خبراء يضعون روشتة انتشال الصناعة من خسائرها.. كيف ننقذ قطاع الغزل والنسيج؟
الأربعاء، 03 أكتوبر 2018 04:00 ص
تصل الصادرات المصرية فى صناعة الغزل والنسيج 2.7 مليار دولار سنويا فقط فى حين أن أن دولا ناشئة مثل بنجلاديش، تبلغ صادراتها من الغزل والنسيج والملابس سنويا نحو 35 مليار دولار
خلال الـ40 عاماالأخيرة تعرضت صناعة الغزل والنسيج لتحديات كثيرة بالتزامن مع تقليص مساحة زراعة القطن المصرى طويل التيلة من 2 مليون فدان إلى أقل من 150 ألف فدان.
الشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج والملابس اتخذت قرارا بتعويم الشركات، وانتشالها من الخسائر وتطويرها عبر دراسات عالمية لمكتب وارنر يتم تنفيذها بالفعل.
المهندس مجدى طلبة نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية، رئيس مجموعة كايرو قطن سنتر العالمية قال أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر مظلومة، وفى حاجة لتحقيق تكامل ما بين زراعة القطن وصولاً إلى الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز، مشيراً إلى أن قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص والصناعة لها قواعد وأسس لابد أن نطبقها خاصة التحديث السنوى للماكينات، وهو ما لم يتم، على سبيل المثال إجمالى صادراتنا 2.7 مليار دولار سنويا، وبنجلاديش تصدر بـ34 مليارا وفيتنام فوق العشرين مليار دولار.
وتابع طلبة: «الوضع المحلى بالغ السوء.. والاستيراد مغرق الدنيا، والخطورة أن الاستيراد فيه جزء غير رسمى بما يزيد على %60».
وحول أبزر المشكلات، لفت طلبة إلى أن الصناعة يشرف عليها 5 أو 6 جهات، كل قراراتهم متضاربة، وأضاف: «لابد أن يمثل كل قطاع بجهة واحدة فقط للنهوض بالصناعة، ونسعى إلى ذلك من خلال المجلس الأعلى للاتفاق على استراتيجية واحدة بين وزارت الصناعة والزراعة وقطاع الأعمال العام للنهوض بالصناعة بشكل حقيقى والبداية فى القطن». واضاف: «كنا نزرع 2 مليون فدان انخفضت لمليون فدان ومن 3 سنين وصلنا إلى 127 ألفا، والعام الحالى نقترب من 330 ألف فدان، وهذا مؤشر جيد، لكننا لا نعرف نسوقه والمجلس يعطى توصيات للحكومة للنهوض بالصناعة».
وتابع: «أرضنا تزرع أقطانا طويل التيلة ونسبته فى الصناعة عالميا لا تتعدى %3 وكنا نمرة واحد فى العالم وكان لابد من تعظيم ذلك، لأن أمريكا وإسرائيل أخدت بذرتنا وزرعتها وطلعت نتائج إيجابية».
وتابع طلبة:«هناك دول تنافس فى الصادرات مثل تونس صادراتها 3 أضعاف مصر وليس عندها قطن، وهناك شركات ناجحة فى مصر لكن القطاع عموما سيء لعدة أمور منها التمويل المكلف كثيرا، مثلا أقراض القطاع الخاص لا يزيد على %12 وفى العالم %40 كما أن تكاليفه عالية والضمانات كبيرة للغاية، بجانب عدم وضوح استراتيجية صناعية للصناعة، علاوة على أن كل مصنع يعمل مع نفسه دون الارتباط بالآخرين،أيضا هناك 112 مصنعا توقفت عن التصدير فى المفروشات وهناك مصانع أغلقت و70 مصنع ملابس توقفت عن التصدير، مما يضعف قوة الصادرات، ولابد لنا من قاعدة بيانات توضح حالة القطاع الذى تأثر نتيجة ثورة يناير نتيجة الإضرابات وغيرها».
وأضاف: «مصانع الملابس لابد أن تقيم الماكينات وتشترى أى ماكينة جديدة تظهر فى العالم لأن المصنع الذى لا يحدث نفسه يحول نفسه إلى مصنع كهل مثل %70 من مصانعنا».
وقال إن العنصر البشرى غير مدرب ولابد من ضبط القوانين نحو إنتاجية أفضل وضبط أفضل للعامل أسوة بالدول التى تقدمت، مضيفا أن الأخطر أن منافسة الشرق الأدنى صعبة جدا كقطاع ملابس لأن الإنتاجية هناك ضعف الإنتاجية هنا، لذا العامل يلعب دورا مهما فى القطاع.
