3 حقائق تنسف حروب التيه.. شهادة موسى الدلح والسجائر ودور الإخوان في تصوير الفيلم
الإثنين، 30 يوليو 2018 04:00 مهشام السروجي
"كنت المتحدث الإعلامي باسم اتحاد القبائل في سيناء، وكنت أخرج على الملأ في لقاءات تليفزيونية وصحفية متحدثًا باسم الاتحاد، وليس لديّ ما أخفيه أو أخشاه، لو كنت أقود مجموعات مسلحة ضد داعش".. بهذه الكلمات بدأ موسى الدلح، ابن عشيرة الدلوح المنحدرة من قبيلة الترابين بشمال سيناء، حديثه مع "صوت الأمة" عندما سألناه عن ورود اسمه في فيلم الجزيرة المشبوه "سيناء.. حروب التيه".
شريط الجزيرة الذي بثّته القناة في إطار مساعيها للعب دور المنصّة الإعلامية والدعائية لعناصر الميليشيات الإرهابية، بعدما نجحت الجهود الأمنية والعملية الشاملة "سيناء 2018" في القضاء على القدرات الإعلاميية للإرهابيين، لم يُعوّض ضعف الآلة الإعلامية لـ"ولاية سيناء"، ذراع داعش المبتور في مصر، خاصة أنه جاء حاملا قدرا من الضلالات الكافية لضرب الفرضية المهنية الأولية التي يتوجّب توافرها في أي تحقيق ميداني، بحسب زعمهم، إذ إن الواقع الجليّ على الأرض يؤكد أن المعلومات المحورية التي قام عليها الشريط لا أساس لها من الصحة، ولا تحمل حتى القدر الضئيل من احتمالات الصحة.
موسى الدلح وحروب التيه
في شهادته لـ"صوت الأمة" يؤكد موسى الدلح أنه طوال تاريخه متصالح مع نفسه وواقعه، فلم يتملّص من مسؤوليته في مواجهة أي شخص أو كيان، ولا يوجد تناقض بأي صورة بين ما يقوله وما يفعله.
يستشهد "الدلح" بخلافه مع بعض مؤسسات الدولة أيام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، التي خرج فيها متظاهرًا على الشريط الحدودي، وأعلن وقتها أنه في حالة حرب معها، فلم يفعل هذا في الخفاء، ومن ثمّ فإذا كان قد حمل السلاح ضد الدواعش فهذا الموقف شرف لن ينكره، ولن يخجل منه، وبالتأكيد ليس جريمة كي يخشاها.
وأضاف موسى الدلح: "أنا أتابع سير العمل في شركتي العاملة في مجال المقاولات والتوريدات بشكل يومي، من مقر الشركة في رأس سدر بجنوب سيناء، وأرحب بأي شخص يريد أن يزورني في أي وقت ليأخذ واجب الضيافة ويتأكد من وجودي الدائم في شركتي".
الجزيرة تكتفي بمزاعم الملثمين
رغم المساحة المتاحة للتواصل مع شخصيات حقيقية في الفيلم الذي ادعت الجزيرة أنه تحقيق استقصائي من واقع الحال في سيناء، وأوردت اثنين منهم قالت إنهما من أعمدة الميليشيات، اكتفت القناة في الحقيقة بمزاعم مُلثّمين مجهولين، دون التواصل مع شخصيات مثل موسى الدلح الذي أوردت اسمه في شريطها، للرد بنفسه على ما ورد في التحقيق الميداني المزعوم.
يشدّد "الدلح" على أن طرق التواصل معه متاحة على مدار 24 ساعة، سواء هاتفيًا أو من خلال صفحاته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى زيارته في شركته برأس سدر في جنوب سيناء، فالأمر ليس سرًّا عسكريا، مؤكدًا أن رقم هاتفه لدى كل الصحفيين المهتمين بالشأن السيناوي، وتربطه بهم جميعا علاقة صداقة، ويتعاملون معه كمصدر ومرجع فيما يخص شؤؤن سيناء.
واختتم موسى الدلح حديثه مع "صوت الأمة" متسائلًا: "لماذا لم يتواصل معي مسؤولو الجزيرة ومن أعدّوا الفيلم أو تعاونوا معهم في مصر، حتى لو رفضت التواصل مع الجزيرة وقتها كان بإمكانهم عرض رفضي وتحقيق الحق الأدني من المهنية، وبالضرورة من حق الرد المكفول، لكن الجزيرة ما زالت مصممة على سياسة التضليل والتشويه".
