لماذا تراجع بوتين عن ضرب المسلحين فى إدلب؟
الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018 11:00 م
في مطلع سبتمبر الجاري، عقدت كل من روسيا وإيران وتركيا، قمة ثلاثية ، لبحث الأوضاع في محافظة إدلب السورية، فى الوقت الذى كان يجهز فيه الجيش السوري قواته مدعوما بالطيران الروسي لشن هجوم على معاقل الجماعات المسلحة المعارضة الأخيرة المتبقية فى المحافظة.
خلال القمة تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشكل واضح وحازم، قائلا: " من المؤكد أن الأولوية للقضاء النهائي على الإرهاب في سوريا، وأن أولويتنا المشتركة المطلقة، هي القضاء النهائي على الإرهاب في سوريا، وفي الآونة الأخيرة ، وبفضل دعم القوات الجوية الفضائية الروسية، تم تحرير الجزء الجنوبي الغربي من البلاد بنجاح".
الحشود التى كان يرسلها الجيش السوري على حدود محافظة إدلب، والتي تعتمد على روسيا وإيران، كان يقابلها حشودا عسكرية أمريكية وبريطانية وفرنسية وحلف الناتو على وجه العموم، خاصة بعدما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر أنها ستضرب النظام السوري حال استخدامه أسلحة كيميائية، الأمر الذى فسره محللون أن هذا الكارت هو الرابح دائما معها، فمن السهل إلصاق هذه التهمة بالنظام، خاصة بعدما كشفت موسكو عن تصوير منظمة الخوذ البيضاء، المدعومة من واشنطن "هجوم كيميائى مفبرك".
التراجع والبدائل
فاجئت روسيا العالم بعد تأكيد رئيسها على تطهير أدلب من الإرهاب، بتراجعها، الاثنين 17 سبتمبر، حيث نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن وزير الدفاع الروسي، سيرجي شويجو، قوله، إن قوات الحكومة السورية وحلفاءها لن تنفذ عملية عسكرية جديدة في محافظة إدلب.
منطقة عازلة
وأعلن فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، وأردوغان، رئيس تركيا، في مؤتمر صحفي مشترك، الإثنين، إنهما اتفقا على إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح في محافظة إدلب السورية للفصل بين قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة، على أن تقوم قوات تركية وروسية بعمل دوريات في المنطقة لضمان احترامها.
وقال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعد إجراء محادثات مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنهما اتفقا على سحب جميع الأسلحة الثقيلة من المنطقة منزوعة السلاح، واتفقا أيضًا على انسحاب المسلحين ذوي التوجهات المتشددة بما في ذلك جبهة النصرة من تلك المنطقة، مشيرا إلى أن المنطقة منزوعة السلاح ستدخل حيز التنفيذ بحلول 15 أكتوبر.
لماذا تراجعت روسيا؟
يرى خبراء أن هناك سببان رئيسيان أديا إلى تراجع روسيا عن ضرب محافظة أدلب وتطهيرها من الإرهابين والجماعات المسلحة، أولهما هو معارضة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذى عارض بوتين خلال القمة الثلاثية وطالب بسيناريو أخر وهو وقف إطلاق النار بين الطرفين، إضافة لإسناد موسكو آلية فصل المعارضين عن الجماعات الإرهابية على كاهل أنقرة، لما لها من نفوذ هناك منذ بدء الحرب السورية عام 2011، وأيضا المعرفة الكاملة لدى روسيا بتسليح المعارضة عبر أنقرة.
ويعد السبب الثاني الذى أدي لتراجع روسيا، هو الأهم، ويكمن فى ارتفاع احتمالية دخول حرب مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، فالأمر تعدى التصريحات والتهديدات الكلامية، فالولايات المتحدة التي هددت بضرب النظام السوري حال استخدامه أسلحة كيمائية، حشد غواصات نووية وسفن حربية مجهزة بأحدث صواريخها واتجهت بها فعليا إلى البحر المتوسط، بل ودعت حلفائها الذين لبو النداء.
وحتى الاثنين، توجهت سفن حربية من حلف الناتو إلي البحر المتوسط، منها الفرقاطة الهولندية "دي رويتر" والكندية "فيل دي كفيبيك" واليونانية "إيلي" في شرق البحر المتوسط كجزء من مجموعة البحرية التابعة للناتو بالقرب من سوريا، و في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط بالفعل يوجد ثلاث مدمرات صاروخية أمريكية كارني" و"روس " و"ونستون تشرشل" المجهزة بصواريخ كروز "توماهوك" بمدى 1600 كيلو متر. وسفينة "ماونت ويتني".
أما عن الغواصات، فيوجد حاليا في البحر الأبيض المتوسط ، ثلاث غواصات هجومية نووية أمريكية على الأقل من طراز لوس أنجلوس مزودة بتوماهوك، وتمتلك قوات البحرية الأمريكية في البحر المتوسط ما لا يقل عن 204 صاروخ كروز "توماهوك" لضرب أهداف في سوريا، وقد وصلت الغواصة الهجومية النووية البريطانية، "تسلينت"، المجهزة ب 10 صواريخ كروز "توماهوك" البحر المتوسط يوم 8 سبتمبر، كما وصل إلى الخليج، حاملة الطائرات "سوليفان" المزودة ب 56 صاروخ كروز، ووصلت أيضا القاذفة الاستراتيجية "بي-1بي" المحملة ب 24 صاروخ مجنح "جو-أرض" " JASSM" التابعة لسلاح الجو الأمريكي إلى القاعدة الجوية "العديد" في قطر.
هذه الأساطيل والحشود العسكرية تنذر بشئ واحد فقط بحسب خبراء عسكريون مفداه، أن الولايات المتحدة ستضرب جديا النظام السوري، وفى حال وقع الاشتباك مع القوات الروسية فهي حرب عالمية ثالثة بلا محالة، ستجمع أمريكا وبريطانيا والناتو، ويقابلها روسيا وإيران والصين فى حال تأزمت الأمور، لذا رأت روسيا أن إغلاق باب الحرب هو الأفضل، إضافة إلى أن حتى بعد بقاء النظام السوري فهناك مليارات الدولارات ستدفع لإعادة إعمار البلد الذى تدمر جراء حرب السبع سنوات، لذا فالحرب التى ستدار لها خسائر فادحة، ليست على الجانب العسكري فقط بل الاقتصادي.