قصة منتصف الليل.. «رشا» رحلة غارقة وسط أدخنة «الحشيش»
الثلاثاء، 23 أكتوبر 2018 10:00 مإسراء بدر
بعيون أصابها التورم من كثرة البكاء، وملامح شوهتها الخدوش ولطخات الدماء، بدأت تقص «رشا» على والدتها ما حدث مع زوجها ليصل بها الحال إلى ما هي عليه، فتذكرت بداية زواجها حينما كان يعتمد زوجها «ماجد» على هدايا الزواج من الأموال التي استقبلوها في الأيام الأولى من زواجهم للإنفاق على المنزل، وبعد مرور ما يقرب من أسبوعين فوجئت بانتهاء الأموال وأثناء بحثها هنا وهناك عن أي مبلغ ولو صغير لشراء احتياجات المنزل وجدت قطعة من الحشيش في لفافة ورقية فضية اللون.
وهنا بدأت الخلافات تسلك طريقها إلى منزلها، فعاتبته على شراءه الحشيش رغم قدرتهم المادية المحدودة، ولكنه هدأ من روعها بكلمات معسولة تحمل الأمل فيما هو آتي، ووعدها بأنه فور عودته إلى العمل ستنظر إلى هذه المبالغ على أنها مجرد «فكة»، فانتظرت يوم عودته إلى العمل كسائق سيارة أجرة ولكن في كل يوم يؤكد بدأه العمل قريبا إلى أن انتهى كل ما في المنزل من أطعمة مخزنة كانت قد أتت بها أمها في بداية الزواج، فأعادت عليه عتابها «بتجيب فلوس منين تشترى بيها حشيش ومش قادر تجيب أكل في البيت إحنا هانموت من الجوع».
فأجابها بهدوء ودخان سيجارته يغطى ملامح وجهه: «أنا بروح لأمي بأكل عندها وأنتي مابترضيش تيجي معايا فلو مش عاجبك كل ما تجوعي روحي كلي عند أمك وتعالي لحد ما الدنيا تتعدل»، صدمت «رشا» من حديث زوجها الذي من المفترض أن يكون رب لهذه الأسرة ولم يستطع الإنفاق على أساسيات الحياة من مأكل ومشرب في الوقت الذي يوفر فيه أموالا لشراء الحشيش، فالتزمت الصمت وعملت بنصيحته عسى أن تتحسن الأحوال قريبا مثلما وعدها.
ومع توالى الأيام بدأت «رشا» تشعر بالحرج في ذهابها لتناول الطعام بمنزل والدتها، على الرغم من عودة زوجها إلى عمله كسائق مرة ثانية إلا أنه لا يأتي بأموال للمنزل، فقررت التحدث معه للمرة الأخيرة، فعاتبته على كل ما حدث رغم قصر فترة زواجهما ولكنها عانت فيها بشدة، وكان محور عتابها حول استنكارها ضياع كافة أمواله على شراء الحشيش دون تفكير في متطلبات المنزل، وكأن هذه المادة المخدرة هي بديل الطعام والشراب، فوجدته يتحدث بثقة: «أنا بشرب عشان أروق دماغي وأعرف أشتغل عدد ساعات أكتر عشان أكسب أكتر».
فردت بلهجة استهزاء: «أنت لما بتشتغل أكتر وتكسب أكتر بتشتري كمية أكبر بالفلوس اللي كسبتها وهكذا يبقى البيت استفاد أيه؟!»، وهو الرد الذي أثار غضبه بشدة وأخرج ملامحه الشيطانية من السحب الدخانية المحيطة به ليقف يصرخ في وجهها فتبادلا الصراخ ليصل الحال في نهاية المطاف إلى الضرب بعنف فأصيبت بعدة جروح وخدوش متناثرة في أماكن متفرقة من جسدها فلم تجد سبيل سوى اللجوء لوالدتها.
وبعدما أن استمعت أمها إلى حديثها هاتفت جارها المحامي لتستشيره، عسى أن يساعدها في الحصول على حقها، وفور وصوله وعلمه بالأمر اصطحبها معه لقسم الشرطة لتحرير محضر بالاعتداء بالضرب وبدأت بعد ذلك في إجراءات تحريك دعوى قضائية للتطليق بالخلع عسى أن تنصفها محكمة الأسرة وتنهى الرباط المقدس الذي جمعها بهذا الرجل في أقرب وقت.