إيران تتحالف مع الشيطان.. هكذا تتلاقى مصالح طهران وأنقرة على حساب الأكراد
الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018 12:00 ص
جاء الهجوم الذى شنته قوات الحرس الثورى الإيرانية على محافظة أربيل العراقية، مفاجىء لاستهداف مقر الحزب الديمقراطى الكردستانى فى العراق.
الهجوم لم يكن متوقع بسبب معاناة طهران من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وزيادة الضغوط فى الداخل جراء مظاهرات بالداخل الإيرانى اعتراضا على القمع والفساد الذى تعانى منه الحكومة الإيرانية.
كما تعانى أيران أيضا من الضغوط الدولية التى ترتبت على القرارات الأمريكية المتواترة بالانسحاب من الاتفاق النووى فى مايو الماضى، وكذلك العقوبات التى فرضتها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على الحكومة الإيرانية.
تهدف إيران إلى تحقيق عدة مكاسب من هجومها مستمرة فى تعنتها ضد الولايات المتحدة، والتى ترى أن الأكراد يمثلون قوة مهمة فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى، فى ظل التوتر الكبير فى العلاقات بين البلدين.
الهدف الثانى لطهران يمكنها أن استخدام القوة العسكرية لتهديد المصالح الأمريكية فى العراق ودول أخرى فى المنطقة فى المرحلة المقبلة مثلما حدث إبان الاحتلال الأمريكى للعراق عندما استهدفت الميليشيات الموالية لطهران الجنود الأمريكيين هناك، وهو ما ساهم فى تكبيد الولايات المتحدة خسائر كبيرة خاصة فى الأرواح.
يقول مراقبون أن إيران تسير على طريق تركيا والتى استهدفت الأكراد للأكراد فى السنوات الماضية، مستخدمة فزاعة الأكراد لإلهاء الرأى العام الداخلى الناقم على الأوضاع الداخلية المتدهورة.
مشكلة الأكراد تعد أحد أهم القواسم المشتركة بين تركيا وإيران فى المرحلة الراهنة، حيث تنظر حكومتا البلدين بعين الريبة والشك تجاه الأحزاب والحركات الكردية فى الداخل.
الدولتان تصنف الأحزاب الكردية كمنظمات إرهابية، إلا أن الملفت للانتباه فى المرحلة الحالية هو امتداد سياسة "استهداف الأكراد" إلى ما وراء الحدود، حيث اتجهت الدولتان مؤخرا إلى اتباع سياسة انتهاك حدود دول الجوار بحجة القضاء على الميليشيات الكردية، باعتبارها تهديدا للأمن القومى.
عقب نتائج الانتخابات الرئاسية أردوغان إلى ضرب معاقل الأكراد فى تركيا، تزامنا مع قراره بعقد انتخابات مبكرة عقدت فى نوفمبر فى نفس العام، ليعود من جديد إلى سلطته المطلقة التى فتحت الباب أمامه لتوسيع صلاحياته وتغيير الدستور فى تركيا.
يقول مراقبون أن الموقف الإيرانى من الهجمات التركية على الأكراد خارج الحدود وخاصة سوريا ربما كان محلا للجدل، خاصة مع حالة الصمت الذى ساد دوائر صناعة القرار الإيرانية، ففى الوقت الذى تشعر فيه طهران بالقلق تجاه أكراد سوريا، واستيعابها للقلق الأمنى التركى تجاه الميليشيات الكردية، إلا أنها فى الوقت نفسه كانت تتشكك فى نوايا تركيا الاستراتيجية وراء الهجوم، خاصة فى ظل التحالف التركى مع بعض الميليشيات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابى، وجبهة النصرة، وهى التنظيمات التى تمثل تهديدا مباشرا لطهران.
ولكن يبدو أن الضغوط التى تتعرض لها طهران سواء فى الداخل أو الخارج، دفعت قيادات الحرس الثورى الإيرانى إلى استلهام تجربة أردوغان، من خلال خلق "فزاعة" جديدة يمكن استخدامها لحشد الرأى العام الداخلى، وبالتالى احتواء الغضب الناجم عن تردى الأوضاع الاقتصادية من جانب، بالإضافة إلى السعى نحو استخدام القوة العسكرية المباشرة لفرض الإرادة والنفوذ الإيرانى فى محيطها الجغرافى، بالإضافة إلى الوقوف فى موقف التحدى من جديد للإدارة الأمريكية فى ظل التوتر المتصاعد بين البلدين بصورة كبيرة.
ويعد امتداد الدور الإيرانى إلى ما وراء الحدود ليس بالأمر الجديد، تماما حيث لعبت قوات الحرس الثورى الإيرانى دورا كبيرا فى الفوضى التى شهدتها كلا من سوريا والعراق فى السنوات الماضية، إلا أن الإعلان الرسمى عن مسئوليتها عن الهجوم الأخير الذى استهدف المحافظة العراقية، يمثل سابقة إيرانية على الأقل منذ سنوات، حيث أنها اعتادت على القيام بدورها المشبوه لزعزعة استقرار العديد من الدول العربية إما بشكل مباشر، دون إعلان، أو بشكل غير مباشر من خلال دعم الميليشيات التابعة لها فى تلك الدول، وهو ما يمثل تغييرا مهما فى بوصلة السياسة الإيرانية فى المرحلة الراهنة.