عمارة إيموبيليا.. هنا كانت تسكن قوة مصر الناعمة (صور)
الأحد، 16 سبتمبر 2018 01:00 م
الإيموبيليا هي من أهم وأضخم وأشهر عمارات القاهرة وأقدم العمارات الفنية وأشهرها على الإطلاق في منطقة وسط البلد حيث كانت مقراً لمشاهير السياسة والإقتصاد والفن والرياضة مما جعلها شاهداً على تاريخ من زمن الماضي الجميل وتقع عند تقاطع شارعي قصر النيل وشريف وكان تصميم العمارة عبارة عن برجين على شكل حرف U ، ولكل برج ثلاثة مداخل وكتصميم فازت شركة فرنسية إيطالية من بين أكثر من 14 شركة تقدمت لمسابقة معمارية وقامت شركة إنجليزية بتزيين ممرات العمارة برخام عالي الجودة والنقاء من تصميمها وتركيبها.
هي ضمن ممتلكات الإقتصادي والرأسمالي وصاحب الشركات الضخمة الشهيرة المليونير المصري القديم أحمد باشا عبود أغنى أغنياء مصر في ذلك الوقت حيث كانت تقدر ثروته ب30 مليون دولار أمريكي في الثلاثينات وكان رئيساً للنادي الأهلي وكان يجتمع باللاعبين في مدخل العمارة الذي تتوسطه حديقة كان فيها نافورة وكان يسكن في إحدى شققها بالطابق الثاني وفي نفس الطابق كان هناك مكتب لإدارة شركاته.
بدأ العمل في إنشاء العمارة في 30 إبريل 1938 وتكلف بناؤها مليون و200 ألف جنيه مصري وتم الإنتهاء من العمل فيها 1940، وتتكون العمارة من برجين أحدهم بحري ويتكون من 11 طابق والآخر قبلي ويرتفع لـ13 طابق ويضم البرجين 370 شقة ويوجد بها 27 مصعدا مقسمة إلى ثلاثة فئات، بريمو للسكان، وسوكوندو للخدم وآخر للأثاث،عمارة الإيموبيليا أضخم عمارة عرفتها محافظة القاهرة حيث تبلغ مساحتها 5444 متراً مربعاً وتعد أول عمارة تأخذ الشكل الإنسيابي وتتجرد من التفاصيل الزخرفية الكلاسيكية التي كانت عليها المباني في هذا الوقت.
أطلق على الإيموبيليا هرم مصر الرابع لأنها تتميز بأربع واجهات، وهي أول عمارة بها جراج تحت الأرض يسع حوالي مئة سيارة بالإضافة إلى نظام تدفئة خاص حيث كان يتم وضع نفايات الشقق في مواسير ضخمة تصل إلى بدروم العمارة حيث تحرق.
وكان يتم إمداد كافة الشقق بوسائل تدفئة عبر مجموعة مواسير ضخمة موجودة حتى الآن لكن النظام نفسه توقف، أما عملية التنظيف فكانت تتم عن طريق عربات المطافئ التي كانت تقوم بغسلها مرتين في الشهر للحفاظ على جمالها ورونقها.
وعلى الرغم من فخامة بناية الإيموبيليا إلا أنه لم يتقدم أحد في بداية تأجير الشركة المالكة لشقق العمارة وكان السبب وراء ذلك أن تكاليف الإقامة بعمارة الإيموبيليا كانت باهظة جداً حيث تراوح الإيجار حسب مساحة الشقة من قيمة النقود في تلك الفترة 6 إلى9 إلى12 جنيهاً وهي مبالغ إيجارية عالية جداً بقيمة النقود في تلك الفترة التي كان فيها سعر إيجار الشقة بمساحة 140 متراً جنيهين أو ثلاثة لذلك لجأ ملاك العمارة إلى نشر مجموعة من الإعلانات في بعض الصحف المصرية والأجنبية لتشجيع الناس على السكن بها من خلال التركيز على عدد المصاعد الموجود بها والذي يقدر بنحو 27 مصعداً، التي تقسم إلى ثلاثة فئات بريمو للسكان وسوكوندو وتبدأ من لحظة توقيع العقد.
ونتيجة لهذه الدعاية قام معظم أهل الفن بتأجير شقق بها منهم نجيب الريحاني ومحمد فوزي وأنور وجدي وليلى مراد ومحمود المليجي ومحمد عبد الوهاب وماجدة الصباحي وكاميليا إلى جانب عدد من السياسيين مثل فؤاد سراج الدين أحد قيادات حزب الوفد، وإبراهيم باشا عبد الهادي رئيس وزراء مصر وغيرهم.
الأحداث التي شهدتها عمارة الإيموبيليا
شهدت العمارة على أحداث كثيرة دارت بها سكنها نجيب الريحاني فنان الشعب في الطابق الثالث شقة رقم 321 وعاش فيها من عام 1938 إلى عام 1949والتي أغلقتها ابنته منذ رحيله .
سكن أيضاً الإيموبيليا موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في الشقة المجاورة لشقة الريحاني الذي أقنعه بترك العباسية والسكن بجواره في العمارة التي ظل بها عبد الوهاب حتى آخر الثمانينات عندما انتقل للزمالك.
وفي الطابق الثامن كان يسكنان أنور وجدي وزوجته ليلى مراد في الشقة التي أشهرت بها ليلى مراد إسلامها.
كما كانت شركة أفلام أنور وجدي في نفس العمارة وكانت بجوارها شقة الفنانة اليهوديةكاميليا الشهيرة بعشيقة الملك فاروق الذي كان يحضر إليها متخفياً من غير حراسة.
وفي الطابق الثالث شقة 311 كان يسكن المطرب الشهير عبد العزيز محمود صاحب أغاني يا تاكسي الغرام ومنديل الحلو يا منديلو ولا تزال الشقة تحمل يافطة أفلام عبد العزيز محمود وتملكها ابنته.
وفي الطابق السابع كان يسكن الفنان محمد فوزي مع زوجته هداية التي كانت ملقبة بملكة جمال المعادي ويملكها الآن ابنه الدكتور منير بعد وفاة والدته السيدة هداية التي كانت تزورها باستمرار الفنانة مديحة يسري الزوجة السابقة لمحمد فوزي .
وكان يسكن العمارة الملحن كمال الطويل مع صديقه عبد الحليم شبانة مدرس الموسيقى قبل أن يشتهر ويصبح عبد الحليم حافظ وينتقل للزمالك.
وتوجد في العمارة أيضاً إلى الآن شركة أفلام الفنانة ماجدة الصباحي وهذه الشقة تم فيها التعارف ثم الحب الذي كلل بالزواج بين ماجدة والفنان إيهاب نافع.
كانت الفنانة ماجدة الخطيب تقيم في العمارة حتى فترة قريبة قبل وفاتها، وفي الطابق الرابع كان يقيم الفنان محمود المليجي مع زوجته الفنانة علوية جميل.
وكان ممن سكنوا العمارة أيضاً الفنان والمخرج محمود ذو الفقار والمخرج الكبير هنري بركات والمخرج كمال الشيخ والفنانة أسمهان والفنان أحمد سالم والمنتجة آسيا داغر حيث كانت شركة إنتاجها .
ومن الأدباء كان يسكن توفيق الحكيم الذي تركها حين ازدحمت بسكانها من الفنانين ومن السياسيين كان البرنس إسماعيل باشا حسن رئيس الديوان الملكي وإبن عم الملك فاروق وأحمد باشا كامل وإسماعيل باشا صدقي والدكتور عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق وأيضاً كان فيها مكتب نقيب المحامين أحمد الخواجة.
وكان يسكن فيها من الأطباء الدكتور محمد عطية طبيب الأطفال الشهير، ومن أثرياء اليهود كان يسكن فيها الخواجة سلفادور شيكوريل صاحب المحلات الشهيرة والجواهرجي ريمون صبري، والآن تزدحم عمارة إيموبيليا بمكاتب وشركات كثيرة بما جعلها شبيهة بمباني المصالح الحكومية لإزدحامها بمكاتب وشركات كثيرة إلا أنها لا تزال تحافظ على جمالها وثباتها.
ظلت عمارة إيموبيليا مملوكة لعبود باشا حتى عام 1961 حين أمم الزعيم جمال عبد الناصر أملاكه ومن بينها عمارة إيموبيليا فأصيب بذبحة صدرية وأوصى طبيبه بسفره للخارج فغادر مصر ومعه 5 ملايين جنيه وكمية من المجوهرات التي لم يصل لها التأميم وبقي في الخارج حتى وفاته وانتقلت ملكية عمارة إيموبيليا لشركة شمس للإسكان والتعمير وممازالت مملوكة لها حتى الآن.
وكان من الطريف أن أبطال فيلم غزل البنات جيران فجميعهم يسكنون عمارة واحدة نجيب الريحاني وليلى مراد وملحن الأغاني محمد عبد الوهاب والمنتج أنور وجدي وهذا الفيلم كان من بطولة الريحاني ولم يشاهده حيث توفى قبل عرضه بأيام.
وفي إحدى الأيام كان المخرج صلاح أبوسيف في زيارة أحد الفنانين في العمارة فتعطل الأسانسير وبقي فيه ساعات حتى تم إصلاحه فجاءته فكرة بين السما والأرض.
