هوس النساء بالسحر والدجل والشعوذة لا يمكن تفسيره علميا، فتلك العلاقة الغربية يصعب فك عقدتها أو تحديد أسبابها الرئيسية، فمنذ القدم وتعلقت النساء بعالم السحر بكل تفاصيله وصوره الجنونية، من جلب الحبيب، إلى الانتقام من الأعداء، وأعمال الربط، وغيرها من القصص التى لعبت دور البطولة فى حياة كثير من النساء حول العالم، كما دفعت بعضهن للتضحية بأى شئ حتى الشرف، للوصول إلى تحقيق رغباتهن المرعبة والمفزعة، والتى يلعب فيها الحب والانتقام دور البطولة.
وتحكى إحدى ضحايا الدجل والسحر والشعوذة قصتها قائلة: "لجأت له عشان فى مشاكل بينى وبين جوزى، فطلب منى أروح له البيت، ولكنى رفضت، وقابلته بمكان عام 3 مرات، وفى كل مرة كان يعطينى أعشاب بـ4 آلاف جنيه، ولما أبلغته بعدم وجود نتيجة من وراءها، قال لى معمول لك عمل سفلى، وطلب يقيم معى علاقة جنسية لفك العمل»، مشيرة إلى أن ذلك كلفها 12 ألف جنيه، إلى جانب الصدمة المفزعة، وأنها لم تلجأ للشرطة خوفا من افتضاح أمرها بين الناس وأسرتها.
وقبل شهور فى مدينة شرم الشيخ، قاد بلاغ حررته سيدة بقسم الشرطة، قوات الأمن إلى دجال مارس الرذيلة مع إحدى ضحاياه 12 مرة، وكان ذلك بزعم أنه ساحر مغربى يحاول إخراج الجن وفك الأعمال الخاصة بها، وقبل 9 أشهر أيضا، شهدت مصر واقعة صادمة بإحدى قرى محافظة الجيزة، حيث استغلت عصابة من الدجالين جهل أهل القرية، وهتكوا عرض 100 سيدة بزعم علاجهن من العقم وفك السحر، ولم يكتفوا بممارسة الرذيلة معهن، وإنما التقطن لهن صورًا وفيديوهات فى أوضاع مخلة، حيث لم يكتشف الأهالى تلك الكارثة، إلا بعد تسريب الصور.
وفى عام 2016 شهدت البدرشين بالجيزة أيضا قضية «الشيخ عثمان»، ذلك الدجال الستينى الذى كان يبتز النساء بصورهن عاريات، كما كان يتقاضى منهن آلاف الجنيهات لفك الأعمال والسحر، ولا تتوقف جرائم الدجالين عند النصب وممارسة الرذيلة مع الضحيا فقط، بل تصل أحيانًا إلى القتل من أجل الاستيلاء على أموالهن، كما حدث فى شبين الكوم بالمنوفية حين قتل دجال سيدة وأصاب زوجها بزعم معالجتهما من المس، وتمكن من الاستيلاء على 100 ألف جنيه ومصوغات ذهبية.
وخلال تلك الفترة، يلجأ الدجالون إلى طرق جديدة لاستدراج شريحة مختلفة من الضحايا، وذلك من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، حيث يعرضون خدماتهم عبر تلك المواقع التى أصبحت أكثر استخداما فى مصر عن وقت سابق، وبمجرد تواصل الضحية معه يبدأ استدراجها إما لإرسال صور عارية له، أو فتح الكاميرا وهى عارية تمامًا، حيث انتشرت مؤخرا تحذيرات من هذه الحيل، كما انتشرت صور المحادثات مع الشيوخ المزعومين الذين يدعون قدرتهم على فك الأعمال السحرية السفلية وغيرها من أعمال الدجل والشعوذة.
رغم كل المخاطر التى تحيط بهؤلاء الدجالين والمشعوذين سواء فى مصر أو غيرها من الدول، والتى تصل إلى حد الموت أحيانا، إلا أن النساء لازلن يتورطن فى مثل هذه الكوارث، حيث إنهن لا يتوقفن نهائيا عن التواصل مع المشعوذين والدجالين، بزعم التخلص من المشكلات الاجتماعية أو الزوجية، مثل العنوسة، وفشل الزواج، وجلب الحبيب، أو لزيادة رغبته الجنسية تجاه صاحبة العمل السفلى، أو لإحكام السيطرة على الرجل، إلا أن هناك العديد من الأسئلة التى تطرح نفسها الآن، أهمها لماذا تؤمن النساء بالسحر والدجل أكثر من الرجال؟
دراسة شهيرة للمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، ترد على السؤال السابق طرحه، حيث أكد الباحث محمد عبدالعظيم فى تلك الدراسة، أن نحو 63% من المصريين يؤمنون بأعمال الدجل والشعوذة، وأن أغلبهم من المتعلمين، وأن نحو 50% من نساء مصر يؤمنن بدور الدجالين فى حل مشاكل الزواج والإنجاب والطلاق وغيرها، وترى الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع، أن هذا يرجع إلى أن النساء هن الطرف الأضعف بالمجتمع، موضحة أن إحساسهن بالضعف يدفعهن لاستجلاب قوة إضافية، وذلك يكون من خلال اللجوء للسحر والشعوذة.