيتم طرح مناهج الكليات والامتحانات بنفس الطريقة.
"التعليم الفني"
صوت الأمة: هل خطة التطوير امتدّت لتشمل قطاع التعليم الفني؟ وهل سنصل إلى خريجين يتناسبون مع احتياجات السوق؟
حبيبة عز، مستشار الوزير لشؤون التعليم الفني: فى مجال التعليم الفنى لدينا نظام تعليم مزدوج جديد سميناه «التكنولوجيا التطبيقية» وهذا النظام يجعلنا أمام خريج حاصل على شهادة تمكنه من العمل والمنافسة ليس داخل مصر ولكن على مستوى العالم.
نعلم أن 90٪ من طلاب التعليم الفنى يرغبون فى الالتحاق بكليات الهندسة، وهذا حق له، أن يستكمل تعليمه ويعد للماجستير والدكتوراه ويحتفظ أيضا بالوجاهة الاجتماعية التى يرغب فيها، لذا فى نظام التعليم الفنى الجديد نتحدث عن دراسة ثلاث سنوات يمكن بعدها أن يكمل دراسته، لكن الجانب الجيد فى هذا الأمر هو أن الطالب يحق له العمل أثناء فترة الدراسة داخل المدرسة نفسها ويربح مالا، بل يتم ربطه بسوق العمل الخارجى أيضا، وبالتالى بهذه الطريقة تمكنا من توفير كثير من الوقت والمجهود.
هذا النظام تم تطبيقه فيما يقرب من 7 مدارس بالشراكة مع كبرى الشركات، وحتى يومنا هذا نتلقى عروضا من رجال أعمال لمشاركتنا فى تحقيق هذا الحلم وتوفير الموارد، لأنه فى الوقت نفسه يعلم حجم الفائدة التى ستعود عليه فى المستقبل.
وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى هى الوحيدة التى تملك ما يقرب من 55 ألف عقار فى هذا المجال، مما يعنى أنه لدينا الكثير من الإمكانيات والأراضى، فمثلا نحن نملك 84 ألف متر مساحة مدارس فنية، بالإضافة لتمتع العديد منها ببنية تحتية تكنولوجية وثروات أخرى كثيرة يمكن الحديث عنها وتسليط الضوء عليها إعلاميا لاستغلالها وتقديمها للناس.
ومن الأمور التى لم يتم تسليط الضوء عليها على سبيل المثال توقيع شراكة مع شركة سيمنس الألمانية لتدريب الطلاب فى 16 مدرسة وتأهيلهم ومنحهم شهادات دولية معتمدة من ألمانيا.
صوت الأمة: هل هناك آلية لتسويق منظومة التعليم الجديدة بين المدرسين أنفسهم خاصة أن بعضهم ليسوا على دراية بتفاصيلها كمعلمي اللغة الفرنسية مثلا؟ وهل هناك وسيلة لتقييم أداء المعلمين الملتحقين بها ومحاسبتهم؟
الدكتور طارق شوقي: نحن نبنى مشروعا صعبا فى وقت محدود وظروف تعجيزية محيطة بشكل عام، لدينا إطار عام للاثنى عشر عاما المقبلة، لكن لا يمكن الكشف عن تفاصيله حاليا، لأننا نسير فى عمليه التغيير خطوة بخطوة، وفيما يتعلق بموضوع اللغات والمستوى الرفيع فهذا الأمر يحتاج لمزيد من التوضيح والشرح، وقد التقينا بالفعل بمعلمى اللغة الفرنسية وتناقشنا معهم فى كل شىء واستوعبوا الأمر، نحن نعمل على مشروع ضخم ونتمنى أن يصل هذا الإحساس للناس.
الدكتور رضا حجازي، رئيس قطاع التعليم العام: هذا المشروع خاص بالوطن، إذا نجح فسوف يعود بالنفع علينا جميعا، فقد تتناقله الدول مما يزيد من فرص إعارة المعلمين المصريين فى الخارج ويدر هذا أرباحا ويصبح مصدر دخل للبلد.