بسبب التعديات والبناء المخالف والباعة الجائلين..
في إسكندرية "النوم سلطان".. عروس المتوسط تنهار على يد المحافظ الحالم بالعاصمة
الخميس، 02 أغسطس 2018 12:00 مكتب محمد أبو النور
مسكينة عروس البحر المتوسط، العاصمة الثانية لمصر، المدينة صاحبة التاريخ والحضارة والتراث البعيد في التاريخ، لا تتمتع بما تستحقه، وفي مقدمة ما تستحق أن يكون لها مسؤول ذو رؤية.
في السنوات الأخيرة تتابع المحافظون على الإسكندرية، وظل الوضع على ما هو عليه، غياب للرؤية، وسوء في الإدارة، وعوار في الطموح والتطلعات، وظل الحال على ما هو عليه أيضا في الفساد الإداري والمخالفات والعشوائية وسوء التخطيط والتنفيذ وغياب التطوير والتنمية.. حتى مع الدكتور محمد سلطان الذي تفاءل به أهالي الثغر عند مقدمه محافظا.
فساد المحليات يهدد الإسكندرية
لا تُذكر محافظة الإسكندرية إلا واقترن ذكرها إما بفساد في المحليات أو سقوط عمارة أو منزل، ما جعلها في صدارة المحافظات المُصدِّرة للمشكلات والأزمات، رغم أنها تحظى باهتمام حكومي ربما لا تحظى به محافظة أخرى.
البناء بدون ترخيص أمام أعين رؤساء الأحياء، وأزمات في الشواطئ، ومخالفات فادحة من الإشغالات والباعة الجائلين. كل هذه المشكلات أصبحت معتادة ومتكررة، كل هذا يحدث أمام أعين الجميع، وعلى رأسهم المحافظ الدكتور محمد سلطان، الذي يبدو أنه ارتكن لشائعة إعداده لتولي محافظة الجيزة أو القاهرة، فألقى هموم الثغر خلف ظهره، وبدأ يفكر في شيء واحد فقط، هو نفسه.
فساد في مكتب المحافظ
يكفي للتدليل على حالة الارتخاء والقصور في منظومة الإدارة بالإسكندرية، أن نشير فقط لواقعة فساد نائبة المحافظ سعاد الخولي، التي ألقت الأجهزة الرقابية القبض عليها في وقائع الرشوة والتربح، إذ أكد مقاول متهم في القضية أنه أرسل لـ"سعاد الخولي" نصف المليون جنيه في علب "كحك العيد"، وقال صاحب فندق إنها أقامت في فندقه 5 أيام إقامة كاملة "فوول بورد" كرشوة مقابل تجديد عقده في مشروع الحديقة الدولية، وقال صاحب مطعم الواحة إنها طلبت منه 20 ألف جنيه "تبرعات" و4 خراف وطعاما بقيمة 17 ألف جنيه مقابل تخليص إجراءات خاصة به في الإسكندرية .
قضية سعاد الخولي تُلخص ما تعانيه عروس البحر المتوسط، التي أصيبت بالعجز والوهن على يد محمد سلطان، الذي رفض أن يسير على طريق سابقيه في التطوير والتنمية، خاصة ما بدأه اللواء عادل لبيب، وقبله اللواء محمد عبد السلام المحجوب، بل على العكس سار "سلطان" في الاتجاه المضاد، ليترك الإسكندرية تتحول إلى ما يشبه الخرابة الكبيرة على مرأى منه وتحت سمعه وبصره.
سلطان يبدد ميراث لبيب والمحجوب
حاول المحافظ الأسبق اللواء عادل لبيب حصار العشوائية، وإعادة الإسكندرية لسابق عهدها في النظافة والنظام والسيولة المرورية، والتخلص من وباء التواجد السرطاني للباعة الجائلين وسيطرتهم على الشوارع والميادين المهمة، غير أن الوقت لم يسعفه وغادر الإسكندرية، كما أن أهالي المحافظة رغم انتقاداتهم للمحافظين السابقين والحالي، يحمل كثيرون منهم ذكريات طيبة للواء عبد السلام المحجوب (تولى المحافظة بين 1997 و2006) في ضوء رؤيتهم أنه اهتم بمدينتهم ومنحها كل ما يستطيع منحه.