وأضاف: «أما شركات قطاع الأعمال بصفتى كنت عضو مجلس إدارة فى القابضة للغزل دورتين، فالشركات ظلمت وتوقفت بعد تغيير قطاع العام، لقطاع الأعمال وشركات ماكيناتها من 60 سنة وعمالة كبيرة وسنها كبير فوق الخمسين سنة ولا تعيينات، الغريب أن متوسط الأجور ضعف القطاع الخاص والإنتاجية ضعيفة، وسيكون هناك حلول جذرية تم تقسيم الشركات إلى شركات فيها أمل يتم تحديثها وشركات لا أمل فيها سيتم تصفيتها وفقا لمقولة «انسف حمامك القديم»، ولها أراض تساوى مليارات والطبيعى أنه سيتم بيع الأراضى وعمل مصانع جديدة فى المناطق الصناعية مع خصخصة الإدارة وليس خصخصة الشركات.
وأكد طلبة ضرورة وجود صناعة قوية لمنافسة دول الجوار، قائلاً: هناك دول تنافس بقوة فى صناعة الملابس بدون أن يكون لديها زراعة قطن، كما أن العالم يتجه إلى الألياف الصناعية وأتمنى أن نزرع 500 ألف فدان قطن مع جلب الصناعة للقطن عالى الجودة، ولابد أن نبدأ فورا فى جلب صناعات ذات قيمة مضافة عالية للقطن مع تحديث صناعة الملابس والمفروشات بصورة عاجلة وحل مشاكل التمويل والتحديث والتدريب وغيرها».
واستطرد: «يجب الحد من ظاهرة التهريب وتحسين إجراءات الجمارك مع المستثمرين فيما يتعلق بالحبس حال وجود أخطاء حسابية مثلا، ولابد من ربط كل المنافذ بشبكة واحدة وتوحيد أسعار الجمارك فى الموانى لتقليل التهريب الذى يتوحش ولابد من القضاء عليها ولابد أن نكون جاذبين فى صناعة الغزل والنسيج التى تعتبرها بعض البنوك صناعة عالية المخاطر وبالتالى لا يتم تمويلها.
وانتقد طلبة عدم مساندة ودعم الحكومة للقطاع، قائلا: «عديد من الشركات والمصانع لم يحصل على المساندة التصديرة التى تصرفها الحكومة بأرقام محددة لدعم للشركات.. فى المقابل، الهند فيها 30 برنامج مساندة، بل إن بعض البلاد تصرف %24 من ثمن المعدات لتشجيع الصناعة.
وعن تأثير اتفاقية الكويز، قال إن الشركات المصرية لم تستفد بها وكان الهدف منها أن نصدر لأمريكا بـ10 مليارات دولار، لكننا أقصى رقم صدرناه بنحو مليار دولار فقط، ولابد منإاعادة النظر فى كل الاتفاقيات التى وقعناها ولم نستفد بها لأننا نزلنا الرسوم الجمركية وخسرنا مبالغ سيادية ضخمة.
وتابع أن صادرات فيتنام، وهى دولة صغيرة كانت 156 مليار دولار، ومن شهرين ارتفعت صادرات الدولة إلى 243 مليار دولار، ونحن كل صادراتنا نحو 22 مليار دولار والطبيعى أن تكون فوق الـ200 مليار دولار.
فى المقابل، قال إبراهيم قنديل رئيس شركة الدلتا لحليج القطن إن الحكومة لديها حد أدنى لتصدير القطن، لكن مع دخول شركات كثيرة منذ تحرير تجارة القطن عملت فجوة كبيرة فى السوق، حيث يتم تصدير القطن البيما الأمريكى بـ159 سنت للكيلو ونحن نصدر بـ115 سنتا، وبالتالى تضيع على الدولة ملايين الدولارات، لذا لابد من السيطرة على الصادرات بشكل أفضل ولابد من تحديد سعر حد أدنى للصادرات لكل كيلو.
وتابع قنديل أن القطن المصرى عموما شهد تدهورا وبداية التدهور منذ سنة تحرير بيعه بقانون 210 لسنة 94، لأنه دخل التجارة ناس غير مختصة فى تجارة القطن خلطوا الأصناف بعضها على بعض مما أثر على نقاوة البذرة، وبالتالى تأثرت الإنتاجية وتكونت أصناف جديدة حصل خلالها تدهور، وفى 2016-2017 تراجعت الزراعات حيث زرعنا 145 ألف فدان أنتجت 727 ألف قنطار فقط، الفدان أنتج 5 قنطارات مقابل 18 قنطارا للقطن الأمريكى، ثم صدر قانون 4 لسنة 2015 الذى أوجد تحسنا لأنه ألزم وزارة الزراعة بشراء قطن الإكثار ومنع المتاجرة فيه، لحماية الصنف المصرى وبالتالى بدأ القطن يعود تدريجيا وزادت الزراعات إلى 220 ألف فدان أنتجت نحو 1.3 مليون قنطار والإنتاجية 7 قناطير للفدان، وهذا العام تم زراعة 336 ألف فدان ستنتج نحو 2.5 مليون قنطار.
