أيقونات فاشلة هدفها التدمير والابتزاز.. خاشقجي ليس أخرهم (تحليل)

الجمعة، 12 أكتوبر 2018 09:00 م
أيقونات فاشلة هدفها التدمير والابتزاز.. خاشقجي ليس أخرهم (تحليل)
توكل كرمان ترفع صورة جمال خاشقجي
محمد الشرقاوي

«وداعًا يا شهيد الكلمة الحرة»، آلاف الصفحات على موقع التدوينات «تويتر» علقت على اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا بتلك الكلمات، موقنين أنه تم قتله على يد السلطات السعودية، وهو ما نفته الرياض، بالتزامن مع تحقيقات مكثفة تجري بهذا الشأن.

 بعيدا عن التحقيقات الدائرة، والأزمة التي عكفت اللجان الإلكترونية القطرية والإخوانية وأخرى تركية ومناهضة للدولة السعودية على إشعالها، باعتبار أن «خاشقجي» من أكبر المعارضين السعوديين وأنه وجب تدخل المجتمع الدولي للكشف عن المختفي. 

 

فما بين «شهيد الكلمة» و«رجل المعارضة الأول» والمؤيد لتركيا ونظام الحمدين في الدوحة، تبنت الوسائل الإعلامية على الجانب الأخر من الرياض، «إسعار الأزمة»، لذا لا يمكن النظر إلى تلك الأزمة على أنها قضية جنائية وفقط، ولكن لها أبعادًا سعرّت من العداء بين الرياض والدوحة، وبات خاشقجي –في وجهة نظر الدوحة ورجالها- أيقونة النضال ضد المملكة.

أيقونة النضال والمعارضة

اللفظ متداول على الساحة الإعلامية خاصة في مناطق المعترك السياسي الدائر بين أنظمة وأخرى، يستهدف منها نجاح عمليات ابتزاز سياسي وصناعة أزمات، كما الحال في أزمة «خاشقجي». الكاتب السعودي ليس الأخير، فهناك أيقونات صنعتها الأنظمة التي صنعت من جمال المختفي -تركيا والدوحة.

حسب الرصد الإعلامي لتلك الأيقونات، وبداية من ثورات الربيع العربي، وصناعة الشخصيات المعارضة التي تقود تحركات ممنهجة ضد أنظمة بائدة وأخرى تغيرت، لكن التناول هنا عن ما صنعته تركيا وقطر، اللذين طبقا استراتيجيات تستهدف نشر الفوضى في الشرق الأوسط بداية من 2011. لا يعني هذا أن صناعة الأيقونات لم تصنع من قبل ولكن أشهرها بعد ثورات الربيع العربي.

توكل كرمان والدعم التركي والقطري 

هي الصحفية اليمنية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2011، بالتقاسم مع إلين جونسون سيرليف وليما غبوي لنضالهم السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام.

الزخم الإعلامي الذي حظيت به تلك الناشطة المنتمية لجماعة الإخوان، في تلك المدة ليس عاديا، بل كان وفق خطوات ممنهجة، تستهدف على المدى القصير والبعيد التأثير على الرأي العام في الوطن العربي والمجتمع الدولي، عبر مناهضة أنظمة «قائمة» وقيادة تحالفات بين كيانات سياسية ومتطرفة، وهو ما حدث مؤخرا في الساحة اليمنية عبر رعاية تنسيقات بين ميليشيات أنصار الله الحوثي (الحوثيين) وتيار الإصلاح الإخواني برعاية وأوامر قطرية، تستهدف عرقلة تحركات التحالف العربي.

توكل كرمان ورجب أردوغان
توكل كرمان ورجب أردوغان

ليس زخمًا إعلاميا فقط، بل حظيت بدعم سياسي عبر لقاءات مع أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جميعها يثني على تحركات الناشطة على الساحة اليمنية، ومساعيها لنشر السلام.

توكل كرمان وتميم
توكل كرمان وتميم بن حمد

«الناشطة لا تنشر سلامًا»، مؤسسة المرأة العربية قالت ذلك، في بيان في سبتمبر الماضي، طالبت فيه بسحب جائزة نوبل للسلام من توكل كرمان، وذلك لأن مواقفها وتصريحاتها المعادية لوطنها اليمن ولجميع البلدان العربية والصديقة وبوقوفها إلى جانب دول وكيانات تسهم فى دعم الإرهاب والحث على ممارسته وسعيها للإساءة إلى بلدان عرفت بإشعاعها الحضاري مثل مصر قد أصبحت مصدرًا لنشر الكراهية والعداء والبغضاء بين الشعوب بما يعتبر خروجًا فاضحًا على أسس ومعايير هذه الجائزة التى تدعو إلى نشر قيم المحبة والسلام ونبذ الكراهية والتفرقة.

