وما ذنب الإيرانيين؟.. خلافات في الداخل وعقوبات من الخارج هذه حال طهران
الجمعة، 16 نوفمبر 2018 10:00 ص
يعيش الإيرانيون ظروفا اقتصادية طاحنة، فرغم العقوبات الأمريكية التي فرضت على مرحلتين بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي -آخرها في 4 نوفمبر من الشهر الجاري والتي استهدفت القطاعات الاقتصادية والنفطية- يظل الفشل الحكومي مسيطرا على المشهد في إيجاد حل لتلك الأزمات والمستمرة من قبل العقوبات.
تخبط واضح تعيشه الحكومة الإيرانية، ما بين فشل سياسات وانتهاكات لحقوق الإنسان وإعدامات، بتهم تخص الوضع الاقتصادي، آخرها تنفيذ حكم الإعدام بحق رجل يعرف إعلاميا بـ«سلطان الذهب» في محاولة لتهدئة الشارع الإيرانى.
كذلك أعدمت رجلين متهمين بارتكاب جرائم اقتصادية، يقول موقع ميزان الإخباري التابع للسلطة القضائية الإيرانية، إن أحد الرجلين هو وحيد مظلومين، الذى أطلقت عليه وسائل الإعلام لقب «سلطان المسكوكات الذهبية»، وهو تاجر متهم بالتلاعب فى سوق العملة.
يقول الموقع إن التاجر الإيراني لديه شبكه للمتاجرة بالعملات الذهبية، فالرجل الآخر الذي أعدم ضمن مجموعة مظلومين، وشارك فى بيع العملات.
وأدين الرجلان بتهمة «الإفساد فى الأرض» وهى تهمة عقوبتها الإعدام فى القوانين الإسلامية الإيرانية.
وتشكلت محاكم خاصة تركز على الجرائم المالية فى أغسطس بموافقة من الزعيم الأعلى آية الله على خامنئي، الذى يمثل أعلى سلطة فى الجمهورية الإسلامية، بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي فقدت فيه العملة الإيرانية نحو 70%من قيمتها فى 2018 بسبب التهديد الذى تمثله إعادة فرض العقوبات الأمريكية، حيث ارتفع الطلب على الدولار والعملات الذهبية بشدة فى السوق غير الرسمية من مواطنين عاديين يحاولون حماية مدخراتهم.
وارتفعت تكلفة المعيشة أيضا مما أدى لخروج مظاهرات متفرقة ضد الاستغلال والفساد، اندلعت احتجاجات كبيرة في الأسواق الإيرانية، وأغلق التجار في سوق البازار الكبير بالعاصمة طهران متاجرهم وانضموا إلى الاحتجاجات الغاضبة وردد كثير من المحتجين شعارات مناهضة للحكومة.
ليست الأزمات بفعل الضغوط الخارجية فقط، بل تعج طهران بأزمات سياسية، حيث يشتعل الصراع بين التيارات ووصل ذروته بعد تصريحات لوزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف، بسبب اتهامات مبطنة لمعارضي انضمام بلاده إلى مجموعة مراقبة العمل المالي الدولية (FATF)، والتى منحت طهران مهلة حتى فبراير المقبل.
وأدت تصريحاته إلى تعرضه لهجمة شرسة من خصومه، والمتشددين الذين يتخوفون على مصالحهم الشخصية فى غسيل الأموال التى تتعارض مع اتفاقية FATF، الأمر الذى امتد لإستدعائه في البرلمان للمساءلة.
وعلى خلفية رفض المتشددين ومجلس صيانة الدستور انضمام إيران إلى (FATF)، قال ظريف الجمعة، إن عمليات غسيل الأموال في بلاده حقيقة، وأن من يفعلون ذلك يحاولون صناعة رأي عام معارض في الداخل لتشريعات تتعلق بمكافحة هذه الأمور، لضمان مصالح اقتصادية «لأفراد» لم يسمهم، لكنه قال إن كثيرين يربحون من غسل الأموال، ولديهم قدرة على إنفاق عشرات أو مئات المليارات على الدعاية وإشعال الأجواء في البلاد.
وأشار إلى أن ميزانية وزارة الخارجية 1100 مليار تومان، أقل من ميزانية بعض الأجهزة الثقافية المرتبطة بالأجهزة القوية، ميزانية تجعلها غير قادرة على مجابهة ما ينفقوه هم.
ويعارض المتشددون التصويت على الاتفاقية، ويتخوفون أن تمنع طهران من مواصلة الدعم للجماعات الموالية لها فى المنطقة كحزب الله، ويرى الموافقون على الاتفاقية أن التصويت عليها خطوة مهمة فى طريق التنظيم والشفافية البنكية فى البلاد والانضمام للسوق العالمي والنظام المصرفي الدولي، ومنع إدراج اسم إيران فى القائمة السوداء لفرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية «FATF»، لكن نجح المتشددون يونيو الماضي فى تعطيل مشروع انضمام طهران إلى اتفاقية منع غسل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر التصويت على تأجيل مناقشته لفترة شهرين.
وساندت الصحف الإصلاحية الإيرانية ظريف، ووصفت صحيفة «اعتماد» الجهات التى تهاجم ظريف بالـ«قلقين»، وهو اسم أصبح تعرف به الجماعات المتشددة داخل إيران، وقالت إن النشطاء السياسيين يساندون تصريحاته حول غسيل الأموال، كما تساءلت صحيفة «إيران» الحكومية على صدر صفحتها.
ونقلت صحيفة ابتكار عن سيد محمد صدر، قوله إن الجهات والجماعات التى تنال من ظريف، تعارض القوانين المتعلقة بـ FATF ، وكلما تتمادى فى الهجوم على وزير الخارجية فهي تكشف حقيقتها، معتبرًا أن هجماتهم ضد الوزير تصب فى مصلحة الولايات المتحدة.