حالات بطلان استقالة الموظف.. وخطوات العدول عنها
الجمعة، 20 يوليو 2018 12:00 م
عادة ما يتقدم الموظف بإستقالته وتقبل الجهة الادارية ذلك، حيث أنها ليست عملية تعاقدية بين الطرفين تنتهى بها خدمة الموظف، إنما هى عملية إدارية، يلجأ إليها الموظف ويثيرها بتقديم الاستقالة، وبها تنتهى خدمة الموظف بذلك القرار الإدارى الصادر بقبول طلب الاستقالة الذى هو سبب هذا القرار.
بينما المتعارف عليه أن عملية طلب الاستقالة يُعد مظهر من مظاهر «إرادة الموظف» فى اعتزال وترك الخدمة، بينما قرار قبول طلب الإستقالة هو بدوره مظهر من مظاهر «إرادة الرئيس» الإدارى فى قبول هذه الاستقالة وإحداث الاثر القانونى المترتب عليها.
وفى هذا الشأن، يقول الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أن مسألة تعبير الموظف عن استقالته لا يتم من خلال «الإخبار»، حيث أن التعبير عن عملية الإرادة تحمل فى طياتها جميع مقومات وعوامل التصرف القانوني، فكل موظف يتعين عليه أن يكون على بينة ودارية كاملة من أمره، وتكون حريته فى تقديم استقالته كاملة، فلا يؤخذ أو يعتد بالاستقالة الصادرة بناء على غلط أو تدليس، أو بناء على وعيد وتهديد صادر من جهة الإدارة بإيقاع وإحداث الأذى للموظف دون حق حتى ولو لم يصبه أذى فعلي، لذلك يتعين فى جميع الأحوال أن تكون الاستقالة واضحة الدلالة على رغبة الموظف المؤكدة فى ترك العمل نهائيا، بمعنى أن تكون خالية من الإبهام والغموض، فالاستقالة لا تفترض الاستقالة.
هل هناك عوامل لبطلان الإستقالة؟
كان لزاماً وفقاَ لـ«الجنزورى» فى تصريح لـ«صوت الأمة» أن يصدر طلب الاستقالة وقرار القبول برضاء صحيح، يفسده ما يفسد الرضا من عيوب حيث أنه من ضمن العيوب المفسدة والمبطلة لـ «الاستقالة»، عيب «الإكراه» إذا توافرت عناصره وأركانه، وهناك صور عديدة للإكراه منها أن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة فى نفسه دون حق، أو اتهامه فى واقعة تنال من عرضه وشرفه خشية من أن يشيع هذا الاتهام ويلحقه الأذى من جرائه، فيحدث دون روية وتحت تأثير هذه الرهبة فيتقدم بطلب الأستقالة أثناء التحقيق، وقبل انتهائه لتصوره بأن هناك خطراً جسيماً عليه.
وبحسب «الجنزورى» يراعى فى تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية، وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر فى جسامته، وبما أن الاكراه عيب مؤثر فى صحة القرار الإدارى فانه يخضع لتقدير القضاء فى حدود رقابته المشروعية للقرارات الإدارية، وحال تقديم الاستقالة تحت وطأة ظروف وقيود معينة، ثم العدول عنها خلال الفترة القانونية المسموح بها، يتعين معه إهدار تلك الاستقالة و عدم التعويل عليها ويكون صحيحاً أن سبب التقدم بها هو عدم احتمالية الظرف الذى وقع فيه الموظف حال التقدم بها لصدوره بناء على طلب أو ضغط نفسى شديد لا يعبر صدقاً وحقاً تعبيراً سليماً عن إرادة حرة.
متى يحق للموظف العدولة عن الاستقالة؟
هناك العديد من الضمانات التى منحها المشرع للموظف فى حق العدول عن استقالته خلال مدة أو مهلة 14 يوماَ، حيث تبدأ فى التاريخ التالى لتقديم طلب الاستقالة، ويكون اليوم التالى لها هو يوم قبول الاستقالة حكماً بموجب القانون، وقد أحسن المشرع فى صياغة هذا النص من وجهين، الوجه الأول أنه قدر مدة أسبوعين فقط لاعتبار الاستقالة مقبولة بموجب القانون، وهى مدة عادلة ومنصفة للطرفين، فهى فى الغالب ليست مدة طويلة تؤدى إلى الإضرار بالموظف أوضياع السبب الذى قدم من أجله الاستقالة.
وفى الوقت ذاته، هى فرصة مناسبة وكافية جداً لجهة الإدارة، وبالتالى يكون المشرع قد وازن بين مصلحة الطرفين فى الاستقالة موازنة جيدة وفى حال قيام الموظف بالتعبير عن رغبته فى سحب الاستقالة، فهناك صورتان الأولى سحب الاستقالة قبل صدور قرار القبول وقبل مضى المهلة، والثانية سحب الاستقالة بعد صدور قرار القبول أو بعد مضى المهلة، ففى حال طلب الموظف سحب استقالته قبل صدور القرار وقبل مضى المهلة يمكن القول بأن إرادة الموظف لم تصادف قبولاً من الإدارة.
