بين الواقع والخيال.. الاستخبارات الدولية ومسلسلات بث الأكاذيب (تحليل)
الأحد، 07 أكتوبر 2018 11:00 ص
"معدات متقدمة.. تكنولوجيا تفوق تصورات العرب.. قدرات بدنية وصبر يفوق الحدود.. وفي الختام تكتب لنا الحياة مرة أخرى بفضل مجهولين"، تجسدت الاستخبارات الدولية (mi6)، و(cia)، وغيرها من القوات المخابراتية الدولية في مشهد البطل الذي ينقذ العالم، وسط غياب أجهزة الدول الأخرى.
مجموعة "المهمة المستحيلة"، التي نشرت ما يقرب من نحو 7 أجزاء، تحدثت خلالهم عن التكنولوجيا والعتاد الأقرب للخيال الذي يتم من خلاله إنقاذ العالم وسط غياب تام لأجهزة تلك الدول على الرغم من إنجازاتهم وقدارتهم غير العادية التي يقومون بها لمساعدة بلدانهم، ومساندة تلك الأجهزة، إلا أنهم دائمي الترويج لأنفسهم بشكل يثير الرعب والقلق منهم.
على مدار نحو 30 عاما -أو ما يزيد- حرصت الاستخبارات الدولية على أن يتم تجسيد العديد من الأفلام السينمائية التي تتحدث عن قدراتها، ودورها المستمر والدائم في إنقاذ العالم. "شاشات كمبيوتر عملاقة تعمل باللمس- قبل أن يتحول حلم التتش إلى حقيقة- وسيارات تعمل بنظام القيادة الذاتية مبرمجة ومسلحة كليا- وأدوات صغيرة ودقيقة- بعضها يتسبب في الانفجار والآخر يفقد الذاكرة وما إلى ذلك- وشخص واحد يحارب العالم".. هكذا تمحورت الأفلام الاستخباراتية الدولية.
تتضمن أفلام الجاسوسية، التي تتحدث عن الاستخبارات الدولية، العديد من الدلالات التي تبث للمجتمعات العربية، حتى أن البعض بدأ في الاعتقاد أن تلك الدلالات حقائق مطلقة غير قابلة للتشكيك، كما أن النظرة الدولية للبلدان التي يصور بها- وفقا للأفلام ليس لها علاقة بالواقع- فهم دائما العظام، في حين يبقى المجتمع العربي فى عصور الجاهلية.
إستراتيجيات الأفلام الاستخباراتية
يعد فيلم "المهمة المستحيلة".. أحد أبرز الأفلام التي تتحدث عن القدرات الاسخباراتية، في الألفية الحالية، حتى أن نجاحه حول العالم، جعل أجزاءه تتعدد، إلى أن تخطت تقريبا الـ7 أجزاء.. في إحدى أجزاء الفيلم الأشهر في عالم الاستخبارات الدولية، تم تصوير العديد من المشاهد في مدينة دبي، وبالتحديد داخل برج خليفة، البناية الأكبر حول العالم.
وعلى الرغم من تطور الإمارات وبالتحديد مدينة دبي، إلا أن الفيلم صور العديد من المشاهد التي تبرز جاهلية الدولة العربية الأكثر تطورا، فما بين خيام الباعة والجمال التي تزامل السيارات في الطرق، والبنايات المتهالكة، صارع نجم الفيلم الشرير، وهو ما يخالف الواقع التي تعيشها الإمارات.
لم تكن الإمارات هي الدولة الوحيدة التي تم تصويرها بهذا الشكل.. خلال العامين الماضيين تردد الفنان مرجن فريمن على مصر أكثر من مرة، لتصوير مشاهد في فيلمه الجديد، وعلى الرغم من ذلك، هناك بعض الأفلام الأجنبية التي مثلت مصر وكأنها أرض الصحراء والبدو التي لا تتمتع بأي جزء من الحضر.
ذات المشهد عانت منه المملكة العربية السعودية، والتي تم تصويرها هي الأخرى على أنها أرض البدو التي لا تمتلك الحضارة.. وهو ما يطرح سؤالا هاما، هل الأمر هو تشكيك العرب في قدراتهم؟.. أم هي محاولة لتحديد القوى على أرض الواقع؟
بين الواقع والخيال
دعك من كل التكهنات، والدفاع المستميت عن بلادنا وأرضنا المشروع تماما، ولكن لنكن موضوعيين إلى أبعد الحدود، هل تمتلك فعلا تلك البلدان التكنولوجيا التي يتحدثون عنها؟.. إذا كان الأمر حقيقة، فكيف أصابت تلك البلدان لعنة الإرهاب، الوباء الذي تفشى خلال الفترة الماضية، وكيف لم يتمكنوا من دحره، إذا كان رجلا من قواتهم قادرا على محاربة دولة منفردا.
حقيقة الأمر تعكس أفكار مغايرة تجاه تلك البلدان، تؤكد أنهم يعيشون في عالم مليء بالأوهام، والهدف الأول لهم، هو محاولة كبح جماح الدول العربية، حتى لا تحاول النهوض من كبوتها، عن طريق التحدث عن قدراتهم غير المعهودة، ومحدودية قدراتنا، علما بأن أفضل المخترعين حول العالم، خرجوا من عباءة الدول العربية.
السينما الاستخباراتية
الأساطير والروايات الوهمية، دائما ما تسير الذعر بين الجميع، من لا يخاف من لقاءه الجن، أو أحد القتلة، من لا ترعبه الأفلام التي تعتمد على المشاهد الدموية والمرعبة، المؤثرات الصوتية والإضاءة هي العاملين الأساسيين في تحقيق أهداف تلك الأفلام، وعلى الرغم من وعي الجميع بهذه الأمور، إلا أنهم لا زالوا يرتعبون منها.
إن كان تصوري تجاه تلك الأفلام حقيقة، فاعتقد أن الهدف منها هو الحد من القدرة الإبداعية، وحسب حساب لتلك البلدان خشية بطشها، خاصة وأنهم أصحاب اليد العليا من عتاد وقدرات تسليحية، ربما تكون وهمية، ولم يتم ابتكارها حتى يومنا هذا.