القبض على فتاة سيارة صلاح سالم يطرح السؤال.. هل على السكران "حرج قانوني"؟
الخميس، 04 أكتوبر 2018 09:00 ص
حالة من الجدل بين القانونيين والدستورين حول أزمة القبض على الفتاة التي رقصت أعلى سيارة بطريق صلاح سالم وقائد السيارة، حيث تبين-بحسب مصادر أمنية- أن الفتاة وقائد السيارة كانا في حالة سكر وقت ارتكاب الواقعة، فقد وجهت لهما الجهات المختصة جرائم: «السكر فى طريق عام، وتعريض حياة المواطنين للخطر، والفعل الفاضح».
وفور القبض على المتهمين سادت حالة من الجدل حول عدم قيادة الفتاة للسيارة وأن ملابسها لم تكن فاضحة كما يدعى البعض، فضلاَ عن صعوبة إثبات حالة سكر الفتاة لأنه لم يتم القبض عليها وقت إرتكاب الواقعة، مما يصعب معه الكشف عنها إن كانت فى حالة سكر من عدمه، حيث أن عملية الضبط يجب أن تكون فى حالة تلبس أثناء حدوث الفعل وليس بعده.
الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، علق على المسألة القانونية بقوله إن جريمة الفعل الفاضح فى الطريق العام لا تكون إلا بتوافر عنصر العلانية فيها، وقد نصت المادة 278 من قانون العقوبات المصرى، على أن: «كل من فعل علانية فعل فاضح مخل بالحياء؛ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تتجاوز 300 جنيه».
اقرأ أيضا: «ميدو ومجدي عبدالغني» بين «الفعل الفاضح» و«اختراق الحياة الشخصية»
أن الركن المادى لجريمة الفعل الفاضح-بحسب «الجنزورى» فى تصريح لـ«صوت الأمة»، تتكون من عنصرين، هما: علانية الفعل، والعلانية معناها أن يشاهد الفعل أحد من الناس، أو يسمعه إذا كان السمع يدل على مادة الفعل، أو أن يكون من شأن الفعل بالكيفية التى وقع بها أن يراه أو يسمعه الغير ولو لم يرَ أو يسمع، والعنصر الثانى، الفعل المخل بالحياء وهو الفعل المادى المكون للجريمة ويتميز بأنه عمل مادى أو حركة أو إشارة من شأنها خدش حياء الغير.
قانون المرور
وأن عنصرى الجريمة قد توفرا فى واقعة، الفتاة وذلك من خلال نشر صور ومقاطع فيديوهات تثبت العلانية، فضلاَ عن أن قانون المرور الجديد تضمن مجموعة من المواد والعقوبات حفاظًا على أرواح المواطنين من الحوادث المرورية، وإلزام قائدى المركبات بها للحد من الحوادث، ومنها: - ارتكاب قائد المركبة فعلًا مخالفًا للآداب العامة أو السماح بارتكابه فى المركبة:
«يعاقب قانون المرور الجديد لكل من يتركب فعلاً فاضحًا بالطريق فى الشريحة الخامسة من القانون بخصم 5 نقاط من 50 نقطة متاحة لكل سائق، والحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن 4 آلاف جنيه، ولا تزيد عن 8 آلاف جنيه»-طبقا لـ«الجنزورى».
اختبارات معرفة الكحول فى الجسم
وعن مسألة اختبارات معرفة الكحول فى الجسم، قال أشرف فرحات، المحكم الدولى والمحامى بالنقض، فى تصريح خاص، أن هناك خطوات متعارف عليها للكشف عن الكحول فى الجسم تتمثل فى التالى:
أولا: اختبار البول لمعرفة مدة الكحول في الجسم :
وتلك الطريقة رغم أنها سريعة، وتستخدم غالبا من قبل اللجان وكمائن الشرطة على الطرق السريعة لمعرفة وتحديد السائق تحت تأثير الكحول، إلا أن تلك الطريقة تحدد وجود الكحول في الجسم من عدمه خلال أربعة إلى خمسة أيام من تناول الكحول.
اقرأ أيضا: "خلي بالك إحنا مراقبينك.. "التبول" جريمة تهدد المواطن " المحسور"
ثانيا: اختبار الدم لمعرفة مدة الكحول في الجسم :
إذا كانت كمية الكحول التي تم تناولها قليلة يمكن الكشف عنها خلال 10 إلى 12 ساعة من التناول أما في حالة الشخص الذي يتناول الكحول بكثرة فان معرفة وتحديد وجود الكحول في الجسد قد يمتد إلى أسبوع من تناول الكحول-وفقا لـ«فرحات».