وبالتالى لاتزال استقالته غير منتجة لأى أثر قانوني، لكونها مشروطة بصدور قرار قبول الاستقالة، فلاتزال استقالة الموظف خاضعة له ومن حقه تعديلها أو إلغاؤها بالصورة التى توافق إرادته، ولهذا يشترط ألا تكون الاستقالة وليدة تسرع أو عدم ترو، وأن عباراتها تكون قاطعة الدلالة على رغبة الموظف فى ترك العمل، أما فى حالة قيام الموظف بالعدول عن الاستقالة خلال فترة وجيزة، فهذا لا يستفاد منه الرغبة المؤكدة على إنهائه علاقته بوظيفته، وإنما على العكس تدل على عدم جدية الاستقالة حتى وأن صادف الطلب المقدم منه عبارات قاطعة الدلالة على رغبته فى ترك العمل، وفى كل الأحوال لا يجوز قبول استقالة الموظف إذا كان قد أحيل إلى التحقيق أو أوقف عن العمل أو اتخذت ضده أى إجراءات تأديبية أخري، فإذا انتهت هذه الإجراءات إلى عدم مسئوليته أو مجازاته بغير عقوبة الفصل جاز قبول استقالته.
قانون العمل
المادة 119 من قانون العمل تنص على: « لا يعتد بإستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة، ووللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطار صاحب العمل للعامل بقبول الاستقالة وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن».
تنص المادة 696 من القانون المدنى على:
1-يجوز الحكم بالتعويض عن الفصل ولو لم يصدر هذا الفصل من رب العمل، إذا كان هذا الأخير قد دفع، وعلى الأخص بمعاملته الجائزة أو مخالفته شروط العقد، إلى أن يكون هو فى الظاهر الذى أنهى العقد.
2-ونقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذى كان يشغله لغيرما ذنب جناه، لا يعد عملاَ تعسفياَ بطريق غير مباشر إذا ما اقتضته مصلحة العمل، ولكنه يعد كذلك إذا كان الغرض منه اساءة العامل.
وتنص المادة 76 من قانون العمل على:
«لا يجوز لصاحب العمل أن يخرج على الشروط المتفق عليها فى عقد العمل الفردى أو اتفاقية العمل الجماعية، أو أن يكلف العامل بعمل غير متفق عليه إلا إذا دعت الضرورة إلى ذلك منعاَ لوقوع حادث أو لإصلاح ما نشأ عنه أو فى حالة القوة القاهرة، على أن يكون ذلك بصفة مؤقته، وله أن يكلف العامل بعمل غير المتفق عليه إذا كان لا يختلف عنه اختلافاَ جوهرياَ بشرط عدم المساس بحقوق العامل».
تنص المادة 5/2 من قانون العمل على:
«وتقع باطلة كل مصلحة تتضمن انتقاصاَ أو إبراءاَ من حقوق العامل الناشئة عن عقد العامل خلال مدة سريانه أو خلال 3 أشهر من تاريخ انتهائه متى كانت تخالف أحكام هذا القانون».
أحكام النقض والمحاكم العمالیة
نقل العامل لعمل أخر غير المتعاقد عليه دون بيان القوة القاهرة لا يجوز: «أنه إذا لم يقدم رب العمل الدليل على قيام الضرورة التى اقتضت تشغيل العامل فى عمل يختلف اختلافا جوهريا عن عمله الأول.. وكان العامل قد امتنع عن القيام بالعمل الذى كلف به مما اضطر صاحب العمل أى فصله فان هذا الفصل يكون قد وقع بلا مبرر». شئون عمال القاهرة جلسة 1955/10/2 مدونة الفكهانى ج 1 ص
رأى الفقه
واجه المشرع بنص المادة 1/696 مدنى حالة شائعة الحدوث فى الحياة العملية.. إذ يحتاط صاحب العمل إلى ما قد يواجهه من مشاكل وعلى الأخص من اجراءات قضائية يستتبعها إلزامه بالتعويض عما أصاب العامل من ضرر جراء انهاءه العقد بلا مبرر.
ومن تطبيقات هذه الحالة ما قررته المادة 2/696 مدنى أن يعمد صاحب العمل إلى نقل العامل إلى مركز أقل ميزة أو ملاءمة من المركز الذى كان يشغله لغير ما ذنب جناه متى كان الهدف من وراء ذلك النقل الإساءة إلى العامل.
مشار إليه – المستشار عبد المنعم الشربينى – ص 191 – ج 12 – شرح القانون المدنى قضى أنه يعتبر الفصل تعسفيا إذا وقع لمجرد امتناع العامل عن أداء العمل الذى يختلف اختلافا جوهريا عن عمله المتفق عليه نظرا لما يتضمنه من استكراه واضح للعامل على ترك العمل.
القاهرة الابتدائية القضية رقم 1412 لسنة 54 ق تجارى جلسة 1955/5/29: «العبرة فى سلامة قرار فصل العامل وما إذا كان صاحب العمل متعسفا فيه من عدمه بالظروف والملابسات التى تحيط به وقت صدوره»
الطعن رقم 5470 لسنة 75 ق – جلسة 9 / 3 / 2006 أن الاستقالة من جانب العامل يعتبر تخليا منه عن العمل بإرادته وتسوغ حرمانه من حقوقه اللهم إلا إذا كان مدفوعا اليها باجراءات تعسفية من جانب رب العمل فى الحدود الواردة فى المادة 696 مدنى فعندئذ يستوى مع حالة الفصل التعسفى.
القاهرة الابتدائية د / 9 عمال القضية رقم 939 لسنة 53 ق- د. عبد الحكم فوده – التعويضات – ج 2 ص 217: «متى كان الحكم المطعون فيه قد جرى فى قضائه على أن العامل لم يترك العمل فور تقديم استقالته أو قبولها بل استمر يباشره بأمر مخدومه الذى طلب اليه الاستمرار فيه مدة معينة ورتب على ذلك أن العقد لا يكون قد انتهى فعلا إلا فى نهاية هذه المدة فإنه لا يكون قد خالف أحكام القانون طعن رقم 86 لسنة 30 ق جلسة 1964/12/23 س 15 ص 12.
اقرأ أيضا: