من الشنق إلى الدهس بالفيل.. حكايات القصاص وضمانات تنفيذ «عشماوى» لأحكام الإعدام
الخميس، 25 أكتوبر 2018 01:00 م
عقوبة الاعدام تُعد أشد العقوبات التي جاء به قانون العقوبات المصري نظرا لتعلقها بإزهاق حياة المتهم، لذا فلم يتوسع المشرع في تطبيقها وخصها بجرائم جاءت علي وجة الخصوص بقانون العقوبات، ويُعد عدم التوسع في تطبيق عقوبة الإعدام ضمانة من ضمن الضمانات التي كفلها القانون للمتهم.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت عقوبة الإعدام والضمانات المقررة لها طبقا للقانون، وأول من نفذ حكم الإعدام فى مصر، وطريقة تنفيذ عقوبة الإعدام فى مصر وغيرها من الدول-بحسب الخبير القانونى والمحامى أحمد عبد القادر.
أول من نفذ حكم الإعدام فى مصر
وفي مصر ينفذ حكم الاعدام عن طريق الشنق ويسمي القائم بتفيذ تلك العقوبة بعشماوي ويرجع السبب في تلك التسميه أن أول من نقذ حكما بالإعدام كان شخص يدعي أحمد العشماوي في غضون عام 1922، ومنذ ذلك الحين أصبح أسم ذلك الرجل لقبا لكل من يقوم بتفيذ عقوبة الاعدام، ونظرا لضخامة العقوبة كون أن الآثر المترتب عليها هو ازهاق روح المتهم فقد أحاط القانون تنفيذ تلك العقوبة بعدة بعدة ضمانات.
الإعدام بالحقن والفيل
ووفقا لـ«عبد القادر» فإنه تتنوع طرق تنفيذ عقوبة الإعدام حول العالم فيأتي الإعدام بالشنق كما هو الحال في مصر وبعض البلدان العربية في مقدمة طرق تنفيذ تلك العقوبة إلا أنها ليست الطريقة الوحيدة، فهناك بعض الدول التي تنفذ عقوبة الاعدام عن طريق الحقنة المميتة كما هو الحال في بعض الولايات الأميريكية ومنهم من ينفذ حكم الإعدام رميا بالرصاص والكثير من الطرق التي تؤدي إلي ازهاق روح المتهم، ومن أغرب الوسائل التي كانت تستخدم قديما لتنفيذ عقوبة الاعدام هي «الاعدام بالفيل» واستخدمت تلك الوسيلة منذ أكثر من 4000 عام في جنوب أسيا حيث كانوا يجعلون الفيل يقف علي رأس المتهم .
اقرأ أيضا: لرد الشُبهات.. لماذا محكمة النقض مفترى عليها؟
من إجماع الأراء لتصديق الرئيس
وقد نصت المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن :- «تتبع أمام محاكم الجنايات جميع الإحكام المقررة في الجنح والمخالفات ما لم ينص علي خلاف ذلك، ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع أراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه، فإذا لم يصل رأيه إلي المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه، حكمت المحكمة في الدعوي، وفي حالة خلو وظيفة المفتي أو غيابه أو قيام مانع لدية يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامة.......الخ»، ومن خلال ذلك النص القانوني يمكنا التعرف علي الضمانات التي أولاها المشرع لتنفيذ تلك العقوبة وهي «أن يصدر الحكم بإجماع الآراء، ضرورة اخذ رأي مفتي الجمهورية في الحكم، التصديق علي هذا الحكم من رئيس الجمهورية»-الكلام لـ«عبد القادر».
فيما عدّد «عبد القادر» حزمة من الضمانات لابد من توافرها عند صدور حكم الإعدام وتنفيذه منها: «أن يصدر الحكم بإجماع أراء هيئة المحكمة، وإحالة الأوراق إلي مفتي الجمهورية لإبداء رأيه، وضرورة تصديق رئيس الجمهورية علي الحكم بالإعدام»، حيث فند كل عنصر منها كالتالى:
الضمانة الأولي:- أن يصدر الحكم بإجماع أراء هيئة المحكمة.
-أشترط القانون لإصدار حكما بالإعدام أن يكون هذا الحكم صادر بموافقة جميع أعضاء هيئة المحكمة فإذا لم تجتمع أراء الهيئة علي تلك العقوبة فانه لا يجوز النطق بها، وفي حالة أصدار حكما بالاعدام دون أجماع الهيئة فان الآثر المترتب بطلان الحكم طبقا لنص المادة 331 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص علي أن :- «يترتب البطلان علي عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري». وفي ذلك قضت محكمة النقض بأن :-
اقرأ أيضا: فى 10 عناصر.. معايير و ضمانات المتهم ما قبل المحاكمة العادلة
وقد نصت علي هذا القيد المادة 381 /2 من قانون الإجراءات الجنائية: «ولا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكم بالإعدام إلا بإجماع أراء أعضائها وهذا القيد يعتبر ضمانة للمحكوم علية ضد الأخطاء القضائية ويترتب علي مخالفة هذا الإجراء بطلان الحكم» .
جلسة 23/4/1943 طعن رقم 1005 لسنة 54 ق
-وتعد تلك الضمانة من أقوي الضمانات الممنوحة قبل تنفيذ عقوبة الاعدام واكثرها جدية .
الضمانة الثانية:- إحالة الأوراق إلي مفتي الجمهورية لإبداء رأيه.
-تعد تلك الضمانة هي الضمانة الثانية لتطبيق عقوبة الإعدام بحيث أذا أغفلت بطل الحكم الصادر بالاعدام ويعد رأي المفتي في القضية يأتي علي سبيل الاسترشاد لا الجزم فيحق للمحكمة أن تقضي بعقوبة الإعدام حتي ولو لم يوافق عليها المفتي كما يحق للمحكمة أن تصدر حكمها بالاعدام إذا تاخر رد المفتي عن 10 أيام من تاريخ احالة الاوراق إليه .
ونأخذ مثال علي ذلك القضية المعروفة اعلاميا بمذبحة بور سعيد الخاصة بمقتل 74 مشجع كروي في مبارة كره القدم فيما بين فريقي الأهلي المصري وفريق المصري البورسعيدي فقد أحال رئيس المحكمة أوراق القضية لفضية المفتي لأخذ رأيه الشرعي في تنفيذ حكم الإعدام إلا أنه لم يرد رأي المفتي في الجلسة المحددة الأمر الذي معه التفت المحكمة عنه وقضت المحكمة بعقوبة الإعدام في حق بعض المتهمين فالقانون أوجب إحالة الأوراق لمفتي الجمهورية ولكن لم يشترط انتظار رأيه أو السير خلف هذا الرأي وفي ذلك قضت محكمة النقض :-
اقرأ أيضا: هل للمتهم ضمانات في الحبس الاحتياطي؟.. القانون يُجيب
«أن القانون إذا أوجب علي المحكمة أخذ رأي المفتي في عقوبة الإعدام قبل توقيعها أنما قصد أن يكون القاضي علي بينة مما إذا كانت أحكام الشريعة تجيز الحكم بالإعدام في الواقعة الجنائية المطلوب فيها الفتوى قبل الحكم بهذه العقوبة دون أن يكون ملزما بالأخذ بمقتضي الفتوى، فليس المقصود أذن من الاستفتاء نعرف رأي المفتي في تكييف الفعل المسند إلي الجاني ووصفه القانوني»
جلسة 9/1/1939 طعن رقم 334 لسنه 8ق
الضمانة الثالثة:- ضرورة تصديق رئيس الجمهورية علي الحكم بالإعدام.
-يجب أن ترفع الأوراق إلي السيد رئيس الجمهورية الذي يملك السلطة في إصدار أمر بالعفو عن المتهم أو باستبدال العقوبة بعقوبة أخف من الإعدام وذلك خلال أربعا عشر يوما من تاريخ إحالة الأوراق إلية فان صدق علي الحكم يخطر النائب العام بميعاد وساعة تنفيذ الحكم ويكون التنفيذ في حضور أحد وكلاء النائب العام ومندوب عن وزارة الداخلية ومندوب عن إدارة السجن الذي ينفذ فية العقوبة ومدير السجن أو مأموره علي حسب الأحوال وفي حضور طبيب السجن، وإذا كان المتهم يدين بديانه تقضي بعض المراسم العقائدية فإنه يجب علي مأمور السجن أن يمكن المتهم من القيام بتلك الشعائر في حضور أحد رجال الدين .
-ومن ضمن الضمانات الأخري لتنفيذ عقوبة الإعدام عدم تنفيذ عقوبة الإعدام علي السيدة الحامل إلي ما بعد شهرين من تاريخ الوضع، كما أنه لا ينفذ حكم الإعدام في الإجازات الرسمية أو الأعياد، وأخيرا فإنه لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد صدور حكم في النقض فبرغم من أن الطعن بالنقض لا يقف تنفيذ العقوبة.