هل تستعيد سوريا سيادتها على الجولان؟.. خبير عسكري يجيب

الجمعة، 20 يوليو 2018 10:00 ص
هل تستعيد سوريا سيادتها على الجولان؟.. خبير عسكري يجيب
سوريا- أرشيفية

يعتبر اتفاق بلدات القنيطرة، الذي أعلن عنه الخميس، والقاضي بخروج المسلحين الرافضين للتسوية من محافظة القنيطرة إلى إدلب، بمثابة فتح الباب أمام مفاوضات لا بد أن تنتهي باستعادة الدولة السورية سيادتها على الجولان المحتل.
 
هكذا يعتبر الخبير العسكري، العميد المتقاعد علي مقصود، فيقول، إن اتفاق بلدات القنيطرة الذي أعلن عنه اليوم الخميس والذي يقضي بخروج المسلحين الرافضين للتسوية من محافظة القنيطرة إلى إدلب، "بما تضمنه من العودة إلى خطوط فصل القوات السورية والإسرائيلية قبل عام 2011"، يفتح الباب أمام مفاوضات لا بد أن تنتهي باستعادة الدولة السورية سيادتها على الجولان المحتل، بما أصبحت تمتلكه الدولة السورية من أوراق قوة كاسرة للتوازن في ظل فقدان إسرائيل كل أوراق قوتها في الجنوب السوري".
 
وأضاف العميد مقصود، في تصريحات نقلتها وكالة "سبوتنيك": هناك متحولات جوهرية وظروف موضوعية ولد وسطها هذا الاتفاق، نتيجة خرق قواعد الاشتباك وهدم خط فصل الاشتباك نفسه من قبلها من خلال تبنيها ودعمها للمجموعات الإرهابية المسلحة طيلة هذه السنوات لأهداف تتعلق بإنشاء منطقة عازلة اعتقدت أنها قد تنجح بتأمين الحماية لها.
 
كما أن اتفاق فصل القوات كان ينص على تحديد نوع القوات التي تنتشر في المنطقة العازلة والأسلحة المسموح بانتشارها وحتى القوام البشري المتواجد في هذه المنطقة، ولكن طالما تمت استعادة هذه البلدات باستخدام مختلف صنوف الأسلحة والقوات السورية وهو ما فرضه واقع المواجهة مع الإرهاب، فهذا أصبح متحولا ثابتا وأمرا واقعا وانقلابا في كل المعادلات العسكرية والاستراتيجية والنفسية والسياسية، فبدلا من أن يكون الطرف الإسرائيلي يملك الأوراق الأقوى والردع الاستراتيجي، فقد كل عناصر قوته، لأن هذه الإنجازات الكاسرة للتوازن انتزعت كل أوراق الضغط الإسرائيلي بل فرغتها من أي رصيد يمكن استخدامه في مفاوضات الانسحاب من الجولان، وبالتالي ستنعكس هذه الإنجازات على أية عملية سياسية وتفاوضية حول عودة الجولان إلى السيادة السورية.
 
واعتبر العميد مقصود أن "اتفاق بلدات القنيطرة" يمثل انتصارا كبيرا للجيش السوري وحلفائه وأصدقائه، وهزيمة كبرى للإرهاب وأدواته والدول الداعمة والمشغلة له، وخاصة عندما يسلم "الكيان الصهيوني" بهذا النصر السوري وهو في حالة من القلق من أن يستمر تقدم الجيش السوري متجاوزا خطوط فصل القوات، ما قد يؤدي إلى تغير قواعد الاشتباك في ظل تصدع الردع الاستراتيجي الإسرائيلي، وهذه المعادلة لا تستطيع إسرائيل تحمل تداعياتها، وبالتالي عادت إسرائيل إلى تبني خطاب لا يحمل مطالب سياسية وإنما يعبر عن هواجس أمنية وخاصة فيما يتعلق بوجود "حزب الله" أو القوات الإيرانية على حدود الجولان المحتل، كما أن المصالحات والتسويات هي تعبير عن هزائم الإرهاب وداعميه، وتسليم إسرائيلي بهذه الهزائم، ولكن يراد حفظ ماء الوجه بالمطالبة بالعودة إلى "خطوط فصل الاشتباك".
 
