الدماء ليس لها علاقة بـ«البركات».. هل تمنع المجازر الحكومية ذبح الأضاحي في الطرقات؟
الأحد، 19 أغسطس 2018 11:00 ص
تفصلنا، سويعات قليلة، عن حلول عيد الأضحى المبارك، وبدأ موسم ذبح الأضاحي، والمقرر لها عقب صلاة العيد، يعود الحديث مجدا عن ذبح الأضاحي في الشوارع، ومدى قدرة المحافظات والجهات المعنية في منع ذبح في الشوارع وفرض الغرامات، وتوفير بديل بالمجازر أمام راغبي ذبح الأضاحي.
كانت وزارة الزراعة أعلنت رفع درجة الاستعدادات القصوى، وإعلان حالة الطوارئ، بجميع مجازر اللحوم، وإلغاء إجازات أطباء المجازر وتدعيمهم بآخرين لمواجهة زيادة وكثافة المذبوحات، بالإضافة إلى الذبح بالمجان بالمجازر الحكومية للأهالي، خلال أيام العيد، وذلك حتى يتم منع ذبح الأضاحي خارج المجازر، وحفاظا عن الصحة العامة وسلامة اللحوم والبيئة، وعمل الصيانة اللازمة من ناحية الصرف الصحي وتوفير مصدر المياه والكهرباء للمجازر.
الغريب في الأمر، أنه على الرغم من تصدي الحكومة بشكل مكثف، وفرض غرامات وتطبيق القانون على المخالفين، الذين يذبحون خارج المجازر، إلى أن العدد من المواطنين يذبحون الأضحية حتى الآن، في المنازل، اعتقادا منهم أن الذبح في المنزل يدخل «بركة» على بيوتهم.
وهو ما يجعل العادة، أن تضرب بعض الأسر بكل تلك التحذيرات والإجراءات التي تتخذها وزارة الزراعة عرض الحائط، لتظل النسبة الأغلب من الأهالي، متمسكون بذبح الأضحية أمام منازلهم، أو لدى الجزارين، رغم الأضرار البيئية الكبيرة التي تترتب على تلك العادات الاجتماعية.
في هذا السياق قال الدكتور علي سعد علي، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء البيطريين، إن أغلب عمليات الذبح للأضاحي، تحدث خارج المجازر مخالفة صريحة للمادة (136) من قانون الزراعة، حيث لا يجوز لأي شخص أن يذبح أي حيوان من حيوانات الغذاء المعدة للبيع، في أي مكان غير السلخانات ما لم يكن ذلك المكان مصدقا عليه من الجهات المعنية، مشيرا إلى أن ذلك يسمح بارتكاب مجموعة من المخالفات الكبرى من بينها ذبح الإناث والتي تعد إهدارا للثروة الحيوانية، مؤكدا على ضرورة منع نقل الإناث قبل وأثناء عيد الأضحى بين المحافظات للحد من تلك المشكلة.
وأضاف «علي»: «مباحث التموين وإدارة التفتيش على اللحوم بوزارة الزراعة، يجرون حملات للمرور على منافذ بيع اللحوم، للتأكد من سلامة اللحوم المعروضة وصلاحيتها للاستهلاك الآدمي لمكافحة الذبح خارج المجازر، وفى حال اكتشافهم أن اللحـوم المعروضة لا تحمل الخاتم الحكومي، أو أنها ذُبحت خارج السلخانة يتم مصادرة اللحوم وإعدامها»، لافتا إلى أن التوجه بالأضاحي إلى المجازر أمر ضروري، خاصة أن الأطباء البيطريين يكشفون على الحيوانات للتأكد من سلامتها وخلوها من الأمراض قبل الذبح.
وأشار، إلى أن انتشار الإصابة بالجلد العقدي في عدة محافظات، لا يعد تهديدا على صحة الإنسان حال تناوله لحوم حيوانات مُصابة به، مشيرا إلى أن ذلك يُفقد اللحوم قيمتها الغذائية فقط دون الإضرار بصحة من يتناولها.
من جانبه أكد المهندس محمدي البدري، عضو مجلس نقابة الزراعيين، أن هناك مخالفات بالجملة تحدث في عيد الأضحى، قائلا: «أولها استغلال التجار للمواطنين عبر الغش فى الميزان، والغش بإضافة الملح على الأعلاف لجعل الحيوان يشرب كميات كبيرة من الماء، ويساعد في زيادة وزنه، وهناك من يبيع الأضاحي في الشارع بدون ميزان لغش المواطن، وبيع الأضحية بأكثر من ثمنها الحقيقي، بجانب مخالفة الذبح خارج المجازر».
وأوضح «البدري»، أن بعض الجزارين يتجنبون المجازر، لعدم الكشف على الحيوانات من قبل الأطباء البيطريين، والذي يؤدى إلى ذبح حيوانات مصابة بالأمراض دون علم المشترى، والتي كان سيتم استبعادها حتما من الذبح في حالة وجودها بالمجازر»، مؤكدا أن ذبح المواطنين أضاحيهم أمام المنازل وفى الشوارع، تُعد كوارث بيئية، لأنها تخلق بيئة جيدة لنمو وانتشار الأمراض، لافتا إلى أن أبرز المخالفات الأخرى هو ذبح البتلو، والذي يُمنع ويُحرم ذبحه داخل المجازر.
في سياق مُتصل، قال الدكتور محمد بيومي، عضو مجلس نقابة البيطريين الفرعية بالقليوبية، إن الذبح مجانا بالمجازر لم يمنع المواطنين من الذبح خارجها، مؤكدا أن ذلك العزوف نتيجة للعادات والتقاليد التي اعتاد عليها المصريين، مشيرا إلى وجود غرامات يتم فرضها على صاحب المحل ومصادرة اللحوم حال ثبوت عدم ختمها بالأختام الحكومية.
وأضاف «بيومي: «النسبة الأقل من المواطنين، هي التي تتوجه إلى المجازر، فإذا كان 100 مواطن لديهم أضاحي يذبح منهم 90 في المنازل والشوارع، و5 عند الجزارين، و5 في المجازر الحكومية، رغم ما يمثله ذلك من خطورة كبيرة، فهناك بعض الديدان لا يمكن للمواطن العادي أن يدركها بعينه، وتحتاج إلى الفحص المتخصص من البيطريين».
ولفت إلى أن ذلك يساعد في انتشار التلوث، والعدوى التنفسية، بالإضافة إلى أن إلقاء مخلفات اللحوم في القمامة، وبواقي الجلود، تتغذى عليها الحيوانات الضالة من الكلاب والقطط وبالتالي تخلق بيئة مناسبة لانتقال العدوى، ونمو الفيروسات حال كانت الأضحية مصابة بمرض.
من ناحيته، أكد الدكتور سامي طه، نقيب البيطريين السابق، على ضرورة تخصيص مناطق لبيع الحيوانات من خلال الإدارات المحلية وشرطة المرافق، سواء «أسواق، بيوت الفلاحين، أو الحظائر»، للتأكد من وجود الأطباء البيطريين، ومنع ومكافحة الذبح وملئ الشوارع بالدماء، إلا في حال وجود مكان مناسب للذبح، ويمكن لصاحبه جمع المخلفات والتخلص منها بشكل صحي، فقد يعد ذلك أمر مقبول وجائز، قائلا: «لابد من اختيار الأضحية من أجود أنواع الحيوانات، ويتم التأكد من صحتها الجسمانية، وخاصة مع وجود أمراض مثل الجلد العقدي».