تشهد أسواق المحافظات ندرة في توافر «البطاطس»، مع ارتفاع أسعارها متجاوزة 14 جنيهًا للكيلو، وهو الأمر الذى آثار موجة سخرية وشكوى في الشارع المصري، لعدم توافر البطاطس وارتفاع أسعارها فى آن واحد، وذلك لأنها وجبة يومية لمحدودى ومتوسطى الدخل والفقراء، لا يمكن الاستغناء عنها لفترة طويلة، خاصة أيام الدراسة.
وتعددت أسباب تعطيش السوق والاختفاء السريع للبطاطس، ما بين أقوال ووجهات نظر تقول إن عدداً من رجال الأعمال الكبار يحتكرون المحصول من خلال تخزين عشرات الآلاف من الأطنان، داخل الثلاجات والبرادات الخاصة بهم، وآخرين قالوا إن السبب هو الفجوة الزمنية بين «العروتين الصيفى والنيلى»-أنواع البطاطس 3 نيلي وصيفي وشتوى»، إضافة إلى تراجع مساحة زراعة المحصول هذا العام، وهو ما أدى إلى تراجع وقِلّة المعروض مع استمرار وتزايد الطلب.
اقرأ أيضًا.. لو عايز تستورد تقاوي بطاطس.. تعرف على 13 شرطا من وزارة الزراعة
التقاوى فقط
فى بداية البحث عن أسباب الأزمة، اتجهت مباشرة إلى أحد رجال الأعمال الكبار، وصاحب إحدى الشركات العملاقة في تجارة البطاطس، كغذاء وتقاوى وتخزين وتبريد، فكان رده مختصرًا: «إن الأزمة ليست جديدة، ولكنها تتكرر من عام لآخر، نتيجة قِلّة وانخفاض وتراجع المعروض، في مقابل استمرار واستقرار الطلب على ما هو عليه أو زيادته، بمعنى أن الأزمة تأتى نتيجة لخللٍ ما بين العرض والطلب».
وحول اتهام رجال الأعمال بالتسبب في الأزمة، برىء المصدر نفسه وشركته، قائلًا إنه لا يملك فى شركته سوى تقاوى الموسم الجديد، وهى كمية تُقدّر بحوالى 50 ألف طن فقط، علاوة على حوالى من 3- 5 آلاف طن تخزين فى الثلاجات، احتياطى تشغيل الشركة والمصانع، مؤكدًا أن الذي ضاعف الأزمة تكبد المزارعين خسائر فادحة في الموسم السابق، نتيجة انخفاض الأسعار، فعزفوا عن زراعة المحصول هذا العام وهو ما أدى إلى تناقص فى مساحة المنزرعة.
وأشار المصدر إلى أن الفجوة بين «العروتين» -الصيفى والنيلى- من أحد أسباب الأزمة، حيث ينقطع في تلك الفترة الإنتاج لانتهاء فترة عروة من المحصول وظهور الأخرى، مشيرًا إلى أن هذه الفترة لن تطول لأن المحصول الجديد يتبقى على ظهوره في الأسواق فترة بسيطة لا تتجاوز 15 يومًا.
العروات الثلاث
وقال الدكتور محمد عبادى أمين عام الفلاحين الزراعيين، إن أزمة البطاطس لا دخل لها بالاحتكار ولا تعطيش السوق، لكن المشكلة تظهر مع الفجوة الزمنية بين العروتين الصيفى والنيلى، حيث تسمح الظروف الجوية فى مصر بزراعة محصول البطاطس على مدى 7 أشهر متتالية، في الفترة من منتصف شهر أغسطس حتى منتصف شهر فبراير فى العروات الصيفية والنيلية (الشتوية) والمحيرة.
وتابع: البداية بالعروة الصيفية، والتى تحتل مكانه هامة لدى مزارعى البطاطس، لأنها تعتبر المصدر الرئيسى لتوفير التقاوي اللازمة لزراعة العروتين النيلية (الشتوية) والمحيرة، وتزرع المساحات المبكرة منها خلال شهر ديسمبر أما معظم مساحات هذه العروة فتزرع خلال شهر يناير وحتى منتصف شهر فبراير، وينصح عادة بالتبكير فى الزراعة، خاصة إذا كان الغرض منها إنتاج التقاوى مع العلم أن تأخير زراعة هذه العروة إلى أواخر شهر فبراير سيؤدى إلى تأخير تقليع المحصول.
وأوضح أمين عام الفلاحين أن العروة (النيلية) الشتوية، تعتبر العروة الرئيسية للبطاطس للإنتاج فى مصر، وتزرع خلال الفترة من منتصف أغسطس وحتى نهاية شهر أكتوبر، وأفضل موعد للحصاد هو منتصف شهر أكتوبر، ويستخدم فى زراعتها التقاوى المحلية السابق حجزها من محصول العروة الصيفية السابقة لها، بعد تخزينها خلال أشهر الصيف فى الثلاجات أو النوالات المنتشرة فى بعض محافظات الإنتاج فى مصر، ويظهر محصول هذه العروة اعتباراً من أواخر شهر أكتوبر وحتى منتصف شهر فبراير، وإنتاج هذه العروة يغطى احتياجات السوق المحلى والتصنيع خلال الفترة من أواخر أكتوبر وحتى نهاية شهر أبريل، والتصدير إلى الأسواق الخارجية خلال الفترة من منتصف شهر ديسمبر حتى أواخر شهر أبريل.
وشرح عبادى العروة الشتوية أو (المحيرة)، قائلاً: «هى عروة جديدة استحدثتها وزارة الزراعة للبطاطس المخصصة للتصدير خاصة إلى أسواق المملكة المتحدة وبعض الدول الأوربية، وتزرع فى محافظات التصدير مثل البحيرة ومنطقة النوبارية والإسماعيلية والشرقية، خلال الفترة من منتصف شهر أكتوبر وحتى منتصف شهر نوفمبر، وتستخدم فى زراعة هذه العروة تقاوى معتمدة محلياً ناتج العروة الصيفية السابقة بعد تخزينها فى الثلاجات.
وأوضح أن هذه العروة ساهمت في زيادة كميات البطاطس المصدرة لأسواق أوربا خلال شهور يناير وفبراير ومارس وأبريل، قائلًا إن هناك نقص في مساحة الزراعة هذا العام، بحوالى ثُلث المساحة التى يتم زراعتها سنوياً وتقدر بـ 600 ألف فدان، وإنتاج يصل لحوالى 5 ملايين طن، نتيجة خسائر المزارعين فى الموسم السابق، بعد أن أنفقوا على الفدان من 20 – 25 ألف جنيه وفى نهاية الموسم انخفضت الأسعار فخسروا ما أنفقوه طوال الموسم.