فاقد المياه يكفى لزراعة آلاف الأفدنة سنوياً.. متى نوقف هدر إكسير الحياة؟
الإثنين، 20 أغسطس 2018 12:00 مكتب: محمد أبو النور
تمثل قضية الفاقد فى الموارد المائية عنصرًا هامًا، فى ملف المياه الحيوى والشائك فى آن واحد، خاصة وأن هناك نقص حاد فى تلك الموارد، نتيجة للزيادة السكانية، مع ثبات حصة مصر من المياه، وكذلك التوسع الزراعى وازدياد مساحته عاماً بعد عام.
وعلى الرغم من الجهود المستمرة، التى تبذلها الحكومة والوزارات المشتركة فى هذه الملف، إلاّ أن الفاقد أو هدر المياه مازال مستمراً، وبنسبة عالية، بينما هناك حاجةو ماسة لكل نقطة مياه، وليس أدل على تلخيص هذا الوضع المعكوس، من صورتين متناقضتين تماماً، إحداهما فى القاهرة الكبرى أو الإسكندرية، أو إحدى المحافظات والمدن الحضرية، لمحطة أو طلمبة غسيل سيارات عشوائية، تهدر مئات الأمتار المكعّبة من المياه فى كل ساعة، من أجل غسيل توك توك أوسيارة، فى حين تعمل محطات معالجة مياه الصرف الزراعى، وكذلك الصرف الصحى، في المعالجة الثنائية والثلاثية وربما الرباعية بأسوان، لساعات طوال لتنقية مئات الأمتار المكعبة من المياه اللازمة والضرورية للشرب فى هذه المحافظة والمدينة التى على بُعد كيلو مترات من السد العالى.
موارد المياه محدودة
تقارير وبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تؤكد أن قطاع الزراعة يحصل على النصيب الأكبر من استهلاك المياه فى مصر، بلغت حصته 62.35 مليـار متر مكعب لعام 2014 - 2015، وهو ما يمثل نسبة 81.6 % من إجمالى استخدامات المياه، يليه قطاع الشرب والاستخدامات الصحية والذى يسجل 10.3 مليار متر مكعب.
وأوضح جهاز الإحصاء فى بياناته، أن نهر النيل يعتبر المورد الرئيسى للمياه فى مصر، وتبلغ حصة مصر منه 55.5 مليار م 3، تمثل 72.6% من جملة الموارد المائية المتجددة عام 2014- 2015، بينما تقدر مياه الأمطار والسيول والمياه الجوفية، بالإضافة لمياه الصرف الزراعى والصحى، التى يتم تدويرها ومياه البحر المعالجة بحوالى 20.9 مليار م 3 مقابل 20.5 مليار م 3 عام 2013- 2014 بنسبة زيادة بلغت 2 %.
وأكد الجهاز أن نسبة الفاقد من مياه الشبكات بلغ 31.5 % من إجمالى كمية المياه النقية، المنتجة على مستوى الجمهورية عام 2014-2015، وأن السبب فى ذلك يعود إلى تهالك وتقادم شبكات التوزيع والتسرب من المواسير.
وزارة الرى تكافح لتقليل الفاقد
تعد وزارة الري الجهة المسئولة عن ملف المياه والحفاظ عليها من الهدر والفقد، بدورها تؤكد باستمرار على لسان الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري، أن الأعمال التي تنفذها على مستوى قطاع الري بالمحافظات، تأتي في إطار استعدادات الوزارة للوفاء بكافة احتياجات القطاع الزراعي، وهو أمر يتطلب رفع كفاءة شبكة الترع الرئيسية والفرعية، والحفاظ على المنشآت والمرافق المائية والأعمال الصناعية؛ لتمكينها من استيعاب وتمرير التصرفات المائية اللازمة لري مختلف الزمامات، إلى جانب ضمان وصول المياه إلى نهايات الترع المتعبة ومواجهة كافة أشكال التعديات على منافع الري.
برامج تصريف المياه
أكد المهندس عبداللطيف خالد، رئيس قطاع الري بوزارة الموارد المائية، على أن خطة الوزارة خلال العام المالي 2017 / 2018، تتضمن وضع برامج التصرفات خلف خزان أسوان، بما يتناسب مع الاحتياجات المائية المختلفة، من أجل المساهمة في توزيع المياه على طول الوادي والدلتا، بما يشمل إسنا – نجع حمادي – أسيوط – قناطر الدلتا، ومتابعة تقدم الزراعات وحالتها واحتياجاتها المائية، بالتنسيق بين إدارات الري والزراعة على المستويين المركزي والإقليمي.
وأضاف رئيس قطاع الرى أنه في مجال تطهير وصيانة المجاري المائية، تم تنفيذ أعمال تطهيرات ونزع الحشائش وصيانة الجسور للعام المالي 2017 / 2018، باستثمارات بلغت 275 مليون جنيه، بالإضافة إلى أعمال صيانة مخرات السيول بحجم إنفاق حوالى 4 ملايين جنيه، علاوة على تنفيذ العديد من الأعمال بمعرفة إدارات الصيانة الوقائية بالقطاع والتى تضمنت، إحلال وتجديد البدالات والبوابات، وكذلك إحلال وتجديد كباري المشاة، وشبك الأعشاب وأغطية غرف التفتيش، وأعمال الإزالات، محطات الخلط الوسيط، والمغذيات والآبار، بتكلفة حوالى 10 ملايين جنيه،كما قام القطاع بإزالة العديد من التعديات على المجاري المائية، والتى بلغت حتى الآن 12ألف و 929 إزالة، طبقا لقانون الري والصرف رقم 12 لسنة 1984 مع بدء الحملة في الأول من يناير 2015.
أزمة فاقد المياه مستمرة
المهندس جمعه طوغان، الباحث والخبير في الزراعة والرى، أكد أن عوامل فقد المياه في الزراعة، تختلف من موقع لآخر، ومن محصول لآخر، حيث يبلغ متوسط احتياجات فدان القمح من المياه في الوجه البحري 1.8 ألف متر مكعب، في حين أن الأرز يحتاج إلى نحو 6 آلاف متر للفدان، بينما في الوجه القبلي تبلغ الكمية 2.2 ألف متر للقمح، و7.1 ألف للأرز.
وتابع طوغان إن متوسط الاحتياجات الفعلية لزراعة المحاصيل الزراعية في مصر تبلغ 43.7 مليار متر مكعب سنويا، وحددت إحدى الدراسات الفاقد من هذه المياه بحوالى 22.1 مليار متر أي ما يزيد على 25 % من المتوسط السنوي للاحتياجات المائية للمحاصيل الزراعية، وتضيع نسبة كبيرة من هذه المياه بسبب عمليات البخر وانتشار نبات ورد النيل، بالإضافة إلي عمليات الغمر في الزراعة والتي تفقد حوالى40 % من المياه في عملية الصرف الزراعي، بينما يمتص النبات حوالى 60 % من الكمية في عمليات النمو والبناء، وفي الوقت نفسه فإن الفاقد في المصارف والتسرب في التربة يبلغ 18 مليار متر مكعب.
وتعجب طوغان من انتشار مغاسل المياه العشوائية، وكذلك المقننة فى محطات الوقود، والتى تستهلك آلاف الأمتار المكعبة من المياه، التى تكفى لزراعة آلاف الأفدنة سنوياً.