هل يدفع "الأعلى للإعلام" فاتورة الكنيسي؟.. نقابة الإعلاميين تهدد قانونية المجلس
الأحد، 16 سبتمبر 2018 07:00 م
في الوقت الذي تستعد فيه نقابتا الصحفيين والإعلاميين لإرسال ترشيحاتهما لعضوية الهيئات الإعلامية (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام) تبرز مشكلة قانونية تهدّد سلامة الترشيحات والتشكيل المنتظر للهيئات، بطلها الأستاذ حمدي الكنيسي.
بحسب قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الصادر برقم 92 لسنة 2016، فإن نقابة الإعلاميين ترشح أربعة أسماء لعضوية مجلس إدارة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وأربعة لعضوية الهيئة الوطنية للإعلام، على أن يختار رئيس الجمهورية اثنين من كل ترشيح. وفي ضوء أن المراكز القانونية للأسماء المرشحة ترتبط بصفاتها لا شخوصها، وكونها ممثلة عن نقابة الإعلاميين، فإن سلامة الترشيح ترتبط بسلامة موقف النقابة ومجلس إدارتها، وحال مواجهة النقابة مشكلة قانونية فإن الأمر يهدّد ترشيحاتها، ويهدّد بالتبعية تشكيل المجلس.
ترشيح خارج إطار القانون
التشكيل الحالي للهيئات الإعلامية الثلاثة، الصادر بالقرارات الجمهورية 158 و159 و160 لسنة 2017 يتضمن اسم الأستاذ حمدي الكنيسي ضمن أعضاء مجلس الهيئة الوطنية للإعلام، بينما ينص البند السابع من المادة 58 بالقانون 92 لسنة 2016 بشأن تشكيل مجلس إدارة الهيئة على أن يضم ممثلين عن نقابة الإعلاميين يرشحهما مجلس إدارة النقابة من غير أعضائه، والأستاذ حمدي ليس فقط عضوا في المجلس المؤقت لإدارة النقابة، وإنما يرأس المجلس.
المشكلة الجديدة التي تتشكّل في الأفق أن نقابة الإعلاميين تستعد في الوقت الحالي لترشيح ثمانية أسماء لعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، وتتجاهل تماما المأزق القانوني الذي يواجهه مجلس إدارة النقابة، في ضوء انتهاء ولايته بموجب النصوص الواضحة في قانون النقابة الصادر برقم 93 لسنة 2016. هذه المشكلة لا تهدّد فقط سلامة ترشيحات النقابة، وإنما تهدّد سلامة تشكيل المجلس والهيئة. ويمكن القول إن إصرار الأستاذ حمدي الكنيسي ومجلس إدارته (المنقضية ولايته بموجب نص قانوني صريح) على مواصلة بحث الأمر واختيار مرشحين لتمثيل النقابة، بمثابة تعمّد من النقابة وإدارتها لتوريط مؤسسة الرئاسة التي ينص قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام على حقها في اختيار ممثلي النقابة من بين قائمة الترشيحات، وطبعًا يطال هذا التعمّد بنية المجلس وسلامة تشكيله، ويفتح بابا مستقبليا للطعن في قراراته وما يصدر عنه من إجراءات.
قانون نقابة الإعلاميين رقم 93 لسنة 2016 ينص في مادته الثانية على أن «يصدر رئيس مجلس الوزراء، بعد موافقة مجلس الوزراء، قرارًا بتشكيل لجنة مؤقتة من أحد عشر إعلاميًّا من ذوي الخبرة، من العاملين في المجال الإعلامي، العام والخاص، تتولى مباشرة إجراءات تأسيس نقابة الإعلاميين»، وتستكمل المادة الثالثة بالنص: «تُباشر لجنة التأسيس المشار إليها في المادة الثانية أعمالها بمجرد نشر قرار تشكيلها، وتضع لائحة تنظم طريقة عملها، وإجراءات اتخاذ قراراتها، وتتولى مؤقتا إدارة جميع أعمال النقابة المنصوص عليها في القانون المرافق، أو أي قانون آخر، وتنتهى مهمتها بانتخاب مجلس إدارة للنقابة، على أن يتم ذلك خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ أول اجتماع لها». بينما تشكلت اللجنة المؤقتة لتأسيس النقابة برئاسة حمدي الكنيسي وبدأت عملها في مارس 2017 بموجب قرار رئيس الوزراء رقم 573 لسنة 2017. وفق هذه المحطات فإن مجلس الإدارة المؤقت انتفت صفته بقوة قانون النقابة في سبتمبر 2017. أي قبل سنة من الآن، وكل قرارات الأستاذ حمدي الكنيسي ومجلسه بين سبتمبر 2017 وسبتمبر الجاري عُرضة للطعن والإلغاء لمخالفتها الأطر القانونية الواضحة لعمل النقابة وخطوات تأسيسها.