وبالنسبة لإشكالية نشر الوقائع، أضاف «فرحات» اود أن اوجه رسالة لكل الناس التى تهاجم الفيس فى تداول المخالفات والجرائم أن تداولها وانتشارها سبب فى التوصل إلى القبض عليهم وتطبيق القانون، بمعنى أن تطبيق القانون أحيانا يحتاج إلى الإشارة على مخالفته، وردد قائلا: «ياريت تكون وصلت المعلومة من المنظر فيما علق البعض بأنها قد تكون تعاني من حالة نفسية أو في حالة سُكر».
مسئولية السكران بإختياره
وعن مسألة مسئولية السكران بإختياره، والجرائم التى يرتكبها أثناء سُكره وهو فاقد للشعور، يقول أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، ياسر فاروق الأمير، أنه من الثابت عمليا وعلمياً أن عملية الإفراط في تناول المواد المُسكرة والمُخدرة يفضي دائماَ إلى خلل في القدرات الذهنية وفي سيطرة الشخص على ما يصدر عنه من أفعال، ومقتضى ذلك رفع المسئولية الجنائية عن السكران فيما يرتكبه من جرائم سواء أكان قد تناول المُسكر أو المُخدر بإختياره أو قهراَ عنه.
أن المشرع-وفقا لـ«الأمير» فى تصريح لـ«صوت الأمة»- في المادة 2/62 عقوبات رفع المسئولية عن السكران إذا ما تناول المُسكر أو المُخدر قصراً عنه فدل بمفهوم المخالفة على مسئولية السكران باختياره، وليس في الفقه في هذا الشأن خلاف بل هو أيضاً مذهب القضاء، حيث أن محكمة النقض المصرية لم تطلق هذا النظر بالنسبة لكل الجرائم العمدية بل قصرته على طائفة منها وهي الجرائم التي يكتفي فيها القانون بالقصد العام، أما حيث يشترط القانون لوقوع الجريمة قصداً خاصاً فإن مسئولية السكران لا تتحقق بالنسبة لهذا القصد اللهم إلا إذا تناول المسكر أو المخدر ليقوي عزيمته على إرتكاب الجريمة إذ عندئذ يعتبر مسئولاً عن هذه الجريمة ولو كان القصد فيها خاصاً.
( نقض 1947/4/1 مجموعة القواعد القانونية جـ7 رقم348 ص331؛ نقض 1950/6/12 مجموعة أحكام النقض س1 رقم246 ص754؛ نقض 1969/1/13 س20 رقم23 ص104).
وأشار «الأمير» إلى أن الفقه مجمع على تخطئة هذا القضاء والرأي فيه أن التفرقة في الحكم بين القصد العام والخاص تحكمية، وأنه كان يتعين على محكمة النقض أن تسوي بين القصدين لأنهما من طبيعة واحدة فكلاهما يقوم على العلم والإرادة.
اقرأ أيضا: الهروب مش هيفيد.. هذه تفاصيل التلبس "من الدعارة للسيجارة" وأثره القانوني
وتابع: «نعتقد أن تقرير مسئولية السكران بإختياره بوجه عام وفقاً لمفهوم المخالفة للمادة 2/62 عقوبات هو من الأمور التي يمكن أن تثير شبهة عدم الدستورية، لأن المشرع افترض القصد لدى السكران بإختياره افتراضاً لا يقبل إثبات العكس حال أن السكر يمكن في بعض الأحيان أن يعطل الإرادة التي هي مناط التأثيم طبقاً لما أطرد عليه قضاء المحكمة الدستورية ( حكم المحكمة الدستورية العليا في 1995/7/3 القضية رقم25 لسنة 16ق؛ وحكمها في 1995/12/2 القضية رقم28 لسنة 17ق؛ وحكمها في 1996/6/15 القضية رقم49 لسنة 17ق؛ وحكمها في 1997/2/1 القضية رقم59 لسنة 18ق ).
واختتم الإجابة بقوله: «إلى أن تقول المحكمة الدستورية العليا كلمتها فإنه يجب على القاضي بحث كل حالة على حده فإن ثبت توافر الإرادة قامت المسئولية وإن تخلفت انعدمت المسئولية العمدية والخطئية على السواء».