صراعات النفوذ إلى أين؟
الإثنين، 30 يوليو 2018 06:16 م
هجوم باب المندب من قبل المتمردين الحوثيين علي ناقلتي البترول السعوديتين، كشف عن نقلة جديدة في التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي بالتحديد.
ويعد الصراع في اليمن هو الأشد خطورة خلال السنوات الأخيرة حيث التداعيات السياسية والاقتصادية على الأطراف الفاعلة، كذلك الممرات الملاحية، تمثل في إعلان السعودية تعليق تصدير النفط عبر مضيق باب المندب مؤقتاً، إلى حين تأمين الممر الاستراتيجي، وهي خطوة يتوقع أن تحذو حذوها دول خليجية أخرى، وهو ما يلقى بظلاله على أسعار النفط.
استهداف الناقلات السعودية في المضيق، بالطبع ينقل الأزمة اليمنية من الحيز الإقليمي إلى حيز التدويل، في ظل تجاذبات دولية في منطقة الخليج العربي، قد تنقل المواجهة إلى الممر الملاحي ما يجعله ساحة لتصفية الحسابات، والولايات المتحدة الأمريكية ليست بعيدة عن ذلك، في ظل أزمتها القائمة مع إيران.
فأمريكا في ظل إدارتها الحالية تسير بخطي تصعيدية ضد إيران وكسر نفوذها الإقليمي خارج حدودها، وهو العنوان الأبرز للمرحلة الترامبية، والتي تقوم على تحويل إيران لعدو دولي، لانتزاع تنازلات تتجاوز نشاطها النووي، ومحاصراتها اقتصاديا من خلال عقوبات وصفت بأنها الأكثر، بهدف إنهاكها وصولًا إلى إثارة الإيرانيين ضد النظام القائم وزعزعة أركانه لتغييره من الداخل.
على الظهير الآخر، فإن ايران صاحبة الأطماع التوسعية والإقليمية المنطقة العربية باتت تدرك حجم اللحظة الحرجة التي تمر بها، فنظام الملالي الإيراني في
أضعف حالاته منذ الثورة الإيرانية، وباتت مساحة المناورة لديه تزداد ضيقًا يوما بعد يوم، بالتزامن مع خسائر على جميع الأصعدة في الجنوب العراقي والسوري، في ظل تعويل غير محقق للآمال على الموقف الأوروبي الداعم لطهران حول الاتفاق النووي، كذلك توترات في العلاقات مع الحليف الروسي والصيني.
كل ذلك جعل الإيرانيون يستشعرون أن اللحظة القادمة هي لحظة الانفجار الداخلي، ما جعلهم أمام تحدي ليس بإمكانهم تجنبه، لذا رأوو أنه من الواجب اتخاذ خطوات قد تخفف تلك الضغوطات، وكان الرد من الأذرع اليمنية باستهداف الممر الدولي، في رسالة لإدارة ترامب، مفادها أن منع طهران من تصدير النفط سيقابله منع تصديره ليس فقط عبر مضيق هرمز بل من باب المندب، فهي تمتلك خيارات مفاجأة لواشنطن.
الأمر له تأثيرات أخرى على الساحة السعودية والإماراتية، فالدولتان قائدا التحالف العربي الداعم للشرعية، ستكون لهما تحركات مكثفة لتأمين المضيق والسيطرة على ميناء الحديدة، والتي بات استعادتها مرحلة فاصلة في الأزمة اليمنية.
كذلك على الساحة الدولية، فمن المؤكد أن المجتمع الدولي لن يتغافل عن تلك التهديدات، ومن المحتمل فرض عقوبات تحت البند السابع الذي يجيز استخدام القوة ضد الدولة التي تهدد السلم العالمي.
الآن نحن أمام مشهد سينمائي كبير، ننتظر هل تحرك الولايات الأمريكية أساطيلها باتجاه البحر الأحمر والخليج العربي لردع إيران وأذناباها من الاعتداء على الناقلات النفطية، ووقف تهديد حركة التجارة العالمية أم تدخل تلك الأطراف الفاعلة في مواجهة عسكرية مباشرة؟
الحقيقة أن المشهد يعج بمعطيات كثيرة ومنعطفات خطيرة تفوق التوقعات.