وأضاف: «كان المفروض أن يتم وضع سياسة تسويقية صحيحة وحد أدنى للتصدير، ولا أحد يصدر بأقل منه للحفاظ على أموال البلد، لكن للأسف حاليا مباح لأى تاجر تصدير القطن بأى سعر مما يضرنا كثيرا ويحتاج لتدخل وزارى».
واستكمل: «أما قطن الإكثار فإن الشركة القابضة تعاقدت لشراء نحو 450 ألف قنطار بقيمة مليار ونصف وبالتالى لابد أن تكون الفائدة البنكية قليلة للغاية وليس بالفائدة الحالية لتسهيل مهمة الشركة».
وتابع: «فيما يتعلق بدمج المحالج هناك محالج لا تعمل نهائيا مثل بنى مزار، وبالتالى تم تحديد زراعات القطن وعمل محالج بجوارها وضم المحالج لبعضها البعض، خاصة أنه لدينا محالج من سنة 1850 ومع ذلك تعمل بكفاءة نتيجة صيانتها حرصا على سمعة القابضة للقطن».
وأضاف: «نطبق فى الحليج أحدث تكنولوجيا من الهند وهناك محلج فى الفيوم سيعمل خلال 45 يوما، ضمن خطة التطوير كما وفرت أراضى المحالج نحو 27 مليار جنيه قيمتها السوقية، والأهم بخلاف تحديد سعر أدنى للتصدير لابد من ضمان خلو الأقطان من الشوائب غير النباتية نتيجة التعبئة مما يعيد المنافسة لنا بقوة ونحن تدريجيا نعمل على ذلك وفق توجيهات الدكتور أحمد مصطفى رئيس القابضة»، كما أن زراعة 350 ألف فدان مناسب للمصانع فى مصر.
من جانبه قال سعيد أحمد رئيس المجلس التصديرى للمفروشات: «أنا مستثمر مصرى عشت فى بريطانيا 22 سنة وجئت للاستثمار فى الغزل والنسيج وهى تعتمد على 3 محاور، الأول زراعة، والثانى صناعة والثالث تسويق، وبالعمل عليها نقدر نوصل لما نريد، مثلا كنت بأصدر فى البداية بمليون فى الشهر وحاليا أصدر بـ100 مليون فى الشهر وأسعى للتصدير بــ125 مليون جنيه فى الشهر من خلال مجموعة نايل لينين جروب، والسبب أننى أعمل بعمالة مدربة ومعدات حديثة وخطة تسويقية واضحة وأشترى أحدث ماكينات للتغلب على المنافسة من دول الشرق الأدنى بالجودة والسعر».
وتابع: «الواقع أن الشرق الأدنى ينافس بتكلفة قليلة وجودة عالمية وهو ما نسعى لتنفيذه والحل العمل بماكينات حديثة وعمالة مدربة، لذلك وقعت بروتوكولا مع التربية والتعليم وفتحت مدرسة ثانوية صناعية هى نايل جروب لينين وأنشئت مراكز تدريبية للشباب، وعندى كوادر مهمة وأجيال تطلع وهذا هو أساس تطوير الصناعة، أيضا المشاركة فى المعارض ومعرفة كيفية المنافسين واعرف سوق المنافس».
وأضاف: «وحتى نصل لخطة تسويقية قوية لابد من ماكينات حديثة فى ظل ارتفاع التكاليف التى تؤثر علينا ولابد لذلك من صرف المساندة التصديرية للمصدرين لزيادة المنافسة، لأنه من سنتين لم يتم صرفها رغم تقديم العديد من المذكرات فى هذا الشأن خاصة أن هناك مصانع تغلق لصعوبة المنافسة». وأكد أن المنافسة التصديرية معروفة فى كل دول العالم بما فيها أمريكا ومن المهم أيضا أن نبدأ بالقطن وبسعر تنافسى عالمى وباستخدام الميكنة لتوفير تكاليف جنى القطن، وهو بند أساسى مع رفع إنتاجية الفدان، مثلا إسرائيل تزرع القطن فى الصحراء وتنتج فى الفدان ما بين 15 و16 قنطارا ونحن ننتج 5 و6 و7 وأقصى إنتاجية للفدان 10 قناطير فى بعض المناطق فقط». وقال: «نظرا لأهمية الصناعة بنجلاديش تبيع بـ35 مليار دولار ونحن نبيع بـ2.5 مليار دولار فقط، يعنى نحن أقزام فى الصناعة بالنسبة للآخرين».
