بعد «طفلة السنجة».. من المسئول عن رقص الأطفال بالأسلحة في الأفراح؟
السبت، 04 أغسطس 2018 09:00 م
تداول رواد موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مقطع فيديو لطفلة لم تتجاوز الـ10 سنوات من عمرها، وهى ترقص على أنغام الأغانى الشعبية فى أحد الأفراح، ولكن ما آثار انتباه الناس هو أنها كانت ممسكة بيدها سلاح أبيض «سنجة»، وسط حالة من البهجة بين أفراد أسرتها أهل منطقتها والمتواجدين فى الفرح، بينما جاءت تعليقات رواد التواصل الاجتماعى مقترنة بحالة من السخط والاستهجان لما ظهر فى الفيديو.
هذا الفيديو يذكرنا بالطفلة «آيات» التى كانت ترقص فى أحد الأفراح الشعبية بمنطقة منشأة ناصر على الأغانى الشعبية ممسكة بـ«سنجة» أيضا من عامين تقريبا، وكان عمر الطفلة وقتها لا يتجاوز الخمس سنوات، وسط مجموعة من أقاربها وجيرانها والمدعوين الذين شجعوها على الاستمرار فى الرقص باستخدام السلاح دون الخوف عليها.
ونتذكر أيضا ما قالته والدة الطفلة «آيات» بطلة فيديو الرقص بالسنجة فى منشأة ناصر، حيث أكدت للإعلامى وائل الإبراشى فى برنامج «العاشرة مساء»، أن الأمر لم يتعد عن كونه رقصة طفلة فى فرح شعبى لأحد أقاربها بالمنطقة، وأن السبب الرئيسى فى انتشار ظاهرة الرقص باستخدام السلاح الأبيض خاصة بالمناطق الشعبية، هو الأفلام الهابطة التى يتم عرضها من خلال القنوات الفضائية، موضحة أنها دائمًا ما تفاجأ بابنتها تردد بعض العبارات والألفاظ المشينة التى تحتويها هذه الأفلام.
لم تكن الطفلة صاحبة الـ10 سنوات التى رقصت مؤخرا بـ«السنجة» فى فرح شعبى هى الحالة الأخيرة، كما لم تكن الطفلة «آيات» صاحبة الـ5 سنوات وبطلة فيدية الرقص بالسنجة أيضا فى فرح شعبى وسط ترحيب وابتهاج أسرتها وجيرانها هى الأولى من نوعها، فبين الأولى والأخيرة عشرات الحالات من هذه النوعية خاصة بالمناطق الشعبية، ما يستدعى الإجابة على عدة أسئلة تطرأ للأذهان بعد تداول تلك الفيديوهات، منها: من المسئول عما وصل إليه المجتمع من ابتذال وانحدار؟ وكيف لأسرة طفلة صغيرة جدًا أن تسمح لها بفعل ذلك؟ وإذا كان هؤلاء الأطفال يتراقصون بالأسلحة فماذا يفعل آبائهم فى المشاجرات؟ وأين القانون ومنظمات حقوق الإنسان والطفل من ذلك؟
الفيديوهات تثير ردود فعل واسعة حول استغلال الأطفال عموما فى أمور لا تعنيهم بالمرة، بداية من استخدامهم كدروع بشرية أثناء الخلافات الزوجية، مرورًا بالمشاهد التى ظهروا بها وهم يحملون الأكفان فى عهد الإخوان وفى الدعاية الانتخابية، حتى وصل الأمر لتركهم يتراقصون فى الشوارع بالأسلحة البيضاء دون أى تعقيب من جانب الأهل، بل كان الأمر كله محل سعادة وابتهاج وفرحة تؤكد عدم إدراكهم لخطورة الموضوع تماما.
