الإمام مالك يدافع عن هياتم
السبت، 28 يوليو 2018 04:28 م
مع إعلان وفاة الفنانة هياتم انطلقت كالعادة عبارات الشماتة المتوقعة والمقززة من جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها، دون أى مراعاة لحرمة الموت، ناسين أن من يتهمونه بأبشع التهم وأغلظها بات بين يدى الله ولا يملك الدفاع عن نفسه.
تجرد البعض من كل المشاعر الإنسانية ونصبوا من أنفسهم آلهة، يحاكمون البشر ويقسمون الناس بين الجنة والنار، وهم أبعد ما يكون عن أبسط تعاليم الدين والأخلاق.
انطلقت منذ الإعلان عن وفاة هياتم سيل الاتهامات الدنيئة التى تخوض فى عرضها، وتشمت فى إصابتها بالمرض وكأنه لا يصاب بالأمراض الخطيرة إلا العصاة، وكأن من انطلقت ألسنتهم بالشماتة محصنون من الأمراض والمعاصى.
لم يخجل هؤلاء من وصف انسانة بين يدى الله بأحط الألفاظ والتهم، وانبرى الجبناء الهاربون إلى لندن فى التلفظ بأقذر العبارات فى حق الفنانة الراحلة، بينما يمارسون كل ألوان الدعارة السياسية ويختبئون كالفئران، وينهشون الأعراض نهش الكلاب للجثث.
وانطلقت الألسنة المسمومة لتقول بلا أى وازع: «هياتم الآن جثة هامدة، قبضت روحها الخبيثة ملائكة العذاب بعد أن نخر السرطان أحشائها وستذهب إلى الجحيم»، وذلك بعد الحديث عن تأييدها للرئيس السيسى ومعاداتها للإخوان.
نسى هؤلاء الذين ظلوا لسنوات يخدعون الناس بالشعارات الدينية، أن الله هو الذى يحاسب الناس على أعمالهم، وأنه هو وحده يعلم ما فى القلوب، وهو أعلم بالخواتيم، وتحدثوا واتهموا وخاضوا فى أعراض الأموات وكأنهم أمنوا مكر الله.
فعل هؤلاء مثلما فعلت المرأة التى كانت تقوم بتغسيل إحدى السيدات فى المدينة فى عهد الإمام مالك بن أنس، وحين صبت الماء على جسد الميتة ذكرتها بسوء وقالت: «كم عصى هذا الفرج ربه»، فالتصقت يدها بجسم الميتة، وأفتى بعض العلماء بقطع يد المغسلة لتدفن مع الميتة لأن دفن الميت أمر واجب، بينما قال بعضهم نقطع قطعة من جسد الميتة لنخلص المغسلة لأن الحى أولى من الميت واحتدم الخلاف، حتى قال علماء المدينة كيف نختلف وبيننا الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه.
ذهب الناس إلى الإمام مالك وسألوه وإذا بالإمام يأتى ويسأل المغسلة من وراء حجاب: ماذا قلت فى حق الميتة؟، قالت المغسلة ما قالته فى حق الميتة وما خاضته فى عرضها وهى بين يدى الله ولا تملك الدفاع عن نفسها، فأفتى الإمام مالك رضى الله بتطبيق حد قذف المحصنات على المغسلة وجلدها 80 جلدة، مصداقا لقوله تعالى: «والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون»، وبعد اكتمال الجلد استطاعت المغسلة أن ترفع يدها عن جسد الميتة، ومن هنا انتشرت مقولة: «لا يفتى ومالك في المدينة».
الشاهد فى القصة أن الإمام مالك لم يسأل عن سيرة هذه الميتة أو حقيقة ما قالته المغسلة، لأن التهمة أكبر من أن يتم تحقيقها بالكلام والشائعات ومن أكبر الكبائر التى يحذر منها الله، و المرأة الميتة أصبحت بين يدى الله عز وجل وليس من شأن الأحياء التدخل فى الخصوصية بين العبد وربه.
وتوفيت الفنانة هياتم، الجمعة، عن عمر 69 عاما بعد صراع قصير مع سرطان القولون، ونقلت إلى غرفة العناية المركزة منذ أسابيع، شهدت الحالة استقرارا إلى حد ما، لكنها تطورت مساء الخميس، لتلفظ أنفاسها الأخيرة وتنتقل إلى جوار ربها.