«ومضى ربيع النور ينشر مسكه».. ذكرى المولد النبوي الشريف بين مشروعية الاحتفال والتفنن فيه
الخميس، 15 نوفمبر 2018 10:00 م
تزامنا مع احتفالات المسلمين بحلول ذكرى المولد النبوي الشريف، الموافق 20 نوفمبر الجاري، والتي بدأت قبيل شهر ربيع الأول، خرجت آراء متشددة تحرم إحياء تلك الذكرى بحجة أن الرسول وصحابته لم يفعلوا ذلك.
الترك ليس حجة، المؤسسات الدينية في مصر، كثفت من احتفالاتها بالمولد النبوي الشريف، بتنظيم فعاليات وإطلاق مبادرات تخليدا لسنته صلى الله عليه وسلم.
البداية من مجمع البحوث الإسلامية، وأعلن عن تنفيذ حملة توعوية شاملة خلال شهر ربيع أول، لنشر القيم الأخلاقية والإنسانية للنبي صلى الله عليه وسلم، بمشاركة وعاظ الأزهر الشريف، من خلال الاتصال المباشر والنشر الإلكتروني على موقع المجمع وصفحات التواصل الاجتماعى، تحت عنوان: «أخلاق الحبيب».
وتهدف المبادرة لمعالجة بعض الأمراض المجتمعية التي تخالف تعاليم الإسلامية الصحيحة، وبيان كيف كانت أخلاق النبي وسلوكياته نموذجًا لنشر السلم في المجتمع.
وأطلقت وزارة الأوقاف بالتعاون مع نقابة الأشراف والمشيخة العامة للطرق الصوفية، حملة «رسول الإنسانية» عبر المنابر الرسمية بالمساجد، وموقع الوزارة وصفحتها بـ«فيس بوك»، وجروبات الدعاة ومجموعات الإعلام للترويج، والفضائيات والصحف لتكوين توجه عام نحو «أخلاق وقيم كريمة إنسانية رحيمة».
الاحتفال بتلك الطريقة لا يضر وليس مبتدعا، إلا أن أصحاب العقول الضالة ما زالوا يرون حرمة الاحتفال بالمولد النبوي، محرمين أي مظاهر من مظاهر الاحتفال من تناول حلوى المولد وغيرها من مجالس الذكر.
الشيخ أحمد البهي إمام وخطيب مسجد سيدي على زين العابدين، قال إن الذين يطلقون فتاوى التحريم الآن ليسوا بأكثر علمًا ولا أعلم فقهًا من العلماء السابقين واللاحقين الذين أفتوا بحل الاحتفال بل وباستحبابه، وغاية ما لديهم في المسألة أن يكون فيها خلاف وإذا حدث ذلك فليس من حقهم أيضًا الإنكار على مخالفهم فلا إنكار في مسائل الخلاف.
وأضاف أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من الأعمال المستحبة التي استحسنها الناس قديماً وحديثاً، وقد قال تعالى في كتابه: «قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا»، متسائلًا أي فضل أعظم من سيدنا رسول الله؟ وأي رحمة أعم وأكبر من رحمته؟.
وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع لأنه اليوم الذي ولد فيه، موضحًا أن الاحتفالات الكبيرة بالمولد النبوي بدأت في مصر منذ العهد الفاطمي، ورغم أن الأيوبيين حاربوا كل ما ينتمي بصلة للفاطميين إلا أنهم لم يعترضوا ولم يقتربوا من الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، فالمصريون طوال تاريخهم مع الإسلام يتفننون في طرق الاحتفال بسيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، فيقيمون ليالي المديح والإنشاد وذكر الله والصلاة على رسوله ومدارسة السيرة وتقديم الأطعمة والمشروبات فرحاً برسول الله.
وأوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مشروع بالأدلة الصحيحة التي وردت في الكتاب والسنة وباتفاق علماء الأمة، وأن أي أقوال من شأنها تحريم الاحتفال بهذا اليوم المعظم هي مخالفة للصحيح وخروج على الإجماع؛ مشيرًا إلى أن الاحتفال بيوم مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مظهر من مظاهر تعظيمه، وعلامة من علامات محبته، ومن المعلوم أن تعظيم النبي ومحبته أصل من أصول الإيمان، وقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.
وجددت دار الإفتاء فتواها بشأن الاحتفال بالمولد النبوي، مؤكدة أن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سلم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم رضي الله تعالى عنهم به صلى الله عليه وآله وسلم ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولاحرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهة هو موليها.