وتطرق إلى تاريخ زراعة القطن فى مصر، قائلاً: «كان فرغلى باشا الملقب باسم ملك القطن قبل ثورة 23 يوليو، يحصد القطن مع المزارعين بنفسه مع أبنائه للحفاظ على جودته ومنافسته العالمية وكان الأعلى عالميا، الآن الوضع تغير وأعتقد أننا فى طريقنا لعمل ذلك. لكن الأهم توفير القطن المصرى بالسعر العالمى ونستعيد منافستنا فى الصناعة».
وعن غياب الدعم الحكومى، قال سعيد أحمد إن المساندة التصديرية متوقفة من سنتين، ولابد من سرعة صرفها لإنقاذ المصانع، مناشداً الدكتور محمد معيط وزير المالية سرعة الصرف لأنه قد تخسر المصانع حال عدم صرف المساندة، فالهدف هو توفير عملة صعبة ووقف نزيف الواردات.
وقال: «لابد من التركيز فى الصناعة على الوجه البحرى لأن طلعت حرب قال لا ينفع الغزل والنسيج إلا فى الرطوبة ودخل على كفر الدوار والبحيرة وليس الصعيد ولابد أن نفهم ذلك، كما أن مصانع النسيج فى الصعيد تكلف نقل وطاقة تقلل من القدرة التنافسية. ولابد من عودة السجاد اليدوى والأكلمة وغيرها للبيوت مثل الصعيد وفوة وغيرها».
وأكد سعيد ضرورة التطوير فى صناعة الملابس والمفروشات، قائلاً: «لابد من عمل براند مصرى وبالفعل عملنا براند «نايل هوم» ويصدر لإنجلترا، وسنعمل براند آخر اسمه كذا ميلان مع مجموعة إيطالية عالمية وبالفعل جئنا بالمصممين من شركة فريتى العالمية. المهم ألا تزيد تكلفة العمالة %9 وليس %70 فى المصانع».
وعن دور اتفاقية الكويز، قال: أدخلتنا للسوق الأمريكى، ونأمل نزول المكون الإسرائيلى إلى %8 وليس %10.5 فى المنتجات.
واختتم سعيد كلمته بالتأكيد على دعم الشركات لبرنامج الإصلاح الاقتصادى، قائلاً: «عبدالناصر استلف لشق قناة السويس والسادات لما حب يضبط الموازنة حرقوا البلد وتراجع ومبارك عن تلك الخطوة، وكان يرفض الإصلاح وتحريك الأسعار فلم يكن لأى رئيس الجرأة لإنقاذ البلد وعمل إصلاح حقيقى، إلا الرئيس السيسى لأنه عنده ضمير ووطنى ولا سيما أننا نحن نحارب اقتصاديا، لأننا بدأنا نعتمد على نفسنا وكان الدور علينا فى الدمار مثل سوريا واليمن وليبيا، ولذلك راضين ونحن ندفع الثمن ونتعرض للضغوط من أجل بلدنا».
كما استعرض الدكتور عادل أنوررئيس شركة مصر للغزل والنسيج بكفر الدوار تجربته فى شركة كفر الدوار: كلفنى الدكتور أحمد مصطفى رئيس القابضة للقطن والغزل والنسيج، بالتطوير الذاتى، وبالفعل قمنا بإعادة استخدام قطع غيار بعد تأهيلها، وكانت موجودة من عشر سنوات، هذا رفع الطاقة المتاحة لنا، كما وفر لنا 15.2 مليون فى 3 أشهر، لكن مشكلتنا أولا الجودة، وبالفعل رفعنا الجودة من 60 إلى %98.5 ونصدر لإيطاليا وإنجلترا وألمانيا وهولندا، وصدرنا غزل لتركيا لأول مرة منذ عشر سنوات وكنا نعانى من ذلك.
وتابع: «المهم أيضا فى الصناعة ضبط التكاليف مما يزيد المنافسة وفتح أسواق جديدة، ولا سيما أن العمالة عندنا على درجة عالية من الكفاءة، لكن الأجور عالية حوالى 7355 عامل، يتقاضون نحو 405 مليون جنيه سنويا وتكاليفهم كبيرة».
وأضاف: «اتبعنا خطة جديدة داخل الشركة، وهى عدم الإنتاج بدون طلب، ولا يتم إنتاجه وتخزينه، كما كان يحدث، وبالتالى لدينا طلبات بأكثر من 450 مليون جنيه نتيجة مباشرة لتحسين الجودة وخفض تكاليف الإنتاج مما زاد التنافسية، ولا سيما أننا نجحنا فى تقليل الخسارة بشكل كبير فى كل الشركات الشقيقة».