20 مليون مصري لا يعرفون القراءة والكتابة.. لماذا تنتشر الأمية في الدول العربية؟
الجمعة، 20 يوليو 2018 06:00 م
تعتبر «محو الأمية» من أهم متطلبات تنمية المجتمع ودفعه نحو التقدم، كما يعتبر من أهم الحقوق الأساسية للفرد فى جميع المراحل العمرية، وأساس تحسن الحياة بكافة نواحيها الاجتماعية والصحية والاقتصادية، إلى جانب دوره فى زيادة دخل الفرد الشهرى.
تشكل الأمية عائقاً كبيراً أمام تحسين الظروف الحياتية للفرد، وهى مشكلة مزمنة ومعقدة لها عدة أسباب تربوية واجتماعية واقتصادية وتاريخية أيضا، حيث قد تقف الظروف السياسية للدول عائقا أمام برامج التعليم المختلفة.
وتعتبر «الأمية» من أخطر التحديات التى تواجه مصر، حيث تقف حائلا أمام مشروعات الدولة نحو التنمية وزيادة معدلات الإنتاج، ما يؤثر على الأمن القومى للبلاد، إلا أن الدولة أدركت هذا الخطر الداهم مبكرا، فأصدرت العديد من التشريعات والقوانين، من أجل التصدى لخطر الأمية على الفرد والمجتمع.
ومنذ تأسست الهيئة العامة لمحو الأمية فى التسعينات بالقانون رقم (8) لسنة 1991، إلى جانب عدة برامج أخرى منها برنامج المجلس القومى للطفولة والأمومة لمحو الأمية، وبرنامج المؤسسة الثقافية العمالية لمحو الأمية، وبرنامج القناة الفضائية التعليمية، حاولت الوصول إلى نتائج إيجابية، إلا أن جميع المساعى باءت بالفشل، خاصة أن الآليات التى تتبعها الهيئة مثل إلزام طلاب الجامعات بمحو أمية المواطنين بمقابل مادى، أو الاشتراط على المعلمين الجدد بمحو أمية عدد من المواطنين لاستكمال إجراءات التعيين، أثبتت فشلها الذريع فى محو أمية المواطنين.
ووفقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد وصل عدد الأميين فى مصر إلى أكثر من 20 مليون نسمة، وهم يمثلون نحو 24% من تعداد السكان، ما استدعى من الجهاز رصد صعوبات مواجهة الأمية فى الدول العربية، وخاصة فى مصر.
وحول فشل العالم العربى فى السيطرة على الأمية ومواجهتها ببرامج محو الأمية وتعليم الكبار المختلفة، أكد جهاز الإحصاء، أن الزيادة السكانية التى يقابلها ضعف الأنظمة التعليمية وعدم تطبيق التعليم الإلزامى فى بعض الدول العربية، وخاصة مصر يعد أحد أهم أسباب تفشى الأمية بين الناس، وارتفاع معدلات التسرب من المدارس.
كما رصدت دراسة الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدم اهتمام الحكومات العربية بتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية والتربوية فى مختلف المراحل، والاعتماد على برامج هشة غير منظمة وبدون دراسات مسبقة، إلى جانب تدنى مستوى المعيشة، وانخفاض مستوى الدخل لمعظم الأسر العربية، تسبب فى ارتفاع معدلات الأمية بين المواطنين.
قد تكون هناك تشريعات خاصة ببعض الدول العربية مثل مصر لمواجهة خطر انتشار الأمية بين المواطنين، إلا أن الدراسة تؤكد أن عدم الاهتمام بتنفيذ تلك التشريعات، أو إهمال مراقبة إجراءات التنفيذ من جانب المسئولين، وغياب عامل الإلزام المرتبط بتنفيذ تلك البرامج، يعد من أهم أسباب القصر الذى أنتج مجتماعات أمية.
كما أن ضعف ميزانيات التعليم، بالمقارنة بميزانيات التسلح وميزانيات الإنفاق على الإعلام، إلى جانب اتجاه جهود التنمية نحو الاقتصاد والمشروعات الهادفة لتحقيق الربح، وتركز على الاستهلاك أكثر من الإنتاج، بالإضافة للاعتماد على الأساليب القديمة فى برامج محو الأمية ساعدت جميعها فى انتشار الجهل واللاقرائية بالوطن العربى.