بعد مشاهدة تلك الفيديوهات قد تغير رأيك تماما عن بعض أطفال هذا الجيل، فهذا هو المثال، لربما الأسوأ فى تربية الأطفال فى هذا الزمان الذى أصبحت البلطجة فيه هى سيد الموقف والمتحدث الأعظم، فبدلا من تعليم الطفل السلوك السليم، وإبعاده عن السلوكيات الهمجية الخاطئة التى لا تنم ولا تبشر إلى بمستقبل أسود قد يلاقيه هذا الطفل.
لم يتوقف الأمر على الأطفال الإناث فقط، فهناك العديد من الفيديوهات المنتشرة بمواقع التواصل الاجتماعى وغيرها من المواقع الأخرى، والتى تظهر شباب ذكور لم يتجاوزوا الـ18 سنة، أى أنهم أطفال بحكم القانون، يستخدمون الأسلحة البيضاء والنارية أيضا أثناء الرقص فى الأفراح الشعبية، وقد يتعاطون المواد الخدرة ابتهاجا ومجاملة، وقد يحولون الفرح إلى بركة من الدماء حال إصابة أحدهم جراء الرقص بتلك الأسلحة، وتتحول حالة السعادة التى يرونها فيما يفعلونه إلى مأساة.
إن تكرار ظهور تلك المشاهد التى تستدعى الاستنكار إلى جانب التحقيق، ينبئ بالتدهور الذى تشهده بعض شرائح المجتمع، كما يتطلب جهدًا من الجهات المعنية، وخصوصًا المدرسة، لترسيخ مفاهيم القيم التى غابت ليحل محلها الإسفاف والسخف التى تحاول بعض الأعمال الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون تصديره للمجتمع، ما يسبب تأثيرا سلبيا على الأطفال لا يحمد عقباه فى المستقبل.
ردود الأفعال حول تلك المشاهد جميعها «هجومى» على أسر هؤلاء الأطفال سواء كانوا إناث أو ذكور، فالأمر أصبح أكثر خطورة، خاصة فى ظل ترحيب أسر هؤلاء الأطفال بما يفعلونه، بل إنهم يشجعونهم على ذلك، ما ينبئ بتدهور أخلاقى واسع المدى ينتشر كالنار فى الهشيم بمعظم شوارع مصر، لذا ظهرت مطالبات بضرورة وضع قوانين تجرم الاحتفال بهذه الطرق، وتعديل قانون الطفل ليشمل عقوبة على مثل هذه الأمور، التى تقتل براءة الأطفال، وتزيد من العدوانية لديهم، ما يهدد أمن المجتمع، كما يمكن اعتبار حاملى هذه الأسلحة من الخارجين على القانون حتى لو كانوا أطفالا، إلى جانب ضرورة محاسبة المسئول عن تحريضهم على استخدامها حتى فى الرقص.
هذه المشاهد المأساوية والمتكررة، والتى يرى البعض أنها نتيجة عادية لما يشاهده هؤلاء الأطفال من ابتذال وانحطاط وإسفاف وبلطجة فى العديد من الأفلام التى يطلق عليها «التجارية» والتى ظهرت مؤخرًا، تستدعى العودة لقانون الطفل، وإعادة النظر فى توصيف تلك الأفعال التى من شأنها أن تأذى الطفل بطل الواقعة، أو باقى أطفال المجتمع بشكل يؤثر على حياتهم المستقبلة، حيث إن كانت مثل هذه الأفعال ليست مجرمة فى نصوص القانون، يجب على الحكومة أو الجهات المعنية، سرعة المطالبة بتعديلات تشريعية لاحتواء هذه الأزمة قبل أن تتفاقم وتولد أفكارا وسلوكيات عدوانية تهدد أمن الدولة.
اقرأ أيضا:
«ديلر على كل ناصية».. من يحمى سكان المناطق الشعبية من بلطجة تجار المخدرات؟
عودة ظهور «العناتيل» في مصر.. حينما يتحول «الهوس الجنسي» من عرض إلى مرض
من التعذيب بالضرب والكهرباء للقتل.. كيف تتصدى الدولة لجرائم «العنف الأسري»؟