وساطة المهرب للدواعش
سرد تحقيق حروب التيه تفاصيل ما أسماه "حرب السجاير" التي اندلعت بين المهربين وعناصر تنظيم "ولاية سيناء"، بعد اعتراض الأخير على تهريب السجاير للجانب الفلسطيني، وحرق سيارات تابعة لقبيلة الترابين كانت مُحمّلة بالسجائر، ما أشعل معارك متتالية بين الجانبين، لكن بعد دقائق تحدث المُعلّق الصوتي عن أن فريق التحقيق توصل إلى مُهرِّب يملك مساحة وساطة تمكّنه من التواصل مع عناصر التنظيم، لإقناعهم بالحديث إلى فريق الجزيرة في سيناء.
في هذا الصدد بالتحديد يتحدث أحد رموز قبلية السواركة (يقيم بالقرب من الشريط الحدودي الذي تنشط عنده عمليات التهريب) مؤكدًا أن العلاقة بين المهربين والتنظيم لا تسمح بالتواصل مطلقا، خاصة مع انهيار التنظيم الواضح للجميع، ففي الماضي كان الجميع يخشى الاحتكاك بعناصر التنظيم بسبب دمويتهم المفرطة، ومن ثمّ كان المهربون يحاولون تلاشيهم، وفي بعض الأحيان يخضعون لقوانينهم الخاصة خشية من أن يكون مصيرهم الذبح، وكان هناك ثمّة تعاون خفيّ بين الجانبين فيما يخص تهريب الأفارقة للأراضي المحتلة مقابل ضريبة على كل فرد، وتهريب بعض السلع إلى قطاع غزة.
يقول المصدر إنه مع تغيّر بعض المعادلات على الأرض خلال العامين الماضيين، منها التفاهم بين الجانبين المصري والفلسطيني بشأن ضبط مناطق الحدود والأنفاق، وسيطرة القوات المسلحة على منطقة الشريط الحدود مع الأراضي المحتلة، وغياب أي تواجد للتنظيم في مدينتي الشيخ زويد ورفح ومحيطهما، فَقَد التنظيم سطوته لدى المهربين وتأثيرهم عليهم، وبدأت الساحة تشهد مواجهات مباشرة بينهما، ليصبح العداء سيد الموقف.
ما زال الحديث على لسان المصدر القبلي (طلب عدم ذكر اسمه)، الذي أكد أن المشهد في سيناء شديد الوضح لدى أبناء القبائل مثل شمس الظهيرة، والجميع يدركون أن وساطة مهرب لدى عناصر التنظيم لمقابلة فريق صحفي "نكته سخيفة" لا يُصدقها طفل صغير، متابعا: "أينعم في فترة من الفترات كان هناك تداخل في المصالح بينهما، لكن الأمر انقلب منذ ما يقرب من عامين".
من وراء تصوير المشاهد
لقطات سريعة، أو بوصف أدق "مسروقة"، ترصد لحظات قصف ليلي للقوات المسلحة، ورصد أقرب إلى التجسس على تحركات الوحدات الأمنية، وتحرك عنصرين قالت القناة إنهما يتبعان تنظيم "ولاية سيناء"، إضافة إلى لقاءين مع مُلثّمين من المفترض أن أحدهما من المجموعات المسلحة المعاونة للقوات المسلحة، وآخر منشق عن تنظيم داعش في سيناء.
المتابع الجيد لشؤون الجماعات الإرهابية في سيناء، لن يجهد تفكيره سوى ثوانٍ قليلة حتى يُدرك أن منابر الإخوان الإعلامية في سيناء هي الطرف الذي يقف وراء تصوير هذه المشاهد، خاصة أن كثيرا من اللقطات والصور نُشر من قبل عبر منصّات تابعة للجماعة الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي، ولعلّ أشهرها قناة "منبر سيناء" عبر تطبيق تليجرام وصفحة سيناء 24، وقد دأبت الصفحتان على نشر مقاطع مصوّرة وصور متطابقة مع ما جاء في تحقيق سيناء حروب التيه.
مُساندة المصادر المذكورة للتنظيم، واعتبارها الجزيرة مرجعا إعلاميا صادقا، جعلهما منفذين لسياسة الجزيرة في سيناء، وموردا مباشرا لإمدادها بالمادة الصحفية اللازمة لتنفيذ التحقيق المُلوّن، وقد نالت تلك المصادر هجوما ورفضا متعددا من رموز قبائل سيناء، وفي مرات عديدة شطحت خيالاتهم في نشر معلومات عجيبة، كان أشهرها نشر "منبر سيناء" أن هناك محاولة للصلح والتهدئة بين تنظيم داعش والدولة بوساطة أحد رموز قبيلة السواركة (نتحفّظ على ذكر اسمه) لكنه نفى الأمر بشكل علني عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وبسبب هذا النفي حذفت الصفحة الإخوانية ادّعاءها المزعوم.
صفحة منبر سيناء الإخوانية
منبر سيناء تنشر عن الجزيرة
حديث منبر سيناء عن فيلم الجزيرة المشبوه