وأشارت الدراسة أيضا إلى أن اختلاف مفهوم الأمية بين الدول العربية، وعدم وجود دراسات جادة وحقيقية تعطى التصور الحقيقى لنسب الأمية، والتضـليل الإعلامى، والاهتمام بقضايا أخرى مثـل الإرهـاب، والعنصـرية، والطائفيـة، والأقليات، جاءت كلها على حساب برامج تطوير التعليم، وخاصة «تعليم الكبار».
لم تركز الدراسة التى أعدها جهاز الإحصاء على أسباب تفشى ظاهرة الأمية فى العالم العربى ومصر فقط، إنما تطرقت إلى عدة توصيات لمواجهة الأمية فى سبيل دعم جهود الدول نحو التقدم والنمو، وتحقيق أهدافها من برامج التنمية المستدامة التى تعود بالنفع على الفرد والمجتمع.
وبحسب الدراسة، أوصى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بضرورة تحقيق الاستيعاب الكامل للتلاميذ فى سن الالتحاق بالصف الأول الابتدائى، إلى جانب التصدى لظاهرة التسرب من المدارس، ومساعدة الأسر الفقيرة التى تجبر أطفالها على العمل، فى محاولة للسيطرة على ارتفاع معدلات الأمية، ومن ثم العمل على نشر ثقافة تعلم القرائية للوصول لمرحلة أخرى سبقتنا إليها معظم دول العالم وهى "محو الأمية التكنولوجية".
كما قدم جهاز الإحصاء فى دراسته عدة توصيات أخرى لمواجهة الأمية فى مصر، منها ضرورة الارتقاء بثقافة الإناث، وتشجيع الفتيات على الانتظام فى التعليم، باعتبار التعليم هو الأسـاس للتعـرف علـى حقوقها ومسئوليتها وواجباتها تجاه المجتمع والأسرة، إلى جانب الاستفادة من التقدم العلمى والتقنى لمواجهة الظاهرة عبر الأجهزة الذكية والإنترنت.
كم أوصت الدراسة بزيادة جهود الحكومة للقضاء على ظاهرة تسرب الإناث من مراحل التعليم الأساسية، خاصـة فى الريـف والمناطق العشوائية، وربط التعليم بالعمل فى برامج محو الأمية وتهيئة فرص اكتساب المهارات الـتى يتطلبهـا سـوق العمـل بالتغيرات العالمية الحديثة، إلى جانب ضرورة زيادة الميزانيات المخصصة لبرامج محو الأمية.
وجاء ضمن التوصيات أيضا ضرورة العمل بمراكز الشباب وبالمحليات على رفع الوعى لدى الأميين من الناحية الثقافية والصحية، وتأهيل الأميين من خلال مراكز التأهيل المهنى للعمل على توفير فرص عمل كريمة لهم، بالإضافة لضرورة إجراء المزيد من الدراسات والبحوث التى تساهم فى علاج وتطوير برامج محو الأمية.
وبإعادة النظر لدراسة المقدمة من جهاز الإحصاء بشأن ارتفاع معدلات الأمية بالوطن العربى وخاصة مصر، نجد أننا أمام أزمة حقيقية، فقد عجزت الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، على مدار أكثر من 70 عاما فى محو الأمية القرائية لدى المواطنين، لذا يجب على جميع مؤسسات الدولة التكاتف والتوافق على برامج جديدة أو إعادة هيكلة حقيقية، حتى نصل لحلول مرضية فى سبيل خلق مجتمع مثقف وواع يستطيع مساندة الدولة فى جهودها نحو مستقبل أفضل.
اقرأ أيضا:
التعليم فى مهمة إنقاذ الـ 15 مليارا.. هل يقضي النظام الجديد على الدروس الخصوصية؟
تستهدف عقول الشباب وقلب الوطن.. كيف تستخدم «الشائعات» فى حروب الجيل الرابع؟
ثانى خطر يهدد الدولة بعد الإرهاب.. هل تنجح الحكومة فى التصدى للزيادة السكانية؟