مراحل تطور «كسوة الكعبة».. بدأت قبل الإسلام وسنها النبي وتابعيه إلى يوم الدين
الإثنين، 20 أغسطس 2018 08:00 ص
مراحل عديدة شهدتها كسوة الكعبة المشرفة، حيث يتم كل عام استبدال كسوتها في يوم 9 ذي الحجة، احتفاءا بيوم عرفة وأيام التشريق، وكونها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
صحيفة سبق السعودية، رصدت المراحل التاريخية لكسوة الكعبة المشرفة، مؤكدة أن ذلك الفعل من أهم مظاهر التبجيل والتشريف لبيت الله الحرام، مضيفة أن ذلك تاريخ المسلمين في كسوة الكعبة المشرفة وصناعتها أكثر براعة، وتميز فيها أكبر فناني العالم الإسلامي، وتسابقوا لنيل هذا الشرف العظيم.
الكسوة قماش من الحرير الأسود المنقوش عليه آيات من القرآن الكريم من ماء الذهب، تكسى به الكعبة ويتم تغييرها مرة في السنة صبيحة يوم عرفة.
وتجرى بعد صلاة فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، مراسم استبدال كسوة الكعبة المشرفة على يد 160 فنيًا وصانعًا جريا على عادة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في مثل هذا اليوم من كل عام، كما تأتي الحكمة من كسوة الكعبة أنها شعيرة إسلامية، اتباعا لما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام من بعده، فقد ورد أنه بعد فتح مكة في العام التاسع الهجري، كسا الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الكعبة بالثياب اليمانية وكانت نفقاتها من بيت مال المسلمين.
وذكرت الصحيفة أنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء الخلفاء الراشدون بهذا النسك، فكساها أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما بالقباطي والبرود اليمانية، ثم كساها عثمان بن عفان رضي الله عنه بكسوتين إحداهما فوق الأخرى فكان هذا العمل الأول من نوعه في الإسلام.
ويعود تاريخ كسوة الكعبة لما ذكر عن عدنان بن إد الجد الأعلى للرسول وهو واحد ممن كسوها، وقيل أن «تبع الحميري» ملك اليمن هو أول من كساها في الجاهلية بعد أن زار مكة، وهو أول من صنع للكعبة باباً ومفتاحا، بعد «تبع الحميري» كساها الكثيرون في الجاهلية، حتى آلت الأمور إلى «قصي بن كلاب» الجد الرابع للرسول، والذي قام بتنظيمها بعد أن جمع قبائل قومه تحت لواء واحد وعرض على القبائل أن يتعاونوا فيما بينهم، حتى ظهر أبو ربيعة عبد الله بن عمرو المخزومي، وكان تاجراً ذا مال كثير وثراءٍ واسعٍ، فأشار على قريش أن: اكسوا الكعبة سنة وأنا أكسوها سنة، فوافقت قريش على ذلك، وظل كذلك حتى مات وتوارثت قريش هذا العمل حتى فتح مكة ثم جاء عهد الدول الإسلامية، وظهور الكتابة على الكسوة، وفي عصر الدولة الأموية كسيت الكعبة كسوتين في العام، كسوة في يوم عاشوراء والأخرى في آخر شهر رمضان استعدادا لعيد الفطر.
واهتم الخلفاء العباسيون بكسوة الكعبة المشرفة اهتماما بالغا، نظرا لتطور النسيج والحياكة والصبغ والتلوين والتطريز وتخصص في ذلك أهل تنيس، وتونه، وشطا من المدن المصرية.
وفي عهد الخليفة المأمون كسيت الكعبة المشرفة ثلاث مرات في السنة، وظهرت الكتابة على الكسوة منذ بداية العصر العباسي فكان الخلفاء من الأمراء يكتبون أسماءهم على الكسوة ويقرنون بها اسم الجهة التي صنعت بها وتاريخ صنعها، وبدأت المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس أبواب الصناعة لكسوة الكعبة عبر دار خاصة بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكة المكرمة في عام 1346 من الهجرة، كأول «حلة» سعودية تصنع في مكة المكرمة.
وأشارت الصحيفة، إلى تواصل الاهتمام بكسوة الكعبة من قبل أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود في العناية في صناعة الكسوة وتطويرها حيث انتقل مصنع كسوة الكعبة سنة 1397 هجرية من الهجرة إلى مبناه الجديد بـ«أم الجود»، وتم تجهيزه بأحدث المكائن المتطورة في الصناعة، وظلت حتى الآن تصنع في أبهى صورها ويتم استبدال كسوة الكعبة المعظمة في اليوم التاسع من ذي الحجة من كل عام.
وتمر مراحل كسوة الكعبة المشرفة بمجموعة من الأقسام الفنية والتشغيلية، أولها الصباغة وهي أولى مراحل إنتاج الكسوة بالمصنع؛ حيث يزود قسم الصباغة بأفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم ثم النسيج الآلي الذي يحتوي على العبارات والآيات القرآنية، ثم قسم المختبر والذي يقوم بإجراء الاختبارات المتنوعة للخيوط الحريرية والقطنية من أجل التأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المطلوبة من حيث قوة شد الخيوط الحريرية ومقاومتها لعوامل التعرية إضافة الى عمل بعض الأبحاث والتجارب اللازمة لذلك، يأتي بعدها مرحلة الطباعة التي يتكون منها قسم الحزام التطريز وقسم خياطة الكسوة، ثم وحدة العناية بكسوة الكعبة المشرفة.
وعقب انتهاء جميع مراحل الإنتاج والتصنيع وفي منتصف شهر ذي القعدة تقريبا يقام حفل سنوي في مصنع كسوة الكعبة المشرفة يتم فيه تسليم كسوة الكعبة إلى كبير سدنة بيت الله الحرام ويقوم بتسليم الكسوة الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام المسجد النبوي، وتأتي آخر قطعة يتم تركيبها هي ستارة باب الكعبة المشرفة وهي أصعب مراحل عملية تغيير الكسوة، وبعد الانتهاء منها تتم عملية رفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينة من القماش الأبيض، وبارتفاع نحو ثلاث أمتار من شاذروان (القاعدة الرخامية للكعبة) والمعروفة بعملية (إحرام الكعبة).
ويرفع ثوب الكعبة لكي لا يقوم بعض الحجاج والمعتمرين بتمزيقه للحصول على قطع صغيرة طلبا للبركة والذكرى، كما تستبدل الكعبة كسوتها مرة واحدة كل عام وذلك أثناء فريضة الحج وبعد أن يتوجه الحجاج إلى صعيد عرفات، يتوافد أهل مكة إلى المسجد الحرام للطواف والصلاة، ومتابعة تولي الرئاسة تغيير كسوة الكعبة المشرفة القديمة واستبدالها بالثوب الجديد، استعدادا لاستقبال الحجاج في صباح اليوم التالي الذي يوافق عيد الأضحى.