كيفية صناعة الأيقونة

في علوم الإعلام ووسائل الاتصال هناك ما يسمى بـ«نظريات الاتصال»، وهو التي تحدد آليات التحرك الإعلامي الممنهج والمستهدف من الرسالة، وتأتي «صناعة الأيقونات» ضمن تلك النظريات.

وتأتي صناعة الأيقونات ضمن 3 نظريات هامة في نظريات الاتصال، هي: «وضع الأجندة» -تركز على دور الإعلام فى تحديد أولويات الجمهور-، و«التأطير» -تطرح مفهومًا يقوم على أن الأحداث لا تنطوي على مغزى معين فى حد ذاتها وإنما تكتسب مغزاها من خلال وضعها بشكل متعمد فى إطار يحددها وينظمها ويضفى عليها قدرًا من الاتساق-، وثالثهما «الغرس» - تناقش تأثير تراكم التعرض المتكرر والكثيف للمضامين المصورة فى إدراك الجمهور للواقع الحقيقي.

وبالتطبيق العملي على حالة «خاشقجي»، فتكثيف المحتوى الإعلامي في هذا الإطار وغرس ذلك في ذهن المشاهدين والمتابعين، يؤدي إلى نتيجة حتمية.

رابعة العدوية والإرهاب المقنع

في عام 2013 شهدت القاهرة والجيزة اعتصامات مسلحة لجماعة الإخوان الإرهابية، بعد ثورة 30 يونيو، أثرت بدورها على البنى التحتية في ميداني رابعة العدوية والنهضة بالجيزة والوضع الأمني، وكان لازما فضها لتيسير حركة المرور ومنع أي خروقات للأمن القومي للدولة. ومرارًا وجهت أجهزة الأمن نداءات لفضها سلميًا لكن الجماعة الإخوانية رفضت.

وبالتزامن مع الاعتصامات، كثفت الدولة الحاضنة للتنظيم كثفت الدولة الحاضنة –تركيا وقطر- للتنظيم الإرهابي من الدعم السياسي والإعلامي للجماعة وتحركاتها، درجة أن الرئيس التركي رجب أردوغان، خرج على أنصاره رافعا علامة «رابعة» مهاجما ثورة 30 يونيو 2013.

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

رفع أردوغان لعلامة رابعة، كان إيذانا برفعها في كافة البؤر الداعمة للجماعة الإرهابية، ما يعني أنها باتت أيقونة في وجه الدولة المصرية، حيث رفعها في مواطن عدة أبرزها خلال كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، كذلك رفعها 3 مرات أثناء زيارته للسودان،  داخل القصر الرئاسي السوداني، والبرلمان السوداني، وجامعة الخرطوم، كذلك في قطر. 

نظرية التمثيل الإعلامي والأيقنة

في علوم الإعلام هناك نظرية تتماس مع النظريات الثلاث السابقة، وهي «التمثيل الإعلامي» -تقوم على أن الرموز المصورة والصوتية والنصية المضمنة فى الرسائل الإعلامية على اختلافها طريقة فهمنا للواقع وقضاياه وتخلق صورًا لشخوصه تركز فيها على صفات بعينها، وبالتالي باتت لتلك الرموز المصورة حجم تأثير، كقادة ناجحين، أو سياسيين ثوريين، أو غيرها من عمليات «الأيقنة».

تقول مراجع إعلامية إنه يتم استخدام المدخل ذاته فى مجالات التسويق السياسى وصناعة العلامة التجارية الشخصية، والتى قدمت مفهوم التقديم الذاتى، الذى يركز على استخدام وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة من جانب الشخصيات العامة، فى تقديم صور عن الذات قد تكون مختلفة تمامًا عن الحقيقة، وهو المفهوم الذى يركز على الأفعال والممارسات التى ينقل من خلالها الفرد معلومات معينة عن نفسه للآخرين.

ما يفعله الإعلام التركي والقطري مع قضية خاشقجي، هو ما تجسده تلك النظرية، حيث يتم اعتماد رموز دالة ومقصودة، فتعمل على تكرار صور الكاتب السعودي وعرض المتفاعلين معه، وبدرها تنتهي تلك الرسائل الموجهة إلى تقييمات عاطفية لدى الجمهور.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق