بعد المطالبة بإلغاء «محو الأمية».. هل نحتاج تشريعا جديدا لتحقيق طموحات الدولة؟
الجمعة، 06 يوليو 2018 02:00 ص
تعتبر «الأمية» من أخطر التحديات التى تواجه الدولة المصرية، حيث يمتد تأثيرها إلى معظم النواحى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحضارية، وتقف حائلا أمام مشروعات الدولة نحو التنمية وزيادة معدلات الإنتاج، ما يؤثر على الأمن القومى للبلاد، وأدركت الدولة مبكرا هذا الخطر الداهم، لذا أصدرت العديد من التشريعات، لمواجهة خطر الأمية على الفرد بصفة خاصة، والمجتمع بصفة عامة.
ومنذ تأسست الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار فى التسعينات بالقانون رقم (8) لسنة 1991، حاولت الوصول إلى نتائج إيجابية فى هذا الشأن إلى جانب عدة برامج أخرى منها برنامج المجلس القومى للطفولة والأمومة لمحو الأمية، وبرنامج المؤسسة الثقافية العمالية لمحو الأمية، وبرنامج القناة الفضائية التعليمية، إلا أن جميعها باء بالفشل، خاصة أن الآليات التى تتبعها الهيئة مثل إلزام طلاب الجامعات بمحو أمية المواطنين بمقابل مادى، أو الاشتراط على المعلمين الجدد بمحو أمية عدد من المواطنين لاستكمال إجراءات التعيين، إلا أنها أثبتت فشلها الذريع فى محو أمية المواطنين.
ووفقا لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فقد وصل عدد الأميين فى إلى أكثر من 15 مليون نسمة، يمثلون نحو 24% من تعداد السكان، ما دفع الدولة ممثلة فى وزارتى الشباب والرياضة، والتربية والتعليم، وعدد من الشخصيات العامة ونواب البرلمان، إلى إطلاق حملات جديدة لمحو أمية المواطنين، كما كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى، ضمن توصيات منتدى شباب العالم، اللجنة المنظمةً لوضع استراتيجية لمواجهة التطرف والإرهاب والأمية بداية من 2018، من أجل تحقيق خطط الدولة المختلفة نحو التنمية وخفض معدلات الفقر والجهل، والانتقال لمرحلة محو الأمية التكنولوجية والرقمية التى تتطلبها التغييرات العالمية فى العصر الحالى، ومن ثم اللحاق بركاب الدول المتقدمة.
فشل الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، دفع العديد من نواب البرلمان للمطالبة بحل الهيئة، حيث قال أحد أعضاء لجنة التعليم فى البرلمان، فى وقت سابق، إن القضاء على الأمية يتطلب بداية تغيير الهيئة العامة لمحو الأمية بكل كواردها، إلى جانب تغيير الاستراتيجية التى تسير عليها، مؤكدا أن الهيئة لم تقدم أى نجاحات فى سبيل القضاء على الأمية بمصر، مشيرا إلى أن الهيئة تمحو الأمية بالشهادات فقط، حيث إن جميع الخريجين لم يستفيدوا أو يتعلموا شيئا، رغم تخصيص الدولة ميزانية كبرى لهذا الشأن، مطالبا بوضع خطة جديدة لها جدول زمنى وميزانية محددة، تعمل على مواجهة الأمية، بالإضافة إلى ضرورة التصدى لظاهرة التسرب من المدارس.
وفى سبيل التصدى للأزمة من خلال تشريعيات جديدة، تقدم النائب محمد الحسينى وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، بمشروع قانون لتعديل أحكام القانون رقم 8 لسنة 1991، فى شأن محو الأمية وتعليم الكبار المعدل بالقانون رقم 121 لسنة 2009، مؤكدا أنه على مدار 74 عاما لم تستطع الدولة أن تحقق نجاحا فى هذا الأمر الذى يسئ لوطن يمتد تاريخه لأكثر من 7 آلاف سنة، وحضارته هى الأقدم بين جميع الحضارات.
ويهدف مشروع القانون إلى إدخال 4 مواد جديدة تشمل إلغاء الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار وتسليم أموالها وأصولها إلى الوزارة المختصة بالتعلم قبل الجامعى، مؤكدا أن محو الأمية واجب وطنى ومسئولية قومية تلتزم بتنفيذه وزارة التربية والتعليم بمساعدة ومشاركة باقى الوزارات ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، إلى جانب الشركات والأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات ومنظمات أصحاب الأعمال.
ويستهدف المشروع، تعليم المواطنين الأميين القراءة والكتابة والحساب، للوصول بهم إلى مستوى الإجاد، وإعطاء الكبار قدرا مناسبا من التعليم، لرفع مستواهم الثقافى والاجتماعى والمهنى، لمواجهة المتغيرات والاحتياجات المتطورة للمجتمع، وإتاحة الفرصة أمامه لمواصلة التعليم فى مراحله المختلفة، إلى جانب محو الأمية الهجائية والرقمية لجميع المواطنين غير المقيدين بأى مدرسة، وفى كل الأعمار، مع وضع خطة محكمة لمنع التسرب من التعليم.
ويمنح مشروع القانون، الوزارة المختصة سلطة تحديد مراحل التنفيذ، ومدة وأهداف كل مرحلة، وتحديد ما يلزم للخطة من قدرات بشرية ومادية وفنية ومالية وحوافز تشجيعية واقتراح وسائل تمويلها، إلى جانب حصر الأميين وتصنيفهم وتحديد المدة اللازمة لمحو أميتهم وأوقات الدراسة والوسائل اللازمة لتنفيذ ذلك، مع وضع القواعد والشروط المناسبة لاختيار المعلمين وإقرار نظام الدراسة، بالإضافة إلى سلطة تقدير قبول المعونات والتبرعات والهبات لأغراض محو الأمية وتعليم الكبار.
فيما يلزم مشروع القانون، المحافظين بوضع الخطط التنفيذية المناسبة، بالتنسيق مع الوزارة المختصة، لمحو أمية المواطنين داخل كل محافظة خلال مدة زمنية محددة، مع منح كل محافظ إمكانية اتخاذ ما يلزم من أجل تشجيع الجهود المجتمعية للمشاركة فى تنفيذ خطط محو الأمية وتعليم الكبار، إلى جانب ضرورة إتاحة الأرقام والإحصائيات التى توضح أعداد الأميين والمتسربين من التعليم داخل كل محافظة أمام الجهات التنفيذية ومنظمات المجتمع المدنى المشاركة فى التنفيذ، بالإضافة لوسائل الإعلام التى عليها دور كبير جدا فى نشر الوعى المجتمعى بأهمية التصدى للأزمة، وتوعية المجتمع بكل فئاته بضرورة المشاركة فى برامج محو الأمية ودورها فى تنمية كافة قطاعات الدولة.
وبعيدا عن مشروع القانون المقدم للبرلمان، نجد أننا أمام أزمة حقيقية، حيث إن الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار، قد عجزت على مدار أكثرمن 70 عاما فى تحقيق طموحات الدولة نحو التنمية، من خلال محو الأمية القرائية لدى المواطنين، سواء من فاتهم قطار التعليم، أو من تسربوا من المدارس، أو حتى الذين وقفت أمور الحياة الاقتصادية والاجتماعية والظروف الخاصة حائلا أمام تعليمهم، لذا علينا جميعا التكاتف والتوافق على برامج جديدة أو إعادة هيكلة حقيقية، حتى نصل لحلول مرضية فى سبيل خلق مجتمع مثقف وواع، قادر على مواكبة العصر ومن ثم سرعة اللحاق بعصر التطور التكنولجى الهائل الذى يعيشه العالم الآن.
اقرأ أيضا:
لمنع تهريب المواد البترولية للسوق السوداء.. كيف تتصدى الدولة لـ«مافيا الوقود»؟
الطريق إلى اليابان.. هل تعيد «المدارس اليابانية» مشروع محمد علي للتعليم في مصر؟
رئيس بيقتل شعبه.. متى يتوقف زعيم كوريا الشمالية عن قراراته الديكتاتورية؟