بدأ سلطان عهده بورشة إعادة البناء والصيانة لعدد من منشآت ومرافق المدينة العامة، منها شارع الكورنيش الشهير، الذي أسماه شارع جمال عبد الناصر، ومع ذلك أعلن البعض عدم رضاهم عن تغيير الاسم، وقال المعترضون إنه اهتم أيضا بالكورنيش فقط وترك باقي المحافظة دون اهتمام - بحسب وصف الأهالي - ما زاد من وتيرة الانتقادات، وعلى وجه الخصوص أن مشروع تطوير وتوسيع الكورنيش قد أتى على مساحات إضافية من شاطئ البحر، إلى جانب تضرر بعض الآثار الغارقة على الساحل.
«م. ك»، رئيس حي سابق في الإسكندرية، يرى أن أكثر المحافظين الذين أرادوا وصمموا على وقف التعديات والمخالفات والعشوائية في الشوارع والميادين وصد الباعة الجائلين والبناء المخالف، كان اللواء عادل لبيب، واصطدم بالكبار والحيتان في الإسكندرية، ولأن المحافظة لا تُدار بطريقة محافظة قنا التي كان يتولاها قبلها، فقد فشل الرجل في وقف التعديات والمخالفات والعشوائيات، وغادر الإسكندرية بعد صراع وحرب مع الأباطرة، وامتد صراعه كذلك إلى الباعة الجائلين ورجل الشارع العادي، لأنه أراد إحياء تجربة محافظة قنا بحذافيرها في الإسكندرية.
القوة والردع في تنفيذ القانون
محمود عبد الطيف، أحد أهالي الإسكندرية، يقول: "تخلصت الإسكندرية من بعض همومها في التعديات خلال فترة عادل لبيب، لكن يتبقى الجزء الأخطر في العقارات الآيلة للسقوط، وهذه مشكلة كبيرة تبحث عن حل، وسيتأجل حلها في ولاية محمد سلطان، لأن الحل الجذري يحتاج نقل آلاف السكان من هذه العمارات والمساكن إلى مناطق سكنية أخرى، وهو ما يتم في الإسكان الاجتماعي ولكن على فترات وليس في وقت قصير».
ظاهرة العقارات المخالفة
أمام كل ما تعانيه الإسكندرية من مشكلات وأزمات، نرى المحافظ محمد سلطان يتجول بين القاعات مشاركا في الندوات والاجتماعات التي يستغلها لتجميل نفسه، ويلقي بالمسؤولية على السابقين له في المنصب، مثل قوله إن ملف العقارات المخالفة ملف مزمن منذ سنوات ويحتاج تعديلات تشريعية، نظرًا لأن الإسكندرية بها أكبر نسبة من العقارات المخالفة (بلغت وفق إحصائية المحافظة في 2006 حوالي 48 ألفًا و665 عقارا بين بناء بدون ترخيص وبناء على أرض زراعية ومخالفة خطوط التنظيم، وصدر لها 139 ألف قرار إزالة) زاعما أن هذا الملف يحتاج فترة طويلة لعلاجه من خلال 3 محاور،المطالبة بتعديلات تشريعية، والتعامل مع العقارات القائمة، والتعامل مع العقارات المخالفة في المستقبل.
الدكتور محمد سلطان يتحدث دائما عن الحلول، لكنه بعيد عنها العمل لتحقيقها أو حتى التحرك باتجاهها، لأنه لا يفكر في الإسكندرية قدر تفكيره في القاهرة الكبرى وحمل حقيبة العاصمة، هذا التفكير زاد من حدّة التراخي الذي سيطر على أدائه، وأثبت أن السلطان الحقيقي في الإسكندرية لـ"النوم" وضعف الحركة وغياب الإنجاز، وليس للدكتور محمد سلطان.