رحلة أردوغان من "الازدهار" في 2002 إلى "الغرق" في 2018
الأربعاء، 08 أغسطس 2018 08:00 م
لا يمكن لأحد أن ينظر إلى أردوغان العجوز البالغ من العمر 64 عاما كأردوغان نفسه الذى كان شابا فى الأربعينيات من عمره والذى تولى السلطة فى عام 2003، فالرجل اليوم الذى صنع معجزة اقتصادية فى بدايات عهده عازم اليوم على تدمير كل شيء بفضل جنون السلطة الذى اصابه وأغرقه فى الأزمات أكثر فأكثر يوما بعد يوما مغرقا معه البلاد.
ففى عام 2003 استطاع اردوغان بفضل سياساته الانفتاحية إعادة البلاد من أزمة اقتصادية، نما الاقتصاد بمعدل 7% سنويا بحسب صندوق النقد الدولى، اصبحت تركيا مكانا لجذب الاستثمارات الاجنبية، فى عام 2007 ارتفع الاستثمار الاجنبى المباشر ليصل إلى 22 مليار دولار، لكن ومنذ عام 2013 وحين بدأت بوادر الجنون تصيب الديكتاتور أصبح لدينا رجل يجر البلاد إلى الهلاك ومع وقوع محاولة الانقلاب فى 2016 دبت الفوضى فى كل شيء.
ونقلت " الفاينانشيال تايمز" البريطانية فى تقرير لها كيف أصبحت المشاكل متراكمة بحسب ما قالت إنه "القيادة الاستبدادية المتزايدة لدى أردوغان" وآراؤه غير التقليدية عن أسعار الفائدة التى وصفها الرئيس التركى بـ "أم وأب كل الشرور" وهو ما خلق خللا كبيرا فى السياسة النقدية وهو ما جعل البنك المركزى التركى يكافح من اجل احتواء التضخم الذى وصل إلى 16% بلا أى ادوات مالية تقريبا.
وتواصل الجريدة البريطانية العريقة هجومها على أردوغان قائلة إلى اردوغان القابض على السلطة أعطى لنفسه بعد إعادة انتخابه في يونيو، السلطة الوحيدة لتعيين حاكم البنك المركزي التركي. واعتُبر تعيينه لاحقاً لصهره بيرات البيرق لقيادة وزارة المالية والمالية بمثابة تشديد قبضته على السلطة.
ورغم إصرار محافظ البنك المركزي "مراد تشيتينكايا" على التصريح أن البنك يعمل دون تدخل سياسي ودون سلطة عليه وأنه مستقل فى قراره، لكن المستثمرين لا يصدقون هذا فلا دليل أكثر وضوحا على زيف أقواليه، من قراره على الإبقاء على أسعار الفائدة الشهر الماضي دون تغيير رغم أنها من مبادئ الاقتصاد.
وتعانى الليرة التركية انهيارا ضخما منذ بداية العام، لتصل إلى 5.18 ليرة مقابل الدولار، بينما كانت بحوالى 2.15 فقط أمام الدولار منذ 4 أعوام، وهذا لا يؤثر فقط على المواطن المستهلك بل يؤثر أيضا على مناخ الأعمال، فالشركات التركية التي لديها ديون بالدولار أو باليورو وجدت نفسها أمام تزايد ديونها بأرقام باهظة، وتقدر الديون المستحقة بالعملة الأجنبية على البنوك وشركات القطاع الخاص بحوالى 70 مليار دولار يجب تسديدها حتى مايو 2019.
ولا دلائل على الأزمة المالية الضخمة من مؤشر بورصة اسطنبول الذى هبط بنسبة 33 في المائة هذا العام مقارنة بانخفاض نسبته 18 في المائة في سوق الأسهم التركية الأوسع، كما يقدر أن الأجانب باعوا اسهما قيمتها 771 مليون دولار فى الربع الأول من العام، كل هذا ومازلنا حتى الآن لم نر سوى بدايات تأثير العقوبات الأمريكية على الأسواق التركية التى هبطت اسهمها بقيمة 3% منذ اعلان العقوبات.