وفق هذا التصور القانوني فإن أي قرار جديد لمجلس إدارة نقابة الإعلاميين المؤقت هو قرار مطعون في قانونيته بالضرورة، حتى لو كان مجرد ترشيح أسماء بعيدة عن المجلس لتمثيل النقابة في عضوية الهيئات الإعلامية. إعمالا لحقيقة أن الترشيح المرتقب سيكون قرارا صادرا عن جهة غير ذات صفة، ولا يحق لها قانونا الاضطلاع بهذه المهمة بعدما أزال القانون المنظم لعمل النقابة ولايتها القانونية لمخالفتها الصريحة لنصّه التوقيفي في إجراءات التأسيس والولاية المؤقتة للمجلس المُعيّن. وإصرار النقابة على إنجاز عملية الترشيح تثير الشكوك حول تعمّدها تجاوز القانون، أو رغبتها في إحراج الحكومة والهيئات الإعلامية ومؤسسة الرئاسة. في الاحتمالين لا يبدو الأمر بريئا، ويحتاج وقفة جادة من الدولة في إطار صيانة الأطر القانونية السليمة وإيقاف عملية اختراق القانون المستمرة منذ شهور.
تعطيل مع سبق الإصرار والترصد
في خطوة عملية تعرف اللجنة التأسيسية نفسها أنها تتضمن شبهة الافتئات على القانون، اجتمع مجلس إدارة نقابة الإعلاميين المؤقت أمس السبت لاختيار مرشحي النقابة الثمانية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام. وقال الكنيسي إن النقابة تُراعي المعايير التي حددها القانون 92 لسنة 2016 في اختيار مرشحيها، وهي أن يكون ذا خبرة وقادرا على المشاركة في العمل العام، إضافة إلى مراعاة تمثيل الشباب والمرأة.
رغم انتهاء الاجتماع أمس دون الاستقرار على أسماء المرشحين، وإرجاء الأمر لاجتماع اللجنة التأسيسية المقرر الثلاثاء المقبل، فإنه لا يبدو أن اللجنة تؤخر الاختيار في ضوء قناعتها بانتفاء ولايتها القانونية وأنها أصبحت غير ذات اختصاص بمباشرة هذا الأمر. حتى الآن يبدو الأستاذ حمدي الكنيسي ومجلسه مقتنعين تماما بأنهم مجلس قانوني يحق له إدارة النقابة والإشراف على إجراءات تأسيسها وانتخاب أول مجلس إدارة لها، حتى لو كانت مدّتهم القانونية قد انقضت قبل سنة تقريبا، وحتى لو كان الكنيسي نفسه لا يعترف بالقانون ويسعى جاهدا لتعديله حتى يتمكن من الترشح في الانتخابات.
المأزق القانوني الذي تعيشه النقابة لا يبدو أن هناك مخرجا منه بالنسبة لمجلس الإدارة المؤقت ورئيسه الإعلامي حمدي الكنيسي، لكن السؤال المهم الآن هو: هل تواصل اللجنة مسارها الحالي وتُصدّر مأزقها القانوني لمؤسسة الرئاسة والهيئات الإعلامية؟ الإجابة القاطعة أن إصرار اللجنة على إصدار قائمة ترشيحات بأسماء ممثليها في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة لا يمكن النظر له إلا باعتباره تصديرا مُتعَمَّدًا للأزمة. والحل الوحيد الذي يحفظ ماء وجه المجلس المؤقت، ويعفي مؤسسات الدولة من الحرج، أن تتخلّى اللجنة عن إصرارها على ترشيح ممثلين للنقابة، وهنا ينص قانون التنظيم المؤسسي رقم 92 لسنة 2016 على حق رئيس الجمهورية في اختيار ممثلين للجهات التي تتأخر في إرسال ترشيحاتها في المواعيد التنظيمية المحددة.