مذكرات جلال طالباني.. 50 عاما من الجدل السياسي

السبت، 06 أكتوبر 2018 10:00 ص
مذكرات جلال طالباني.. 50 عاما من الجدل السياسي
الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني
محمد الشرقاوي

صدرت مؤخرا النسخة العربية من مذكرات الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، من بيروت، مليئة بأسرار الساحة العراقية في الفترة التي تولى فيها رئاسة الجمهورية العراقية وغيرها من الأحداث، خلال الخمسين عاما الماضية

وتوفي الرئيس العراقي الأسبق طالباني عن عمر 83 عامًا في يوم 03 أكتوبر 2017.

وتحكي المذكرات الصادرن عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» حكاية 50 عامًا لشخصية قيادية كردية كبيرة ومثيرة للجدل، تعكس أحداثا رسمت مستقبل العراق السياسي والاجتماعي، من حلف بغداد إلى تشكيل الأحزاب السياسية الكردية والعربية، كذلك فترة الانقلاب على الملكية والصراع الكردي مع الحكومة المركزية في بغداد، ومبدأ الحكم الذاتي لشمال العراق، في عقل الأحزاب الكردية، حتى مرحلة ما قبل احتلال العراق في 2003.

بحسب المذكرات، عرف جلال طالباني بـ«مام جلال» - العم- ابنًا للشيخ حسام الدين الشيخ نوري ابن الشيخ غفور طالباني، ولد في بلدة كلكان قرب سد دوكان عام 1933، انتقل بعدها إلى مدينة كويسنجق للدراسة الابتدائية والثانوية.

يقول الكتاب إن طالباني ارتاد حلقات الدراويش في صغره، يشاركهم أذكارهم، وفي نفس التوقيت بدأ اهتمام جلال طالباني بالسياسة، منذ أن كان طالباً في الصف الخامس الابتدائي

بدأ «مام جلال» رحلته السياسية في 1947 بشكل منظم، حين أصبح عضواً في الحزب الديمقراطي الكردستاني -البارتي-، برئاسة الملاّ مصطفى البارزاني، وانتخب في عام 1951 عضوًا في اللجنة المركزية، ودخل عام 1953 إلى كلية الحقوق في بغداد، وبعدها عاد إلى السليمانية، ممارسًا مهماته الحزبية والسياسية.

مباحثات عبد السلام عارف

في عام 1963، العم جلال مباحثات التفاهم في العراق مع الرئيس عبد السلام عارف، بعد استيلاء أعضاء حزب البعث على السلطة بعد انقلاب عسكري أطاح بحكم عبد الكريم قاسم.

ونقلت المذكرات علاقة طالباني مع الملا مصطفى البارزاني: «بناءًا على طلب الملا مصطفى البارزاني قررنا أن نشرع بإقامة علاقات مع إيران»، متابعًا: «أن الملا مصطفى عمل على إنهاء علاقات الاتحاد الوطني مع إيران أثناء لقائه مع رئيس جهاز الاستخبارات الإيرانية -السافاك- حسن باكروان، وأخبره البارزاني، أنّه مستعد للتعاون مع الإيرانيين مقابل تخلي طهران عن جلال وجماعته»، بعدما انشق جلال عن حزب البارزاني

 

سوريا وجواز السفر الدبلوماسي

انشق جلال عن حزب البارزاني احتجاجًا على دعوة الأخير لجميع المقاتلين الأكراد إلى إلقاء السلاح بعد تخلّي إيران عنه عام 1974، وحينها عبر طالباني الحدود مع 700 من مرافقيه إلى إيران عبر نقطة همدان، وبعد ذلك، وحين استقر في سوريا، ألف حزباً جديد، باسم الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975، وأصدر بيان التأسيس في يونيو 1975.

ومنحت سوريا طالباني دعما معنويا وسياسيا، وأعطت العم جلال جواز سفر دبلوماسيًا، إلا أنه سُحِبَ منه عام 2002 على خلفية تصريحات لقناة «سي إن إن» الأمريكية.العلاقة مع الأمريكان وفرنسا

يقول طالباني:« كان موقفهم متوازناً من الحكومة العراقية والأكراد. وهنا يتحدث طالباني عن حقبة السبعينات والثمانينات، وكانت لجلال طالباني أيضاً علاقات قوية مع الفرنسيين وخصوصاً الحزب الشيوعي الفرنسي، وكذلك مع الرئيس الراحل فرنسوا ميتران، وعن علاقته وحزبه بالإسرائيليين، ينفي طالباني إجراءه أي لقاء مع الإسرائيليين، وذلك رداً على بعض التقارير الصحافية التي نشرت أنباء عن لقائه بشيمعون بيريز، وحلوله ضيفاً على منتدى «صبان» اليهودي،  وعن موقفه من لقاءات المسؤولين الإسرائيليين بالأكراد عموماً يقول: «أعتقد أن التعاون بين إسرائيل والحركة الكردية خطأ كبير».

 

صدام حسين في مذكرات طالباني

تراوحت علاقة طالباني مع الرئيس الراحل صدام حسين، بين الاستقطاب والمعارضة، يقول عن اللقاء الأول: «رأيته لأول مرة في صالون أحمد حسن البكر، وكان إلى جانبه عبد الخالق السامرائي وعبد الله سلوم السامرائي، وكانوا شبابًا جيدين وقد تعرفنا عليهم عن طريق طيب برواري. وكانت علاقتنا تأسست عن طريق عبد الله سلوم ومحمد المشاط، السفير العراقي في لندن آنذاك، حيث كانت مواقف عبد الخالق السامرائي أفضل تجاه الأكراد».

اتخذت العلاقة إطارًا أخر بعد وبعد وصول البعثيين إلى السلطة، وإشراك عناصر كردية من عناصر جماعة البارزاني في حكومة عبد الرزاق النايف، وهما محسن دزيي وإحسان شيرزاد، واستبعدوا طالباني وحزبه.

وقتها نصحه حازم جواد القيادي البعثي بالتقرب من صدّام حسين، وبعد لقاء الإثنين، طلب طالباني توسيع بعض مناطق الحكم الذاتي، فأجابه صدام: «تدلل كاكه جلال... صار» صدّام حسين مخاطبًا جلال طالباني في بغداد، مستجيباً لمطالب جلال بتوسيع بعض مناطق الحكم الذاتي للمنطقة الكردية، وقال طالباني  لصدّام في بغداد عام 1991: «نحن الحزام الذي تلفه على خاصرتك».

 

سقوط بغداد 

وعن سقوط العاصمة العراقية بغداد وحكم صدام حسين عام 2003، قال طالباني: «في أبريل عام 2002، دُعينا أنا ومسعود البارزاني إلى أمريكا والتقينا هناك بوفد أمريكي عالي المستوى، ضم ممثلين عن البيت الأبيض وأبدينا المشاركة في انتفاضة العراقيين وهيأنا لهم الاتصال ببعض القادة من الجيش العراقي، ثم ساعدناهم في تحرير كركوك وخانقين ومناطق أخرى».

وربما لم يدر في ذهن جلال طالباني آنذاك بأنه سينتخب أول رئيس غير عربي لجمهورية العراق من 2005 إلى 2014.

وكان الرئيس العراقي الراحل قد قال مرة عن مذكراته، الواقعة في 571 صفحة بأنها «لا يمكن أن تنشر في حياته لأنها ستثير موجة من الاعتراضات من شتى الفرقاء والشخصيات السياسية».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق