آثار المساجد في مهب الريح.. خطط بديلة بعد فشل القديمة بحماية الآثار
الأربعاء، 31 أكتوبر 2018 09:00 ص
هل يمكن أن يتفتق ذهن المسؤولين في وزارة الآثار عن خطط بديلة لإنقاذ وحماية الآثار، بعدما بتنا نسمع يوميا عن سرقة حشوات من منابر المساجد الآثرية، أو سرقة أبواب أثرية، وغيرها؟
وهل هي مصادفة أن نكتب يوميا ونحذر من مغبة نهب آثار المساجد، الأبواب، المنابر، الحشوات الخشبية النادرة، والقطع الصدفية المطعمة في هذه القطع الأثرية النادرة، والتي تباع في الخارج، بعدما يتم تفكيكها وتهريبها عبر المنافذ الحدودية، أو حتى على ظهور الجمال، فنفاجأ اليوم بسرقة المزيد والمزيد من آثار المساجد؟
باب مسجد خونده الصباي المسروق منه الحشوات
باب مسجد خونده
بالأمس نشرنا تقريرا عن واقعة بيع باب مملوكي في صالة مزادات سوزبي اللندنية، بمبلغ خمسة ملايين جنيه مصري، منذ عامين، فيما بيع منذ شهور، في يوليو الماضي، بورتريه من بورتريهات الفيوم التي ترجع للقرن الأول أو الثاني الميلادي- وبيع البورتريه في مزاد ثوزبي بلندن في يوليو 2018 بمبلغ 162,500 جنيه استرليني او مايوازي 3,700,000 جنيه مصري.
أما اليوم، فطالعتنا أنباء سرقة حشوات أثرية من مسجد خنده أصلباي بالفيوم، حيث اكتشف مسؤولو الأمن بوزارة الآثار والعاملين بالمسجد، انتزاع وفقدان ثلاث حشوات برونزية من الباب الرئيسي للمسجد، خلال مرورهم الدوري لمعاينة المسجد المغلق منذ فترة نظرا لسوء حالته الإنشائية.
وعندما لاحظ مسؤولو الأمن لفقدان هذه الحشوات، أبلغوا مفتشي الآثار المعنيين الذين بدورهم توجهوا إلى المعاينة على الطبيعة، وحرروا محضرا بقسم شرطة السياحة والآثار بالفيوم لاتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة.
ويرجع تاريخ إنشاء مسجد خونده اصلباى للعصر المملوكى البحرى وهو تابع لوزارة الأوقاف ومسجل فى عداد الآثار الإسلامية منذ عام 1951م.
باب مسجد القاضي يحي الزين بشارع بورسعيد الذي يرجع للعصر المملوكي
لم تكن هذه هي الكارثة الوحيدة التي ضربت كنوز مصر التراثية المتروكة بلا حراسة في الشوارع، إذ كشفت مصادر بوزارة الآثار، أنه تمت سرقة نص قرآني من منبر مسجد القاضي يحي زين الدين، الواقع في شارع بورسعيد تقاطع شراع الأزهر، وأن النص القرآني كان موجودا على باب منبر المسجد الذي يعود للعصر المملوكي من الأمام، وخله نص آخر مدون عليه تاريخ تجديد المنبر، الذي تم في عهد الخديو عباس حلمي الثاني والذي سرق النص القرآني قام بوضع نص تاريخ الترميم بدلا من النص المسروق، حتى لا يلاحظ أحد سرقته.
ويقع مسجد القاضى يحيى تلاقى شارع بورسعيد حاليا "بين النهدين سابقا" فى شارع الأزهر أنشأه الأمير زين الدين يحيى سنة 848 هـ - 1444 م. زين الدين يحيى كان من كبار موظفي دولة المماليك الشراكسة، خاصة فى أيام الظاهر جقمق، ثم قام السلطان قايتباى بمصادرة املاكه وحبسه إلى أن توفى سنة 874 هـ - 1469م.
مسجد القاضي يحي زين الدين
كنا قد ذكرنا أمس في موضوعنا المنشور بعنوان " بيع باب مملوكي في صالة مزادات ثوزبي بلندن.. كيف يتم تفكيك ثروة مصر الأثرية وتهريبها؟" أن الآثار الإسلامية بالقاهرة وغيرها من المدن في مصر، عرضة للتفكيك والتهريب، ثم إعادة التجميع، والعرض والبيع بهذه المبالغ، وبالطبع تتوجه أنظار العاملين بالآثار والمفتشين دائما إلى حالة الآثار البنائية ومدى قوة تماسكها، أما القطع والتحف الغالية والنادرة داخل هذه الآثار، فربما لا تخضع للرقابة التي يمارسها مفتشو الآثار، وأنا هنا لا أوجه أصابع الاتهام بالتقصير للعاملين في المواقع الأثرية، إذ أن بعض المساجد الأثرية القديمة تخضع لوزارة الأوقاف، ولا تستطيع وزارة الآثار أن تحكم قبضتها عليها، نظرا لعدم تبعية هذه المساجد لها.
اقرأ أيضا
بيع باب مملوكي في صالة مزادات ثوزبي بلندن.. كيف يتم تفكيك ثروة مصر الأثرية وتهريبها؟
وفي وقائع سرقات المنابر الأثرية، تتبادل الوزارتان دائما الاتهامات، ومثال على ذلك ما جرى أثر سرقة منبر مسجد قانيباي الرماح عام 2010، وفي هذا العام اعتمدت وزارة الآثار جدولا زمنيا لتوثيق وتسجيل المقتنيات الأثرية بالمساجد، ونقل مجموعة منها حفاظا عليها من السرقة.
كان الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار قد كشف في تصريحات صحفية سابقة، أن عملية التسجيل الأثري للمنابر والمقتنيات الأثرية بالمساجد بسجلات قيد الآثار يتم لأول مرة في تاريخ الآثار الإسلامية والقبطية، وذلك في سبيل الحفاظ عليها ومنع العبث بها أو سرقتها، خاصة و أنه قد سبق وأن سرق منبر كامل من مسجد قانيباي الرماح بالقلعة منذ أكثر من ٩ سنوات، كما تعددت سرقة حشوات المنابر، و لهذا جاء قرار تسجيل المنابر قرارا سديدا لحمايتها.
ونعيد طرح الأسئلة التي طرحناها أمس، وسنطرحها كل يوم، حتى ترد وزارة الآثار عليها بإجابات مقنعة وبشفافية تامة: ماذا اتخذت وزارة الآثار من إجراءات لحماية الأبواب المملوكية الأثرية، والمنابر؟ والوثائق والمخطوطات المتروكة في المساجد؟ هل ركزت فقط على حماية المنابر، وأهملت الأبواب الأثرية العتيقة، التي تُباع كقطع أثرية وأنتيك غالي الثمن في مزادات أوروبا بالملايين؟ هل نسمع عن لجنة يشكلها وزير الآثار خالد العناني لحماية آثار المساجد؟