رجل الإخوان يقف عاريا.. حمدين وشلّته يتبرؤون من مبادرة معصوم مرزوق المشبوهة
الخميس، 09 أغسطس 2018 04:49 مأحمد عرفة
كانت خطوة مفاجئة للبعض، عندما خرج السفير السابق معصوم مرزوق معلنا مبادرة قال إنها لإنقاذ مصر، ثم انكشف لاحقا أنها صيغت بمعرفة وتوجيهات الإخوان، حسبما أعلن أحد حلفاء الجماعة في تركيا.
العلاقة التي ثبتت سريعا مع الإخوان، كانت سببا مباشرا في تخلّي عدد من حلفاء معصوم مرزوق وأصدقائه عنه، في مقدمتهم حمدين صباحي وعمار علي حسن، رغم أن بعضهم كانوا شركاء في لقاءات وتجمّعات سابقة على صياغة المبادرة. هذه المجموعة أصدرت بيانا رماديا اليوم، يتضمن دعمًا مُبطّنا للمبادرة الإخوانية، وفي الوقت نفسه يتبرأ منها في ضوء ما ثبت عن علاقة الإخوان بها.
مبادرة معصوم مرزوق التي بدت مشوّهة ومكتوبة على طريقة تحركات الإخوان في فترة ما بعد 25 يناير، حينما كانوا يسعون لاستغلال التوترات السياسية وحالة الفوضى التي أنتجتها التظاهرات في الضغط على الجميع، الشباب والقوى السياسية ومؤسسات الدولة، لسرقة المشهد والقفز على كرسي الحكم، وهو ما نجحوا فيه لاحقا باستغلال جهل قطاعات من المصريين وتضليلهم بالشعارات الدينية، قبل أن يخرج المصريون في 30 يونيو لتصحيح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها.
أغرب ما بدا في مبادرة معصوم مرزوق المشبوهة أنها خرجت كوثيقة فردية، رغم حديث كثيرين من حلفاء الإخوان عن اشتراك الجماعة في صياغتها والترتيب لها، خاصة في الفترة التي سافر فيها "مرزوق" للخارج لإجراء لقاء مع إحدى قنوات الجماعة والاجتماع بعدد من قياداتها، وبحسب ما أكدته مصادر مقربة من دوائر السفير السابق، فإن اجتماعات لاحقة جرت في بيت معصوم مرزوق، وفي منزل السياسي الناصري حمدين صباحي، شهدت حديثا عن المبادرة وبنودها وتفاصيلها وحالة الوفاق المتحققة حولها من التيار الإسلامي الداعم للإخوان.
المفارقة أن حمدين صباحي، الصديق المقرب والشريك السابق لـ"مرزوق" في التيار الشعبي، وشريك الحديث عن المبادرة وبنودها وما يمكن أن توفره من توافق مع الإخوان وحلفاء الجماعة خارج مصر، كان أول المتبرئين من الأمر بعدما ثبتت علاقة الإخوان بالمبادرة، وكان في طليعة الموقعين على بيان اليوم يتضمن براءة ضمنية من الوثيقة وما تضمنته من أفكار، وفي الوقت نفسه يحاول إعطاءها دفعة باعتبارها فعلا سياسيا قابلا للنظر والنقاش والتحقق.
في البيان الذي وقع عليه بجانب حمدين صباحي، كل من: عمار علي حسن، ومجدي عبد الحميد، ومحمد جادو، ويحيى شرباش، وحامد جبر، وطارق نجيدة، يقول الموقعون: "رغم كوننا لسنا طرفا في تلك المبادرة، إلا أننا نرفض وندين بشدة ما يتعرض له السفير معصوم" لكنهم في الوقت نفسه يرون السفير السابق "مواطن مصري غيور على مصلحة بلده ويسعى لتجنيبها الدخول في حالة من الفوضى" هكذا بمنتهى السذاجة والسطحية يحاول نفر ممن يُفترض أنهم سياسيون ناضجون أن يتبرؤا من مبادرة معصوم مرزوق، وفي الوقت نفسه يمنحونها قُبلة الحياة بعد كل ما أحاط بها من شبهات، وكأن الساحة السياسية التي ستتلقى هذا البيان متورطة في القدر نفسه من السذاجة إلى حدّ القبول بالأمرين معا.
البيان المرتبك بين التبرؤ من المبادرة المحسوبة على الإخوان، ومحاولة دعمها في الوقت نفسه، سقط في التناقض مع قوله: "نؤكد تمسكنا بالسعي لبناء دولة مدنية ديموقراطية حديثة، يُحترم فيها الدستور والقانون" في الوقت الذي تمثّل المبادرة انتهاكًا للدستور والقانون أصلا، بطرح مسار طالما نادى به الإخوان في أوقات سابقة لإبقاء البلاد في فترات انتقالية لأطول فترة ممكنة، يستغلون خلالها الأوضاع لاختراق هياكل المؤسسات والتغلغل داخلها مع توجيه القواعد الشعبية البسيطة وتوظيفها كوقود للصراع وصولا إلى سرقة السلطة في غفلة الجميع.
الآن يقف السفير السابق معصوم مرزوق عاريا، إلا من دعم الإخوان الذين تبنوا مبادرته وروّجوا لها. الشركاء الذين جمعته بهم لقاءات قبل إعلان مبادرته يتبرؤون منه في بيانات مُعلنة، وكثيرون ممن عملوا معه على صياغتها في منزله ومنزل حمدين صباحي يختفون من المشهد ويتركونه بمفرده. بينما مشعلو الفتيل ومن شحنوا الرجل المُسن وشجعوه على إطلاق مبادرته المشبوهة يُجربون طرق الحشد التقليدية التي أدمنوا استخدامها منذ 2011، بإنكار الشيء ودعمه في وقت نفسه. هذا الإنكار يسلب من معصوم مرزوق ملابسه التي منحتها له الناصرية، ولا يعيدها له الدعم الساذج، وإنما يدفعه للتورط أكثر في أحضان الإخوان.