وأضاف العميد مقصود: بالتالي لا يمكن النظر إلى ما يحدث في بلدات القنيطرة، عاصمة الجولان السوري، على أنها منفصلة عن بقية المناطق الاخرى جغرافيا او جيوإستراتيجيا، فاتفاق بلدات القنيطرة يأتي ليعبر عن تداعيات الانتصار الكبير الذي تجسد باستعادة تل الحارة الاستراتيجي وبعده قرية المال وتل المال وقبلها استعادة تل قرين وتل عنتر والعلاقية، وكذلك تحرير مسحرة وتل مسحرة وهي البوابة التي تطل على حدود الجولان والخزان الذي كان يؤمن الإمدادات والأسلحة والدعم اللوجسيتي للفصائل الإرهابية المسلحة في كل الاتجاهات.
وتابع العميد مقصود بالقول: الذي أصاب بلدات القنيطرة بعد تحرير مسحرة وتلها، أصاب مدينة نوى بعد استسلام مسلحي جاسم وإنخل وكفرشمس وأم العوسج وكفر ناسج، وتقدم الجيش وسيطرته على تلة أم حوران الاستراتيجية التي ترتبط بنوى، وتحكم كل الطرق والساحات داخل نوى، ما دفع الفصائل المسلحة إلى الموافقة على اتفاقيات المصالحة والتسويات، والاستعداد للوقوف مع الجيش صفا واحدا في محاربة جبهة النصرة، "وهذا السيناريو أصبح جاهزا ليطبق على بلدات القنيطرة، وبالتالي يكون الجولان فعلا استعاد كرامته وسيادته عبر سيطرة الجيش السوري، وعودة مؤسسات الدولة، وهذه العودة تعبر عن قوة الدولة السورية في هذه المرحلة التي تجاوزت حدود موازين القوة وأصبحت كاسرة للمعادلات الاستراتيجية.
 
وتابع العميد مقصود بالقول: إن انتصارات سوريا وحلفائها وخاصة في معركة الجنوب السوري، خلقت متحولات ومتغيرات ضربت النظام الدولي في الصميم وخلقت حالة من تصدع الأحادية القطبية الأمريكية التي سعت لقيادة العالم ومصادرة القانون الدولي حسب المشيئة الأمريكية، ومع سقوط كل هذه العناوين فإن عودة "قوات الاندوف" إلى خطوط فصل القوات، تشي بأن اتفاقا أمميا قد تم لجهة التسليم بانتصار سوريا وتعبيرا من المجتمع الدولي على إظهار حسن النية، لأن المشكلة الأساسية لسوريا هي مع "العدو الإسرائيلي"، وعودة الاندوف تأتي منسجمة مع أهداف الدولة السورية بتحرير كامل التراب السوري من الإرهاب.

تهريب داعش إلى التنف
وبين العميد مقصود أن هناك تعتيم إعلامي على الجيب الداعشي المتبقي في حوض اليرموك بالقنيطرة منذ وصول الجيش السوري إلى حيط وهي أولى البلدات التي تعتبر خط التماس مع حوض اليرموك، الذي يضم بلدات حيط وتسيل وسحم الجولان والشجرة ونافعة وعدوان، موضحا أنه عندما رفض مسلحو طفس المصالحة ونقضوا الاتفاق الذي توصل إليه الطرف الروسي معهم، أعلنوا بيعتهم لتنظيم "داعش" الارهابي (المحظور في روسيا)، وهذه المبايعة كانت سيناريو إسرائيليا هدف ليؤمن فتح الأبواب لمقاتلي "داعش" لرمي راية "تنظيم الدولة الإسلامية" وحمل راية هذه الفصائل ليفتح لهم باب الخروج من مناطق سيطرتهم إلى خارج سوريا، مؤكدا فرار عدد كبير منهم باتجاه بادية السويداء ليخرج باتجاهات أخرى خارج الحدود، وأن بعضهم سيخرج إلى إدلب تحت رايات أخرى، وبعضهم خرج بالفعل تحت راية قوات تابعة للولايات المتحدة، فإعلان أمريكا عن إبعاد 3 فصائل من محيط قاعدة التنف هي "مغاوير الثورة" و"أسود الشرقية" و"لواء شهداء القريتين"، كان تعبيرا عن قناعتها بأن هذه المعركة حسمت ولم يعد من إمكانية للاستثمار في "داعش" ولا في قاعدة التنف التي أصيبت بالشلل، وهذه الخطوات الأمريكية تأتي لحفظ ماء الوجه مستبقة عملية الانهيار النهائي، لأن إسرائيل لا تستطيع تحمل معركة يخوضها الجيش باتجاه هذا الجيب الذي لا يزيد عن 7 % عن كامل مساحة حوران، ولأن أية عملية ينفذها الجيش لسحق هذا الجيب، لن تستغرق أكثر من ساعتين وستكون معركة تكسير عظام، وهذا ما دفع بإسرائيل لاستباق هذا السيناريو بترحيل الدواعش تحت رايات وعناوين مختلفة، وفي المقابل سوريا لا تمانع حقن الدماء وتجنيب المزيد من البنى التحتية التعرض للدمار والتخريب، وما يهمها هو تحرير أرضها وبسط سيادتها على كامل ترابها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق