عصابات أصحاب الياقات البيضاء.. الجريمة الإلكترونية من كيفية التنفيذ لـ«طرق المواجهة»
الأحد، 11 نوفمبر 2018 02:00 ص
فى الأونة الأخيرة احتلت الجرائم الإلكترونية المرتبة الأولى والأخطر في مجال الاتصالات والمعلومات بإعتبارها تُشكل جانباَ كبيراَ وفى غاية الأهمية فى حياة الناس وتعاملاتهم، فقد أصبح الحاسب الآلى أو ما يُعرف بـ«الحاسوب» أساس التعاملات بين الأشخاص والمؤسسات والشركات.
فى الفترة الأخيرة أيضاَ ازداد التوجه لعملية استخدام شبكات المعلومات الإلكترونية بصفَتها أداة اتّصال مكوكية ودولية في مختلف المناحى، وذلك لإعتبارات منها أنها توفر السرعة والمسافات والمشقة والجهد على الأشخاص والمؤسسات، إلا أن الاستخدام الكبير للأنظمة التكنولوجية قاد إلى العالم بآثره للكثير من المخاطر والمشاكل، وخلق أنواعاَ من الجرائم لم تكن متداولة سابقاً، أُطلق عليها الجرائم الإلكترونية.
اقرأ أيضا: نصب وتزوير وإرهاب.. 330 جريمة إلكترونية وقعت في شهر على يد تشكيلات عصابية
فى التقرير التالى رصدت «صوت الأمة» ماهية الجرائم الإلكترونية وأنواعها، وخصائص الجرائم الالكترونية ومرتكبيها، وسمات المجرم المعلوماتي-وفقا للخبير القانونى والمحامى بالنقض محمد ديوان، وذلك عقب مباشرة النيابة العامة التحقيق فى مئات القضايا خلال الفترة الماضية المرتبطة بجرائم إلكتورنية إرتكبتها تشكيلات عصابية، ومجموعات إرهاب منظمة، استغلت وسائل الاتصالات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة أنشطتها المجرمة قانونا.
مفهوم الجرائم الإلكترونية
الجرائم الإلكترونية تُعرف بأنها تلك الممارسات التي توقَع ضد فرد أو مجموعة مع توفِر باعث إجرامي بهدفِ التَسبُبِ بالأذى لسمعة الضحية عمداً، أو إلحاق الضرر النفسي والبدني به سواء أكان ذلك بأسلوب مباشر أو غير مباشر بالاستعانة بشبكات الاتّصال الحديثة كالإنترنت وما تتبعها من أدوات كالبريد الإلكتروني وغرف المُحادثة، والهواتف المحمولة وما تتبعها من أدوات كرسائل الوسائط المُتعددة-بحسب «ديوان».
وضمن تعريفاتها أيضاَ: أنها كل نشاط إجرامي تستخدم فيه تقنية الحاسب الآلي أو غيره من أجهزة الإتصال والمعلومات المتطورة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة كوسيلة أو هدف لتنفيذ الفعل الإجرامى المقصود، حيث تحمل الجرائم الإلكترونية مسميات عدة، منها: «جرائم الكمبيوتر والإنترنت، وجرائم أصحاب الياقات البيضاء، والجرائم السايبيرية، وجرائم التقنية العالية» .
خصائص الجرائم الالكترونية
ويُضيف «ديوان» خصائص الجرائم الالكترونية: تتميز الجرائم الالكترونية بعدد من الخصائص تميزها عن غيرها من الجرائم التقليدية حيث :
1-أنها ترتكب بواسطة شبكة الإنترنت: أي تستخدم شبكة الإنترنت كأداة لارتكاب الجريمة أو تسهيل ارتكابها إذ تعد شبكة الإنترنت حلقة الوصل بين كافة الأهداف المحتملة لتلك الجرائم كالبنوك والشركات بكافة أنواعها والأشخاص وغيرها، والتي غالبا ما تكون الضحية .
2-أن مرتكب الجريمة مجرم ذو خبرة في استخدام الحاسب الآلي والإنترنت.
3-الجرائم الالكترونية لا تعرف الحدود المكانية ولا الحدود الزمنية لأنها ترتكب عبر شبكة الإنترنت لا تحدها حدود جغرافية كحدود دولة بعينها ، فالعالم كله يمكن أن يكون مسرحا لارتكاب الجريمة ، كما لا يحدها زمان معين رغم الاختلاف في المواقيت بين الدول .
4-أن الجرائم الالكترونية تتسم بالخطورة البالغة: وذلك من عدة نواحِ فمن ناحية: الخسائر الناجمة عنها كبيرة جدا قياسا بالجرائم التقليدية وبصفة خاصة جرائم الأموال، ومن ناحية ثانية: نجدها ترتكب من فئات إجرامية متعددة تجعل من الصعب معرفة الفاعل، ومن ناحية أخيرة: تنطوى على سلوكيات غير مألوفة .
5-أيضا صعوبة التحري والتحقيق في هذه الجرائم ومن ثم محاكمة مرتكبها: فهناك صعوبة في ملاحقة مرتكب هذه الجرائم، ولو تم التوصل إليه فمن السهل اتلاف الأدلة من قبل الجناة ، كما أن هذه الجرائم لا تحدها حدود، فهى جرائم عابرة للحدود مما يثير تحديات ومعوقات في حقل الاختصاص القضائي والقانون الواجب التطبيق ومتطلبات التحقيق والملاحقة والضبط والتفتيش .
اقرأ أيضا: الإرهاب واختراق المواقع الإخبارية.. متى تصل عقوبة الهاكرز للإعدام؟
أن الدافع لارتكاب جرائم الإنترنت يختلف عن دافع الجرائم التقليدية، فالبعض يرتكب الجريمة الالكترونية لولعه في الحصول على المعلومات الجديدة مثل القراصنة، أو للاستيلاء على المعلومات الموجودة على جهاز الكمبيوتر أو حذفها أو تدميرها أو الغائها نهائيا، وقد يكون الدافع الرغبة في قهر النظام الالكتروني بغرض تحقيق شهرة وإثبات التفوق العلمى لديه، وهى تكون بين الشباب، وقد تكون لاستهداف بعض الأشخاص والجهات .
سمات المجرم المعلوماتي
أما عن سمات المجرم المعلوماتي يؤكد «ديوان»: فيتميز المجرم الالكتروني بعدد من السمات والخصائص التي تجعله مختلفا عن المجرم التقليدى والتي منها:
1-أنه مجرم ذكي : ويعتبر الذكاء من أهم صفات المجرم المعلوماتي لأنه يتطلب منه الإلمام التام بتقنية بتكنولوجيا المعلومات والقدرة على تعديل وتغيير برامج الحاسب الآلي .
2-أنه مجرم محترف : يتصف مرتكب الجريمة الالكترونية بأنه على درجة عالية من الخبرة والمهارة في استخدام الحاسب الآلي . والتكنولوجيا الحديثة .
3-أنه مجرم غير عنيف : ينتمي الإجرام الالكتروني في غالبه الأعم إلى إجرام الحيل ، وهذا النوع من الإجرام لا يستلزم مقدارا من العنف للقيام به .
4-أنه مجرم متكيف اجتماعيا : فلا يضع المجرم الالكتروني نفسه في حالة عداء مع المجتمع الذي يحيط به، بل إن ذكاءه يدفعه للتكيف مع المجتمع، و كلما ازداد تكيفه مع المجتمع كلما زادت خطورته الإجرامية .
5-الميل إلى ارتكاب الجرائم: يتميز مرتكبو الجرائم الالكترونية بفرط في النزعة الإجرامية والميل إلى ارتكاب الجرائم .
6-الميل إلى التقليد: أغلب الجرائم الالكترونية تتم من خلال محاولة الفرد تقليد غيره بالمهارات الفنية التى لديه مما يؤدي لارتكابه للجريمة .
أنواع الجرائم الإلكترونية للجرائم الإلكترونية أنواع كثيرة، منها:
1- جرائم إلكترونية ضد الأفراد: هي الجرائم التي يتم الوصول فيها إلى الهوية الإلكترونية للأفراد بطرق غير مشروعة، كحسابات البريد الإلكتروني وكلمات السِر التي تخصهم، وقد تصل إلى انتحالِ شخصياتهم وأخذ الملفّات والصور المُهمة من أجهزتهم، بهدف تهديدهم بها ليمتَثلوا لأوامرهم، وتسمى أيضا بجرائم الإنترنت الشخصية.
2-جرائم إلكترونية ضدّ الحكومات: هي جرائم تهاجم المواقع الرسمية للحكومات وأنظمة شبكاتها وتُركز على تدمير البنى التحتيّة لهذه المواقع أو الأنظمة الشبكية بشكل كامل، ويُسمى الأشخاص المرتكبون لهذه الجريمة بالقراصنة، وغالباً ما تكون أهدافهم سياسية.
3- جرائم إلكترونية ضد الملكية: هي جرائم تستهدف المؤسسات الشخصيّة والحكومية والخاصّة، وتهدف لإتلاف الوثائق المهمة أو البرامج الخاصة، وتتمُ هذه الجرائم عن طريق نقل برامج ضارة لأجهزة هذه المؤسسات باستخدام الكثير من الطُّرق كالرسائل الإلكترونية.
4-الجرائم السياسية الإلكترونية: هي جرائم تستهدف المواقع العسكرية للدول بهدف سرقة معلومات تتعلق بالدولة وأمنها.
5-سرقة المعلومات: تَشمل المَعلومات المحفوظة إلكترونياً وتوزيعها بأساليب غير مشروعة.
6-الإرهاب الإلكتروني: هي اختراقات للأنظمةِ الأمنية الحيوية على مواقع الإنترنت، تكون جزءاً من مجهود منظم لمجوعة من الإرهابيين الإلكترونيين أو وكالات مخابرات دولية، أو أي جماعات تَسعى للاستفادة من ثغرات هذه المواقع والأنظمة.
7- الوصول للمواقع المُشفّرة والمحجوبة.
8-جرائم الاحتيال والاعتداء على الأموال: تشمل هذه الجرائم الكثير من الممارسات منها:
- إدخال بيانات غير صحيحة أو تعليمات من غير المشروع التصريح بها، أو استعمال بيانات وعمليات غير مسموح الوصول إليها بغية السرقة من قِبل موظفين فاسدين في الشركات والمؤسسات المالية.
-حذف أو تعديل المعلومات المحفوظة، أو إساءة استعمال أدوات الأنظمة المتوافرة وحزم البرامج.
- الهندسة الاجتماعية التصيد الجرائم الإلكترونية المتعلقة بالجنس.
اقرأ أيضا: لمواجهة سيل شائعات الإخوان.. فك شفرة صعوبة الإثبات في الجرائم الإلكترونية
9-جرائم الابتزاز الإلكتروني: هي أن يتعرّض نظام حاسوبي أو موقع إلكتروني ما لهجماتِ حرمان من خدمات معينة؛ حيث يشن هذه الهجمات ويكررها قراصنة محترفون، بهدفِ تحصيل مقابل مادي لوقف هذه الهجمات.
10-جرائم التّشهير، بهدف تشويه سُمعة الأفراد.
11-جرائم السبّ والشتم والقدح.
12-المطاردة الإلكترونية: هي الجرائم المتعلقة بتعقب أو مطاردة الأفراد عن طريق الوسائل الإلكترونيّة لغاية تعريضهم للمضايقات الشّخصية أو الإحراج العام أو السّرقة المالية، وتهديدهم بذلك؛ حيث يجمع مرتكبو هذه الجرائم معلوماتِ الضّحية الشخصية عبر مواقع الشّبكات الاجتماعي وغرف المحادثة وغيرها. مخاطر الجرائم الالكترونية
مخاطر الجرائم الالكترونية يُؤدّي انتشار الجرائم الإلكترونية في المُجتمعات إلى الكثير من المخاطر والتهديدات، ومنها:
-المساس بالاقتصاد والأمن الوطني وتهديده.
-المساس بالعلاقات الأسرية وتشكيل الخلافات بين أفراد الأسرة ممّا يؤدّي إلى التفكك الأسري، وذلك بسبب الكثير من النتائج التي تُسبّبها بعض أنواع الجرائم الإلكترونية كالتّشهير ببعض الأفراد ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعات.
خصائص الجرائم الإلكترونية تتميز الجرائم الإلكترونية بعدة خصائص، منها:
1- صعوبة معرفة مرتكب الجريمة، إلّا باستخدام وسائل أمنية ذات تقنية عالية.
2-صعوبة قياس الضرر المترتِب عليها، كونه ضرراً يمسّ الكيانات المعنوية ذات القيم المعنوية أو القيم الماديّة أو كلاهما سويّةً.
3- سهولة الوقوع فيها؛ بسبب غياب الرّقابة الأمنية.
4-سهولة إخفاء وطمس مَعالم الجريمة وآثارها والدلائل التي تدل على مرتكبها.
5-هي أقل جهداً وعنفاً جسدياً من الجرائم التّقليدية.
6-سلوكٌ غير أخلاقيّ في المجتمع.
7-جريمة لا تتقيّد بمكان أو زمان محددين.
أهداف الجرائم الإلكترونية
تهدفُ الجرائم الإلكترونية لجملةٍ من الغايات، منها:
تحصيل مكسب سياسي أو مادي أو معنوي غير مشروع عبر تقنيات المعلومات كعمليات تزوير بطاقات الائتمان، والاختراق، وتدمير المواقع على الإنترنت وسرقة الحسابات المالية.
تحصيل معلومات ووثائق سريّة للمؤسسات والجهات الحكوميّة والمصرفية والشخصية لابتزازهم من خلالها.
الوصول لمعلومات غير مخول للعامة الاطلاع عليها بشكل غير مشروع، وسرقتها أوحذفها أوتعطيلها أو التعديل عليها لتحقيق مصالح مرتكب الجريمة.
مكافحة الجرائم الإلكترونية تسعى الدول والحكومات بشكل جدي للحد من الجرائم الإلكترونيّة وآثارها عبر طُرق كثيرة منها:
فرض سياسات دولية وعقوبات كبيرة على مرتكبي هذه الجرائم. تفعيل أحدث التقنيات والوسائل للكشفِ عن هويّة مرتكبي الجرائم.
نشر التّوعية في المجتمعات حول الجرائم الإلكترونية ومخاطرها، وتعريف الأفراد بكيفية الحِفاظ على معلوماتهم وخصوصياتهم؛ كحساباتهم البنكية وبطاقاتهم الائتمانية.
إنشاء خطوط هاتفيّة ومؤسسات معينة تابعة للدّولة للإبلاغ عن الحالات التي تتعرض لمثل هذا النّوع من الجرائم.
توجيه التّشريعات والقوانين وتحديثها بما يَتماشى مع التطورات التكنولوجية، لفرض قَوانين جديدة فيما يستجدّ من هذه الجرائم.