بعد أزمة "المعاق".. لماذا أباحت فتاوى دينية نكاح المجنون؟

الأحد، 07 أكتوبر 2018 08:00 ص
بعد أزمة "المعاق".. لماذا أباحت فتاوى دينية نكاح المجنون؟
نكاح المجنون
عنتر عبداللطيف

قامت الدنيا عبر وسائل التواصل الإجتماعى ولم تقعد بسبب بحث للدكتور جهاد محمود عيسى الأشقـر،أستاذ الفقه في كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بعنوان "نكاح المعاق ذهنياً في الفقه الإسلامي".

 المفاجأة أن هذا البحث منشور منذ سنوات في الجزء الأول من العدد 24 لمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا، في 67 صفحة من 415 إلى 482.

 ما فجر القضية من جديد أن أحد دور النشر نشرت البحث ككتاب مكون من 120 صفحة،حتى التقطه أحد رواد مواقع التواصل الإجتماعى ليصبح حديث الساعة، وهو الكتاب الذى يضم فى أقسامه ماهية المعاق ذهنياً وتكييفه الفقهى ـ وتعريف المعاق ذهنياً وأقسامه ـ أهلية المعاق ذهنياً ـ مشروعية نكاح المعاق ذهنياً ـ الفرقة بين الزوجين بسبب الإعاقة الذهنية فهل كان هذا الكتاب هو الأول الذى ناقش هذه القضة ام سبقته فتاوى وآراء دينية؟

وفق "السلفيين" فإن:" نكاح المجنون صحيح بإذن وليه إن كان جنونه مطبقا بحيث لا يفيق، فلوليه جبره على النكاح بدون رضاه، بل قد يجب عليه ذلك إن احتاج المجنون للزواج. أما إن كان غير مطبق، فإن كان يفيق فلا بد من رضاه بالنكاح على القول الراجح"، وذلك فى معرض ردهم على سؤال هل يصح زواج المجنون؟ على أحد مواقعهم.

كما يرى السلفيون فى معرض ردهم على سؤال :"هل يجوز تزويج المعاق أو منعه من الزواج"؟ أنه :"يجوز تزويج المعاق، ولا حق لأحد في منعه من التزوج, ولو كان مجنونًا أو معتوهًا، بل يجب على ولي المجنون تزويجه إن ظهرت حاجته إلى الزواج؛ وانظر الفتوى رقم: 121650.

وإذا كان المعاق عاقلًا لكنه عاجز عن الوطء أو لا شهوة له، فتزويجه جائز، بل ذهب بعض أهل العلم إلى استحباب الزواج في حقه.

قال ابن قدامة :"القسم الثالث، من لا شهوة له: إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه، ففيه وجهان؛ أحدهما، يستحب له النكاح؛ لعموم ما ذكرنا".

 foreplay-shutterstock_565980976-1-1

 
 
والثاني، التخلي له أفضل؛ لأنه لا يحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضر بها، ويحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه".

لجنة الفتوى بالأزهر الشريف كانت قد اصدرت فتوى برقم 391543 تتعلق بمدى جواز زواج المعاقين ذهنيا وإنجابهم وطلاقهم، وهى الفتوى التى جاءت للرد على سؤال موجه من الدكتور وليد نادى الباحث بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة، فى إطار دراسته التى حملت عنوان "زواج المعاقين ذهنيا بين القبول والرفض".

وقالت الفتوى نصا : "الزواج حق من حقوق المعاق ذهنيا ثابت له بمقتضى الجبلة والبشرية والطبع؛ لأنه إنسان مركب فيه الشهوة والعاطفة، ويحتاج إلى سكن ونفقة ورعاية، شأنه شأن بقية بنى جنسه، مع زيادته عليهم باحتياجه لرعاية زائدة فيما يرجع إلى حالته الخاصة، وكما أن ذلك الحق ثابت له طبعا فهو ثابت له شرعا؛ فإذا كانت الشريعة قد أجازت للمجنون جنونا مطبقا أن يتزوج فإن من كان فى مرتبة دون هذه المرتبة – كالمعاق إعاقة ذهنية يسيرة – يكون زواجه جائزا من باب أولى ولا حرج فى ذلك، ما دام المعاق محوطا بالعناية والرعاية اللازمتين.. والزواج من العقود متى توفرت فيه أركانه وشرائطه صح وترتبت عليه آثاره.

 hub seks

 
وتابع نص الفتوى: "من شروط صحة العقود أهلية المتعاقدين، فإذا اختلت هذه الأهلية بعارض الجنون أو العته لم يصح للمجنون – ونحوه – أن يباشر الزواج بنفسه، ولو فعله لم ينعقد العقد؛ وذلك لأن النكاح تصرف متوقف على القصد الصحيح، وهو لا يوجد إلا مع العقل.. وبسبب هذا الاختلال فى الأهلية فإن الشرع قد أثبت سلطة أمر المجنون للغير لأجل تحقيق الحفظ والصيانة له، وبموجب هذه السلطة يقوم الولى برعاية شئون المولى عليه المتعلقة بشخصه، ومن التصرفات التى يجوز للولى إيقاعها: تزويج المجنون الذى تحت ولايته؛ لمصلحة إعفائه أو إيوائه وحفظه وصيانته".

 

تابعت الفتوى : "غنى عن البيان أن المقصود من هيمنة الأولياء والأوصياء والكفلاء هو محض المصلحة للمولى عليه والموصى عليه والمكفول، لا أن يتحول الأمر إلى تجارة للرقيق الأبيض فى صورة استخدام هؤلاء المعاقين استخداما غير آدمى وغير أخلاقى، والأصل أن القيم والوالدين أو أحدهما تكون تصرفاته تجاه المعاق مقيدة بالمصلحة، دائرة معها؛ فإن كان فى مصلحته من الناحية النفسية أو الصحية أو حتى المادية الزواج فلا يجوز له الحيلولة بينه وبين ذلك، بل قد يمكن التأليف بين الحالات المتشابهة أو القريبة التشابه لإحداث الزواج بينها من خلال الجمعيات الموثوقة والروابط التى تنظم أمثال هؤلاء المعاقين ذهنيا، ويكون تأخير القائمين على هؤلاء فى جلب مصلحة لهم – حيث توفرت مقدمتها – فيه تقصير وإثم بقدر تحقق تخلفهم عن توصيل هذا الخير".

 

أضافت الفتوى: "مرجع ذلك إلى الخبراء وأهل الاختصاص، وهم من يعرف من خلالهم درجة المصلحة والمفسدة فيما يترتب على الإنجاب أو عدمه أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حدتها، وهؤلاء هم الذين يستطيعون الحكم على قدرة المعاق ذهنيا على رعاية الأولاد فى المراحل العمرية المختلفة من عدمها، وهل حدوث فرص توريث للمرض الذهنى والعقلى قائمة؟ وما نسب ذلك؟ وهل هذا الإنجاب يؤثر سلبا على حالة الأب أو الأم؟ وغيرها من النظرات الاحتصاصية التى يترجح معها الإنجاب من عدمه، ويكون ذلك تحت رعاية وعناية ولى المعاق، وقد يحتاج الأمر للقاضى عند اللزوم أو التنازع".

 

وبشأن الطلاق قالت الفتوى: "الأصل فى الطلاق أنه حق يملكه الزوج وحده.. لكن هذا الأصل فيمن تصح عبارته، وناقص الأهلية ليس كذلك؛ فلا يصح طلاقه.. فالقاضى وحده هو من يملك إيقاع الطلاق فى مثل هذه الحالة إذا تحقق عنده ما يوجب الطلاق شرعا".

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق