لكل بائع ومشترٍ.. كل ما تريد معرفته عن «الغنم بالغرم»
الأربعاء، 03 أكتوبر 2018 02:00 ص
هناك حزمة من المصطلحات القانونية التي تغيب عن الأشخاص والمواطنين وبمجرد التطرق إليها وسماعها يظن البعض أنها مصطلحات وعبارات جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل: «الجدك» أو «الكدك» و«التفريد» و«الإعسار»، كذا هناك فى القانون ما يطلق عليه «الغنم بالغرم» وهى قاعدة فقهية شرعية.
فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت مسألة «الغنم بالغرم» لغة واصطلاحاَ وتطبيقات القاعدة من الناحية القانونية والشرعية بين البائع والمشترى-بحسب ياسر سيد أحمد، الخبير القانونى والمحامى بالنقض-.
-الغنم في اللغة: هو الفوز بالشيء والربح والفضل، وهو ما يحصل له من مرغوبه من ذلك الشيء.
اقرأ أيضا: «مش كله لوى دراع».. اعرف الفروق الجوهرية بين عقدى «المساومة» و«الإذعان»
-أما الغرم لغة: الدين ، وأداء شيء لازم، وهو ما يلزم المرء لقاء شيء من مال أو نفس.
و«الغنم بالغرم»-وفقاَ لـ «أحمد»- أو من له الغنم عليه الغرم أو ما يعبر عنها «النعمةُ بقدرِ النِّقْمَةِ، والنقمة بقدر النعمة» هي قاعدة عظيمة تفيد من حيث المعنى أن من ينال نفع شيء، يتحمل ضرره، أو بتعبير آخر: أن التكاليف والخسارة التي تحصل في الشيء، تكون على من يستفيد منه شرعًا.
مثال ذلك: الشركاء في المال يلزمهم من الخسارة بنسبة ما لهم من المال المشترك، كما يأخذ من الربح.
مثال آخر: «النهر أو البئر المشترك بين مجموعة أفراد إذا احتاج إلى تصليح، فيشترك في التعمير كل من لحقه ضرر بالخراب، وكلما انتهى التصليح لأرض أحدهم وتجاوزها، خلص صاحب تلك الأرض من الاشتراك في نفقات التصليح، حيث تكون مضرته قد انتهت، وهكذا آخر النهر».
ومن تطبيقات هذه القاعــــــــــدة شرعاَ:
1) إن تكلفة رد الوديعة على المودع ، لأن الإيداع لمصلحته.
2) إن أجرة كتابة «عقد البيع» على المشتري لأنها توثيق لانتقال الملكية إليه وانتفاعه بها.
3) يتحمل بيت المال نفقة اللقيط، وهو الطفل المنبوذ المجهول النسب، لأن تركته تعود إلى بيت المال إذا مات .
4) إن مؤونة حفر النهر أو البئر المشترك وتعمير حافاته وتطهير مائه على الشركاء فيه، بمقابل انتفاعهم بحق الشرب.
5) إذا اتفق ركاب السفينة على إلقاء الأمتعة المحمولة فيها في البحر، إذا أشرفت على الغرق من ثقلها، فإن قيمة المتلفات على الركاب بمقابل سلامة أنفسهم.
اقرأ أيضا: بين البائع والشاري.. إشكالية أعمال الشرط الفاسخ للتعاقد والفسخ القضائي
إن المتأمل لهذه القاعدة «الغنم بالغرم»، وكذلك قاعدة «الخراج بالضمان»، يجد أن المقصد العام من هذه القواعد هو تحميل الفرد من الواجبات والأعباء بقدر ما يأخذ من الميزات والحقوق، بحيث تتعادل كفتا الميزان في الواجبات والحقوق، فلا تثقل إحداهما على حساب الأخرى، مع الاختلاف بين القاعدتين إلا أن هذه القواعد هي أصدق تعبير على أن الشريعة الإسلامية السمحاء تقوم على أساس القسط والعدل والمساواة في كلِّ مجالات الحياة الإنسانية-هكذا يقول «أحمد»-.
ومجالات تطبيق هذه القاعدة في القانون أمر لا يخفى على المختصين من أهل المجال القانونى، وتدرج عادة في قسم الضمان في العقود، وكذلك تتفق هذه القاعدة أيضا في تدعيم إنكار ما ما يُعرف في القانون بقاعدة «الإثراء بلا سبب» أو الكسب بدون سبب .
• وفي كل الأحوال فهي قاعدة عظيمة و مهمة لكل أهل الشريعة والقانون .
اقرأ أيضا: روشتة تحويشة العمر.. أهم إجراءات شراء الشقة والنصائح القانونية عند توقيع العقد
وحري بأهل القانون-بحسب «أحمد»- الإلمام بهذه القاعدة فهما وتطبيقا، فالذي لا خلاف عليه أن من نال قسطا من الإطلاع على هذه القواعد الفقهية من القضاة والمحامين وغيرهم من المشتغلين بالقانون والباحثين القانونيين، يكون بذلك أحرز مادته وضّمر أفكاره وسهُل عليه إستيعابه، و لا شك أن ذلك من أقوى ما يعينه في مرافعاته ومذكراته بل وحتى في خطاباته ومكاتباته، فيطلق العنان لقلمه ليغوص في الشرح و البيان إجمالا وتفصيلا ليكون بذلك فارس حلبته الذي لا يشق له غبار وسيد مرافعته التي ليس لها مثال في الاستدلال بالححج القوارع والبيان الساطع والبرهان القاطع.
وذلك مما يتأتى به إظهار الحق والوقوف سدا منيعا ضد الظلم، فليس معنى أنك على حق أو أنك تدافع عن الحق أن الحق لا يحتاج إلى تزيين، فالأمر ليس كذلك ويدرك ذلك كل فطن لبيب، فليس أزرى برجل القانون من ضعف الأسلوب والعجز عن البيان في إقامة الحجة بمنطق وقوة في الاستدلال، فإنها والله مما تضيع به الحقوق.