وكان يوجد في عمارة إيموبيليا قنصلية أيسلندا ونادي الطيران المصري ونادي للإنجليز خاص بهم وكان في الدور 13 في العمارة ومكتب عب الحليم حافظ ومكتب أم كلثوم والفنانة أسمهان .
حسن سيد محمد بدرعامل أسانسير عمارة إيموبيليا الوجه القبلي والذي يعمل بها منذ أكثر من 30 عام قال في تصريح خاص لـ«صوت الأمة» إن ماجدة الخطيب كانت تسكن في الدور السادس من العمارة وأيضاً في نفس الدور السادس كانت تسكن الفنانة ماجدة الصباحي.
وكان الموسيقار سمير الجاوي يزور الفنان عبد الحليم حافظ ومحمد الموجي ومحمد عبد الوهاب وكانت تلك الزيارة في الدور التاسع وقال أنه في الجهة الأخرى كان يوجد نجيب الريحاني ولاتزال اليافطة لافتته موجودة وأيضاً الفنان محمد فوزي كان الدور السادس وكانت ليلى مراد وأنور وجدي في الدور الحادي عشر.
أيضا كان يسكن فيها الفنان عبد العزيز محمود وقال أيضا أنه كان يسكن فيها الفنان فايز حلاوة في الدور الأول وكان لديه معرض البيوت القديمة مصنوعة بالطين وتضربها الشمس ووصف شغل المعرض بأنه كان عمل رفيع المستوى في الدور الأول إلا أنه تم نقله منذ فترة كبيرة وأخذت الآن الشركات هذا الدوروقال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ومحمد الموجي كانوا يأتوا في زيارة لأستاذ سمير الجاوي وكان ملحن وتم تلحين أغنية من غير ليه في هذه العمارة فقاموا بتلحينها لحين يأتي الفنان عبد الحليم حافظ من العلاج لكي يغني الأغنية ولكن لم يحدث نصيب فقام بغناءها محمد ثروت وهاني شاكر ومدحت صالح وقام الفنان مدحت صالح بالتصوير في هذه العمارة.
تم تصوير فيلم دهب في عمارة إيموبيليا من الجهة الخارجية ناحية الشارع .
ويحكي حسن بدر عامل الأسانسير أن الفنان عبد العزيز محمود على ناصية العمارة كان يوجد بقال يسمى مصطفى كمال وجنسيته ليست مصرية كان حارس الملك فاروق فكان دائما يحب يجلس عنده ليلا ويسهر وكان في مدخل عمارة إيموبيليا مطعم شهير جدا اسمه علاء الدين تحول الآن لمحل ملابس اسمه روز وكان يوجد على ناصية العمارة محل أحذية .
وقال حسن بدر عامل الأسانسير كان يأتي زيارة كثيرا الفنان رشدي أباظة وقام أيضا بتصوير أفلام في العمارة وكان يأتي لكي يتناول وجبة الإفطار أو العشاء.
وكانت توجد قنصلية أيسلندا في الدور ال11 وتم نقلها للزمالك وقال حسن بدر أن العمارة شهدت أحداث كثيرة جدا.
من خلال زيارة صوت الأمة لعمارة إيموبيليا تم ملاحظة ازالة جميع اللافتات او اليفط (الملصقات الذهبية) مع ترك الملصق الذهبي الخاص بالفنان نجيب الريحاني وعند السؤال قال عامل الريسبشن في عمارة ايموبيليا أن المحافظة قامت بإزالتها ولم يعرف السبب تحديدا وتمت إزالتها عند تجديد العمارة ولا يوجد في الجهة البحرية للعمارة أي شيء من القديم بعد أن باعوا الممثلين الشقق مثل محمد فوزي وكمال الشيخ ونجيب الريحاني إلا أن جينا بنت نجيب الريحاني لا زالت تأتي هنا فكانت موجودة من فترة قصيرة ولا توجد الآن ملصقات ذهبية على أي شقة، وقال إنه يوجد بعمارة إيموبيليا مكتب للمنتجة ناهد فريد شوقي في الدور الثاني أو الثالث.
وقال حسن بدر لا يوجد من القديم الا الدور السادس فقط الخاص بالفنانة ماجدة الصباحي واشار انه كان يوجد الفنان لاعب الكاراتيه الشهير يوسف منصور في الدور السابع وكانت توجد آسيا داغر التي قامت بإنتاج فيلم صلاح الدين الأيوبي كما كانت تسكن أسمهان
لم تكن الإيموبيليا مجرد عمارة سكنية غريبة الأطوار في عدد طوابقها أو طرازها الفريد فحسب بل عمدت أيضا تميزها بما شهدته من محطات هامة في حياة فنانيها فكانت أبرز المحطات الفنية والإنسانية في تاريخ أبرز مشاهير الفن الذين قطنوا هذه العمارة.